يبدو أن الاقتصاد العالمي يسير بقوة نحو أزمة مالية جديدة بدأت إرهاصاتها مع انهيار الأسهم في الصين التي فقدت نحو ثلث قيمتها منذ يونيو الماضي، لتدفع الأزمة أسعار النفط إلى تسجيل أدنى مستوى منذ 2009، مسجلة 40 دولارًا للبرميل فبكين هي ثاني أكبر مستورد للنفط بعد الولاياتالمتحدة، بنحو 6 ملايين برميل يومًيا. وهبط مؤشر شنغهاي الرئيسي إلى مستوى 3481 نقطة مقابل نحو 4000 نقطة مطلع شهر أغسطس، لتفقد السوق نحو ثلث قيمتها في شهرين اثنين فقط. وأعلن بنك الشعب الصيني الأسبوع الماضي أنه ضخ 120 مليار يوان في أسواق المال، من خلال عمليات السوق المفتوحة، بهدف ضمان السيولة في الأسواق، وزيادة السيولة النقدية؛ مما سيساعد في استقرار السوق". كانت الحكومة قد اشترت أيضًا أسهما في يونيو ويوليو الماضي بهدف تبديد الشائعات التي تفيد أن هذه الهيئة المكلفة بدعم الأسواق "تخلت" عن التدخل لضمان أسواق البورصات. يأتي ذلك بعدما استقر النمو الاقتصادي في الصين دون تغيير عند نسبة 7% في الربع الثاني من عام 2015، إلا أن الاستثمارات في الأصول الثابتة حققت معدل نمو أضعف ليبلغ 11.5% في الربع الثاني مقابل 13% في الربع الأول. كما انخفض حجم التجارة الخارجية في الصين بنسبة 7.3% ليصل 13.63 تريليون يوان على أساس سنوي في الأشهر السبعة الأولى من عام 2015، وفقا لمصلحة الجمارك الصينية. وتعود أزمة الأسهم الصينية إلى الإقبال على شراء الأسهم بأموال مقترضة "التداول بالهامش"، تحت رقابة ومتابعة جيدة من الحكومة الصينية التي بدأت التخفيف من تلك الرقابة منذ عام 2010 الأمر الذي فتح الباب أمام المضاربات وسبب فيه هزة عنيفة بالأسهم، لترتفع السوق خلال عام واحد بنسبة 150%. وبدأ مسلسل هبوط بورصة الصين في 12 يونيو 2015، إلا أنها تحسنت مطلع يوليو مع سلسلة من الإجراءات الحكومية، وذلك بعدما فقدت ثلثي قيمة أسهمها في غضون شهر واحد، أي ما يقارب 2 تريليون دولار أمريكي. وقال تقرير لمؤسسة "ساكسو بنك" إن الانهيار الحالي في أسعار السلع دفع بمؤشر بلومبرج للهبوط إلى أدنى مستوى له منذ 13 عاماً، مع تراجع أسعار الذهب خلال الأسبوع الماضي؛ حيث تدهورت أسعار المعدن الأصفر ليسجّل أقل سعر له في خمس سنوات، وقد تسببت المخاوف بشأن مستقبل نمو الاقتصاد الصيني في الإقبال الهائل على بيع المعادن الثمينة والصناعية. وأضاف أن ما حدث بالبورصة الصينية ترك أثرًا سلبيًا على ثقة المستهلكين الضعيفة أصلاً، وبعد الانتعاشة الكبرى لأسواق الأسهم عقب القفزة الكبيرة في أسعار العقارات، يسعى الآن العديد من المستثمرين والمستهلكين في الصين إلى الاحتفاظ برءوس الأموال أكثر من إنفاقها. وخفضت الصين عملتها ثلاث مرات متتالية آخرها بنسبة 1% السعر المرجعي لليوان، ليبلغ مستوى إلى 6,4 يوان للدولار, وسط نتائج أعمال مخيبة للعديد من الشركات أهمها شركة لينوفو الصينية لصناعة أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية التي أعلنت عن إلغاء 3200 وظيفة، مع انخفاض أرباحها بنسبة 50% لتبلغ 105 ملايين دولار. من جهة أخرى، قالت وزارة المالية الصينية إن أرباح الشركات المملوكة للدولة في القطاعات غير المالية تراجعت بنسبة 0.1% في النصف الأول من هذا العام مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، لتبلغ 1.23 تريليون يوان. كما قالت مصلحة الدولة للإحصاء إن أرباح الشركات الصناعية الصينية الرئيسية انخفضت بنسبة 0.3% على أساس سنوي في يونيو، متراجعة عن نسبة النمو 0.6 % المسجلة في شهر مايو. الهبوط الدرامي للبورصة في الصين ألقى بظلاله على أسواق العالم؛ حيث شهدت أسهم الخليجية هبوطًا حادًا؛ حيث أغلقت البورصة الخليجية على هبوط بنسبة 4.4% في السعودية التي سجلت مستوى 4660 نقطة، وبورصة دبي أغلقت عند مستوى 3451 نقطة بنسبة هبوط 6.96%. ولم تكن سوق أبوظبي بأفضل حال؛ حيث هبطت بنسبة 5.01%، إلى مستوى 4286 نقطة، والكويت بنسبة 2.36% إلى مستوى 5909 نقاط، وكذلك قطر بنسبة 5.25% مسجلة مستوى 10750 نقطة، بينما هبطت بورصتا مسقط والبحرين بنسبة 2.94% و 0.37% على التوالي. وسجل مؤشر ستاندار آند بورز بالبورصة الأمريكية مستوى 1970.89 بعدما فقد 65 نقطة، كما هبط مؤشر بورصة لندن بنسبة 2.8%. وحاول صندوق النقد الدولي الطمأنة مؤكدًا أن الاقتصاد الصيني يشهد تذبذبًا، ولكنه قادر على الصمود في مواجهة التحركات الحادة في سوق الأسهم؛ حيث لا يزال يتوقع نمو الاقتصاد الصيني إلى 6.8% خلال عام 2015، مشيرةً إلى أن الأمور تحت السيطرة. لمزيد من التفاصيل إقرأ أيضًا :