قبل شهرين اثنين فقط من انهيار بورصة الصين، كانت بكين تقود حملة دولية للإطاحة بالنظام المالي العالمي بتأسيس مصرف استثماري عملاق في آسيا، للتخلص من نظام مالي عالمي يهيمن عليه الأمريكيون. وفقدت الأسهم في الصين نحو ثلث قيمتها منذ يونيو الماضي، لتدفع الأزمة أسعار النفط إلى تسجيل أدنى مستوى منذ 2009، مسجلة 40 دولارًا للبرميل فبكين هي ثاني أكبر مستورد للنفط بعد الولاياتالمتحدة، بنحو 6 ملايين برميل يومًيا الصين كانت الملاذ الدائم للاقتصاد العالمي وقت الأزمات وهي المحرك الرئيسي للنمو العالمي في ظل النمو الباهت لأسواق المنطقة الأوروبية، فألمانيا لم تنمو إلا بنسبة 0.4% في الثلاثة أشهر المنتهية في يونيو، وبريطانيا سجلت نموًا في الفترة ذاتها بنسبة 0.7%، وهو ذات المستوى الذي سجله الاقتصاد الفرنسي. قوة الصين الاقتصادية، جعلها تقرر الوقوف في وجه الهيمنة الأمريكية الاقتصادية مطلقة مشروع المصرف العملاق الذي جاء بعد عام واحد، فقط من مشروع "بريكس"، الذي قصر الانضمام إليه على الدولة النامية في خطوة لم ترحب بها الولاياتالمتحدة وشركائها الأوربيون. العلاقات بين الصين وأمريكا تجارية بامتياز، فمنذ استئناف التجارة الثنائي بين الصينوالولاياتالمتحدة في عام 1979 بعد توقيع البلدين اتفاق تجاري بلغ حجم التبادل سوى 2.4 مليار دولار أمريكي، أما الآن فيبلغ حجم التجارة الثنائية ما يقرب من 400 مليار دولار أمريكي. وارتفعت حيازات الصين من سندات الخزينة الأمريكية لترتفع من 900 مليون دولار أمريكي لتصل في يونيو إلى 1.271 تريليون دولار أمريكي، وفقا لما أظهرت بيانات أخيرة صادرة عن وزارة الخزانة لتبقى بذلك أكبر حامل للديون الحكومية الأمريكية. وفي ذات السياق، ترتبط روسياوالصين بعلاقات قوية للغاية، حيث أعلنت الأخيرة أنها تتحرك بالتعاون مع دول منظمة شنغهاي ومجموعة البريكس، لبناء نظام جديد في العلاقات الدولية، وقوّة سياسية واقتصادية يمكن أن تواجه قوة ونفوذ الغرب. وتضم مجموعة بريكس روسياوالصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، فيما تضم منظمة شنغهايروسياوالصين وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، ودول تتمتع بصفة مراقب بينها منغوليا والهند وباكستان وأفغانستان وإيران، التي طلبت الانضمام لعضوية المنظمة. الصين حلّت محلّ اليابان والهند كأكبر شريك تجاري للولايات المتّحدة في عاميّ 2004 و2008، على التوالي، ثمّ أصحبت أكبر شريك تجاري للبرازيل في عام 2009. وتُعدُّ الصين أيضًا أكبر مصدَر للولايات المتحدة. أما الفائض في الميزان التجاري الأمريكي الصيني في عام 2008، فقد بلغ 266.3 مليار دولار لصالح الصين. وبدأ مسلسل هبوط بورصة الصين في 12 يونيو 2015، إلا أنها تحسنت مطلع يوليو مع سلسلة من الإجراءات الحكومية، وذلك بعدما فقدت ثلثي قيمة أسهمها في غضون شهر واحد، أي ما يقارب 2 تريليون دولار أمريكي. وقال تقرير لمؤسسة "ساكسو بنك" إن الانهيار الحالي في أسعار السلع دفع بمؤشر "بلومبرج" للهبوط إلى أدنى مستوى له منذ 13 عامًا، حيث تدهورت أسعار المعدن الأصفر ليسجّل أقل سعر له في خمس سنوات، وقد تسببت المخاوف بشأن مستقبل نمو الاقتصاد الصيني في الإقبال الهائل على بيع المعادن الثمينة والصناعية. وأضاف أن ما حدث بالبورصة الصينية ترك أثرًا سلبيًا على ثقة المستهلكين الضعيفة أصلاً، وبعد الانتعاشة الكبرى لأسواق الأسهم عقب القفزة الكبيرة في أسعار العقارات، يسعى الآن العديد من المستثمرين والمستهلكين في الصين إلى الاحتفاظ برءوس الأموال أكثر من إنفاقها. الدول الأوروبية، حاولت من جانبها طمأنة الاقتصاد الدولي، رغم أن خسائر أوروبا وحدها بلغت 450 مليار يورو منذ هبوط أسواق الصين، حيث قال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند إن الصين ستجد الحلول الملائمة التي ستكفل نمو اقتصادها، وهو ما أكدته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فالتي قالت إنها على ثقة بأن الصين ستفعل ما في وسعها لتحقيق استقرار أوضاعها. ولم تكن البورصة الأمريكية ببعيدة عن الخسائر حيث انخفضت القيمة السوقية لشركة "أبل" وحدها بمقدار 90 مليار دولار بسبب التباطؤ في الصين.