تسببت قضية المواطن المصري أحمد الجيزاوي، محامي، في إحداث تطورات خطيرة بملف العلاقات المصرية السعودية، بتهمة إهانة الذات الملكية، وحيازة مخدرات، بما دفع الشباب المصري لاتخاذ مواقف أكثر حدة ضد المملكة العربية السعودية، وتنكيس علمها من أمام سفارتها بالقاهرة، الامر الذي جعل السلطات السعودية تقدم على سحب سفيرها، وإغلاق قنصلياتها من مصر، في رد فعل قوي على ما قام به الشباب المصري من تجاوزات في حق المملكة. وتفجرت تعليقات شباب الثورة وكافة الائتلافات المختلفة، وعدد كبير من قادة الرأي العام والمثقفين ضد المملكة العربية السعودية، وتصرفها مع المواطن المصري الجيزاوي، منتقدين إهانة المصريين بالسعودية، ومنددين بموقف المملكة من الجيزاوي، مطالبينها في الوقت ذاته بضبط النفس، واحترام المواطنين المصريين. وطالبت جماعة الإخوان المسلمين بضرورة تشكيل فريق مصري للمشاركة في التحقيقات مع "الجيزاوي"، مطالبين المملكة العربية السعودية بإعادة النظر في قرار سحب السفير. وبررت الجماعة في بيان لها موقف الشباب المصري بأنه حاول أن يعبر عن تعاطفه بشتى السبل مع الجيزاوي، وأنه أشعر بمدى امتهان كرامة المصريين بشكل عام، فأقدم على مثل تلك الخطوات، مؤكدة على عمق العلاقة بين البلدين، على اعتبار ان المملكة العربية السعودية حلف استراتيجي لمصر. ومن جانبه، قال د.عبدالمنعم أبوالقتوح، المرشح للإنتخابا الرئاسية، إن قضية أحمد الجيزاوي، ليس قضية فرد بل قضية كرامة وطن ومواطنين، في الوقت الذي تقدم فيه عدد من نواب البرلمان المصري بجملة من البيانات العاجلة للجنة الشئون العربية والخارجية بمجلس لشعب، لمتابعة الموقف.. يأتي ذلك تزامنا مع تأكيدات وزارة الخارجية المصرية على أن الوزارة ألزمت السفارة المصرية هناك والقنصلية بمتابعة الموقف، وإجراء كافة الاتصالات مع المسئولين هناك، لحماية كرامة المواطنين المصريين. وأكد خالد علي، المرشح الرئاسى، أن السلطة المصرية مازالت تعامل الجاليات المصرية بنفس أسلوب النظام القديم، وهو أسلوب اللامبالاة دون إدراك منها أن الشعب قد قام بثورة ليستعيد كرامته فى الداخل والخارج، ونتيجة لذلك اضطر الشعب المصرى أن يتدخل لحل قضية الجيزاوى بتجمهره حول السفارة السعودية بدلا من حلها دبلوماسيا. وأضاف على: " وبدلا من أن تقوم السلطات المصرية سواء عن طريق السفارة المصرية فى السعودية أو عن طريق وزارة الخارجية بتوضيح تطورات قضية الجيزاوى منذ أول يوم، تركوا لنا التكهن وكأننا دون حكومة. ولذلك يجب على مصر سحب السفير المصرى والتحقيق معه لتقصيره فى أداء مهامه فى رعاية المصريين بالسعودية. فقد خرج علينا السفير مرددا الإتهامات السعودية للجيزاوى دون أن يكلف نفسه عناء الإنتظار ومحاولة الإستماع إلى الجيزاوى وحقيقة القبض عليه وتعرضه للتعذيب ". وأشار علي أن السفير لم يحاول أن يتيقن من رواية السلطات السعودية وهل هى حقيقية أم محاولة لتشويه صورة الجيزاوى الذى حاول عن كثب أن يدافع بقوة وإصرار عن المعتقلين المصريين داخل السجون السعودية وكيف تم توقفه برغم خروجه بدون أى متاعب من مطار القاهرة.. منددًا بممارسات المملكة السعودية التى تهربت من حل القضية بالطريقة العادلة الى محاولةاختلاق أزمة دبلوماسية لن تحل المشكلة وانما قد تزيد من تعقيداتها. واستنكرت حركة شباب 6 إبريل "جبهة أحمد ماهر" موقف المملكة العربية السعودية من قضية المحامي المصري، أحمد الجيزاوي، معتبرة أن القضية في مجملها "ملفقة". ورفض أحمد ماهر، المنسق العام للحركة، موقف المملكة، قائلا "لا يجب أن ترضخ مصر لمثل هذا النوع من الضغط السياسي عليها، ولابد أن تحمي كرامة المصريين، وتدعم مواقفهم". وكما رفض قيام الدكتور كمال الجنزوري، رئيس مجلس الوزراء بالاعتذار للمملكة العربية السعودية عما حدث من الشباب المصري من تظاهرات ومسيرات أمام وسفارة المملكة العربية السعودية خلال الأيام الأخيرة، واصفًا دور وزارة الخارجية ب "السلبي"، مطالبًا إياها باتخاذ قرارات ومواقف أكثر جدية، لحماية كرامة المواطنين المصريين عقب الثورة. جدير بالذكر أن السعودية، وهي الحليف العربي الرئيسي لمصر اقتصاديا، قد حافظت علي ترتيبها كأكبر سوق للصادرات المصرية، وهو المركز الذي حققته في عامي2010 و2011، بعد أن استقبلت صادرات بنحو931 مليون جنيه في يناير الماضي، بنمو 30% عن يناير2011، وحلت ليبيا في المركز الثالث، بقيمة 639 مليون جنيه. وفي المقابل، ظهرت مطالب بالتهدئة، وضرورة نقد السياسات المتبعة وليس نقد الشعوب، وهي المطالب التي عبر عنها المخرج المصري عمرو سلامة، والذي حذّر من تكرار مشكلة الجزائر مرة أخرى، بعد أن كادت مصر تفقد علاقتها مع دولة الجزائر الشقيقة بسبب مبارة كرة القدم التي أجريت بينهم في السودان، وتعدي الجمهوري الجزائري على المصريين يومها. وكانت العلاقات المصرية السعودية قد شهت نوعًا من الجل في أعقاب تنحي الرئيس السابق، حسني مبارك، تزامنًا مع ما أِشيع حول رفض المملكة دعم مصر إلا في حالة الافراج عن الرئيس السابق.. كما أن بداية العلاقة بين مصر وطهران تسببت في إثارة أزمة بينها وبين عدد من الدول العربية خاصة السعودية، كما أن إقدام مصر على محاكم الرئيس المخلوع، حسني مبارك، تسبب في قيامها بالتلويح عن إيقاف مساعداتها لمصر، وهو الأمر الذي نفاه أكثر من مسئول مصر، مؤكدًا على عمق العلاقة بين مصر والمملكة، والتي لم تتأثر علاقة مصر وطهران، مدللا ذلك بطرح مصر لمناقصة لتنفيد مشروع الربط الكهربائي المصري السعودي لتبادل الطاقة بين البلدين في إطار منظومة الربط بين شبكات الدول العربية باستثمار يبلغ قيمته 1.5 مليار دولار، فضلا عن تقديم المملكة العربية السعودية في 22 مايو 2011 حزمة مساعدات تبلغ 4 مليار دولار تعهدت السعودية بتقديمها لمصر تتضمن وديعة في البنك المركزي المصري بمليار دولار وشراء سندات بقيمة 500 مليون دولار. وهذه الحزمة خصصتها الحكومة المصرية لعدم الاقتصاد.