سلطت الصحافة المصرية الصادرة، اليوم الثلاثاء، الضوء على الجدل الدائر داخل الشارع السياسي حول إقرار «الدستور أولاً» أم «الانتخابات أولاً»، خاصة مع إطلاق جماعة الإخوان المسلمين تحذيراً من دخولها في مواجهة مع المجلس العسكري إذا قبل بالمبادرة الأولى. فيما شغل نبأ إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرة اعتقال في حق العقيد القذافي ونجله ورئيس مخابراته، الصفحات الرئيسية لأغلب الصحف العربية الصادرة اليوم، مع التركيز على تداعياته وآثاره المستقبلية على ليبيا. أبرزت كافة الصحف المصرية جولة المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة ورئيس المجلس العسكري، بمحافظة كفر الشيخ التي افتتح فيها مستشفى القوات المسلحة ومركزاً لعلاج الأورام بالمحافظة، فتحت عنوان «مصر لن تسقط أبداً»، نقلت صحيفة «الأهرام» المصرية تأكيد المشير طنطاوي على ثقته في بقاء مصر عظيمة شامخة بين الأمم بجهود وسواعد أبناءها، داعيا المواطنين إلى العمل والإنتاج خاصة في ظل الفترة الحالية، قائلاً: "العمل هو السبيل الوحيد لإعادة بناء مصر". وأضاف طنطاوي: "إن مصر لن تسقط يوماً، ولن تسقط أبداً، وسوف نعيد بناءها ونعمل بالشكل الصحيح، وستبقى عظيمة بين الأمم"، معرباً عن أمله في عودة الحياة إلى طبيعتها داخل مصر في المستقبل القريب، حتى لا تكون الأوضاع في منتهى الصعوبة لأبناء الشعب المصري، على حد قوله. وتأتي تصريحات المشير طنطاوي، في أعقاب تأكيد المجلس العسكري – خلال اجتماعه بشباب ثورة 25 يناير - يوم أمس الاثنين على إجراء الانتخابات التشريعية القادمة في الموعد المحدد، كما تعهد بتوفير جو من الأمن والحرية والديمقراطية لإقامة هذه الانتخابات في ظل تأكيده الثابت على عدم انحيازه لأي حزب أو جماعة سياسية على حساب الأخرى. إلا أن جماعة الإخوان المسلمين، حذرت من إقرار طرح «الدستور أولاً»، ففي صحيفة «المصري اليوم» جاء خبراً بعنوان «العريان: الإخوان سيعارضون المجلس العسكري إذا تبنى الدستور أولاً»، حيث قال الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، التابع للجماعة: إن الجماعة ستعارض المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إذا تبنى وضع الدستور أولا قبل الانتخابات. وأضاف في تصريحات لإحدى المواقع الإلكترونية نقلتها الصحيفة عنه: "عارضنا كثيراً، ولا نزال، المجلس العسكري، ونقول له إنه إذا غيّر في خريطة الطريق التي حددها الإعلان الدستوري سنكون أول من يقف ضده، لأن جوهر الاستفتاء موجود في الإعلان الدستوري، رغم بعض التغييرات في المواد التي تم الاستفتاء عليها". وتأكيداً على ذلك الموقف، أعلن حزب الوفد على لسان رئيسه الدكتور السيد البدوي، تأييد الحزب لمبدأ «الانتخابات أولاً»، ونقلت صحيفة «الوفد» الناطقة باسم الحزب تصريحات البدوي تحت عنوان «الوفد يؤيد إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً»، مشيرة إلى تأكيده خلال لقائه السفير الفرنسي بالقاهرة، مساء أمس الأول، على ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية حتى تولد في مصر حكومة ثورية مسئولة عن برلمان يمثل الشعب المصري «تمثيلاً حقيقياً»، على حد قوله. وأضاف البدوي: "إن الاستفتاء الذي حظي بإقبال شعبي كبير حدد الفترة الانتقالية بحيث يتم انتخاب برلمان ثم 100 شخصية لوضع الدستور، ثم انتخاب رئيس الجمهورية وهذه هي إرادة الشعب ولا ينبغي القفز عليها". ويبدو أن الأمر لم يحسم بعد بصورة رسمية، فعلى صدر صفحتها الأولى، نشرت صحيفة «الشروق الجديد» خبراً تحت عنوان «نائب رئيس الوزراء يؤكد تأجيل الانتخابات .. والحكومة والعسكري ينفيان»، حيث أوضحت أن المجلس العسكري وحكومة الدكتور عصام شرف نفيا تصريحات الدكتور يحيى الجمل التي أشار فيها إلى أن الاتجاه القائم حالياً يصب في مصلحة تأجيل الانتخابات، كما نفى مجلس الوزراء على لسان أحمد السمان، المتحدث باسمه، ما نسب إلى الجمل بشأن تأجيل الانتخابات، مؤكداً أنها ستجرى في الموعد المحدد لها. وفي الصحيفة ذاتها، وجه الكاتب الصحفي وائل قنديل، انتقادات لاذعة للدكتور يحيى الجمل، فكتب في مقاله تحت عنوان «يحيى الجمل .. حلواني العهد الجديد»: "منذ أن ورث الدكتور عصام شرف نائبه الدكتور يحيى الجمل عن آخر حكومة عينها الرئيس المخلوع برئاسة أحمد شفيق، ونحن نعيش شيئاً أقرب للكوميديا في خطاب الحكومة المصرية". وتابع: "إن استمرار الجمل نائباً لرئيسي حكومتين متعارضتين، إحداهما حكومة مبارك ونظامه، والأخرى حكومة ثورة، جعلنا نعيش كل فصول العام في يوم واحد وربما ساعة واحد". وأضاف: "أبرز تناقضات الجمل وأفدحها كانت موقفه من قضية الدستور والانتخابات، وأيهما يأتي أولاً، فقد أمضى أسابيع يناضل بالصوت والصورة مطالباً بوضع الدستور أولاً، حتى إن الرجل تعرض لحملات شعواء طالبت بإجباره على الرحيل من الحكومة، وعلى نحو مفاجئ تراجع الجمل عن مواقفه وأقواله السابقة معلناً أنه مع الانتخابات أولاً وضد الدعوات المطالبة بوضع دستور تسير عليه البلاد". أما على صعيد الصحافة العربية، فتناولت أغلب الصحف العربية تطورات القضية الليبية، حيث أطلت صحيفة «الزمان» العراقية على صفحتها الأولى بخبر «الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال القذافي ونجله سيف الإسلام ومدير مخابراته»، حيث أمرت المحكمة باعتقال العقيد الليبي معمر القذافي وابنه سيف الإسلام ورئيس المخابرات الليبية عبد الله السنوسي بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ونقلت الصحيفة ردة فعل المجلس الوطني الانتقالي الليبي الممثل للثوار، حيث صرح جلال القلال المتحدث باسم المجلس: " سعداء للغاية لأن العالم بأكمله توحد في مقاضاة القذافي عن الجرائم التي ارتكبها وإن مثل هذه الخطوة جعلت الناس يشعرون بأن هناك من يدافع عن حقهم". ومن جانبه، اعتبر أندرس فوج راسموسن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، القرار تأكيداً على عزلة القذافي الدولية، وتعزيزاً لدوافع شن العملية العسكرية في ليبيا. وفي ذلك السياق، كتبت صحيفة «الراية» القطرية تحت عنوان «العدالة تحققت»: "إن قرار المحكمة الجنائية الدولية يعني أن العقيد القذافي الذي توعد الشعب الليبي الذي انتفض مطالباً بالحرية والديمقراطية والدولة المدنية أصبح معزولاً في طرابلس وأصبح مطارداً ومطلوباً للعدالة في مقبل المجتمع الدولي. وفشل بالتالي في قمع الشعب الليبي ومطاردته كما توعد بيت بيت ودار دار وزنقة زنقة وشبر شبر". وأضافت الصحيفة: "لقد أضاع العقيد القذافي الذي تخلى عنه أقرب أعضاء حكومته ونظامه العديد من المبادرات التي كانت كفيلة بوقف حمام الدم في ليبيا وتوفير مخرج آمن له ولعائلته، فمذكرة التوقيف تجعل التفاوض مع القذافي الآن مستحيلاً وتقطع الطريق أمام أي عرض تفاوض أو حماية بالنسبة إليه". وهنا دافع الدكتور صلاح أبو شمالة في مقاله بصحيفة «العرب العالمية» تحت عنوان «تحالف القذافي ونتنياهو وبرلسكوني» عن العملية العسكرية الغربية التي تهدف إلى الإطاحة بالقذافي من السلطة، موضحاً أن إسرائيل مارست ضغوطها على رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني، ليعلن عدم تأييد بلاده لاستمرار العملية العسكرية. وقال: "إن كل الادعاءات الإسرائيلية تحاول أن تباعد بين زيارة نتنياهو لإيطاليا ولقائه مع صديق إسرائيل الحميم برلسكوني، وبين الترتيب الاستراتيجي لترك ليبيا في قبضة القذافي كخير ضامن لأمن أوروبا وأمن إسرائيل، كما صرح بذلك علناً القذافي نفسه". وتابع: "المصلحة الإستراتيجية الإسرائيلية تكمن في انتصار القذافي، وتعزيز مكانة معسكره بين الرؤساء في الساحة العربية كخير تعويض لإسرائيل عن خسارتها حسني مبارك في مصر، وفقدانها أهم حليف لها في الشرق الأوسط".