كشف المحلل العسكري الإسرائيلي "رون بن يشاي" ما قال إنها الخطوات الستة التي ستتبعها إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك في أعقاب إعلان الولاياتالمتحدة وبريطانيا عن استراتيجية عسكرية لمواجهة التنظيم. "بن يشاي" الذي كشف عن مرافقته لقوات الاحتلال الأمريكي بالعراق عام 2003، قال إنَّ الخطوة الأولى تتمثل في تشكيل تحالف دولي لمنح العملية غطاء شرعي من وجة نظر القانون الدولي، بالإضافة إلى تقسيم العبء الاقتصادي المرتبط بالحرب، وهي الخطوة نفسها التي اتخذها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، الذي نجح عام 1991 في تشكيل تحالف دولي لحرب الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وفي عام 2011 أقدمت واشنطن على خطوة مماثلة في ليبيا حيث قادت التحالف الدولي من الخلف، فيما قامت الطائرات الأوروبية من الجو بقصف القوات التابعة للرئيس الراحل معمر القذافي، في وقت خاض المتمردون الثوار الحرب على الأرض. في الحرب على "داعش" قرَّرت الولاياتالمتحدة تصدر العملية، وعدم الوقوف في الخلف مثلما حدث في ليبيا، سواء على الساحة الدولية أو في القتال أمام التنظيم على الأرض، وهو ما اعتبره المحلل الإسرائيلي "بشرى سارة" لأن الائتلاف الأوروبي الذي حارب القذافي بدعم لوجيستي واستخباري أمريكي "قام بعمل جيد". الخطوة الثانية بحسب مقال "بن يشاي" بصحيفة "يديعوت أحرونوت" هي الحرب نفسها وتقسيم العمل والأعباء الاقتصادية المتعلقة بالقتال. وقال: "سيعتمد القتال على العمليات الجوية، بواسطة المقاتلات التي ستقصف تجمعات داعش، والحصون التي أقامها الجهاديون بسورياوالعراق، وقوافل السيارات نصف النقل الطويلة التي يتحرك من خلالها عناصر داعش في الطرق باتجاه أهدافهم". عنصر آخر في القتال الجوي هو الطائرات بدون طيار التي استخدمها الأمريكان وحلفاؤهم الغربيون لضرب أهداف نوعية كالزعماء واجتماعات القادة. وهو ما تقوم به الولاياتالمتحدة الآن في حربها على القاعدة واعتبر "بن يشاي"- الذي نشر في المقال صورًا له بصحبة قوات الاحتلال الأمريكي بمدينة الموصل العراقية، إضافة لصور أخرى مع مقاتلي البيشمركة- أن" القتال من الجو ضد تنظيم مقاومة أو جماعة إرهابية أهم من القتال على الأرض، وهو الأمر الذي أثبت فعاليته في ليبيا وأفغانستان أيضًا، على الأقل في المرحلة التي لا تندمج فيها تلك التنظيمات داخل السكان، فوقتها لا يمكن قصفها". وانطلاقًا من تجربته الشخصية بالعراق، رأى المحلل الإسرائيلي أن هذا الأسلوب سينجح مع "داعش" حيث قال: "هذا صحيح الآن حيال داعش. في 2003 رأيت القوات المسلحة الأمريكية تعمل على هذا النحو ضد وحدات جيش صدام حسين في منطقة الموصل. كنت وقتها برفقة القوات الأمريكية، التي عملت في شمال العراق إلى جانب المليشيات الكردية" البيشمركة". وتابع: "كان القتال سهلاً- قادت البيشمركة القوات الخاصة الأمريكية التي هبطت بالمظلات في شمال العراق إلى مواقع مراقبة مريحة على تجمعات الجيش العراقي التابع لصدام حسين. المقاتلات من طراز F-14, التي أقلعت من سفن الأسطول السادس في البحر المتوسط، اقتربت من المنطقة وقامت عناصر القوات الخاصة بإرشادها للأهداف باستخدام الليزر. شاهدنا وقتها القنابل تنساب من الطائرات تجاه الجنود العراقيين، الذين فروا في ذعر". بنهاية القصف- والكلام ل "بن يشاي"- قام البيشمركة الأكراد، ونفضوا الغبار من على ثيابهم وجنبًا إلى جنب مع القوات الخاصة الأمريكية تقدموا باتجاه الموصل، مضيفًا: "هكذا عبرنا نهر الفرات ودخلنا كركوك والموصل، فيما تتكرر العملية طوال الوقت: الطائرات تقصف، جنود صدام يخلعون بذاتهم العسكرية ويهربون، والبيشمركة تتقدم مع عناصر القوات الخاصة الأمريكية ومقاتلي وحدة المظليين الأمريكية ويسيطرون على المناطق التي تم احتلالها". وذهب المحلل العسكري الإسرائيلي إلى أنه ولتنفيذ عملية من هذا النوع على "داعش" لا يكفي تعاون مقاتلي الأكراد، بل يجب إيجاد تحالفات محلية مع مليشيات مقاتلة في كل مكان يوجد به التنظيم، مشيرًا إلى أنَّ الحديث يدور عن تحالفات مع الجيش العراقي أو ما تبقى منه، ومع المليشيات الشيعية بالعراق، والجيش السوري الحر، وباقي الجماعات المتمردة غير المنتمية للإسلام المتشدد بسوريا، على حد قوله. وقال إن عددًا قليلاً من القوات الخاصة البريطانية والأمريكية والكندية والأسترالية بإمكانه تنفيذ المهمة إذا تلقى مساعدة في الملاحة، والنقل والاستخبارات على الأرض من قبل المليشيات المحلية. ولفت إلى أنَّ هذا على سبيل المثال ما حدث في مدينة آمرلي التركمانية شمال العراق. دافع التركمان باستماتة على مدينتهم، إلى أن وصلت المساعدة- قصف الأمريكان من الجو، وهاجمت المليشيات الشيعية التي دربتها الحكومة العراقية برًا وتنفس تركمان آمرلي- وهم شيعة أيضًا- الصعداء، وفرت عناصر داعش، بحسب محلل "يديعوت". واعتبر أنَّ نموذج العمل هذا سوف ينجح إذا ما تم تنفيذه بشكل موسع، وإذا ما دُعم القتال على الأرض بوسائل أخرى، فاحتلال آمرلي كان نقطة التحول في الحرب بالعراق، وأيضًا في نهاية الأسبوع الماضي فقد "داعش" عدة قرى كان قد سيطر عليها خلال الصيف. الخطوة الثالثة تتمثل في فصل مقاتلي داعش عن الحاضنة الشعبية السنية التي يعملون من خلالها في مدينة الرقة السورية ومحافظة الأنبار غرب العراق. فبدون مساعدة رؤساء العشائر السنية وعناصر نظام صدام من حزب البعث لم يكن "داعش" لينجح في السيطرة على هذه المناطق الشاسعة. "بن يشاي" رأى أنه لم يكن كافيا بالنسبة ل"داعش" الاعتماد على قوافل السيارات نصف النقل التي وضعوا في صناديقها مدافع ثقيلة وعلى متنها مقاتلون يرفعون الكلاشينكوف، لكن الأمر يتطلب تكتيكات، استراتيجية، وأساليب قتالية، وهو ما قدمته عناصر الجيش السابق التابعة لصدام حسين، والتي انضمت للتنظيم المتشدد،، وأبرزها جيش رجال الطريقة النقشبندية. على حد زعم الصحفي الإسرائيلي. السُنة يساعدون "داعش" لأن الحكومة العراقية التي يسيطر عليها الشيعة تجاهلتهم ومارست ضدهم التمييز، سواء من ناحية سياسية أو اقتصادية. وهو التوجه الذي يجب تغييره- والكلام لمحلل "يديعوت"- وقد بدأ الأمريكان بذلك عندما دفعوا نحو الإطاحة برئيس الحكومة نوري المالكي الشيعي من النظام في بغداد ومضى "بن يشاي" يقول: "شيء مماثل يجب عمله في سوريا من خلال مساعدة القوات السُنية المعتدلة التي تعمل ضد نظام الأسد. العملية في العراق أسهل نسبيًا للأمريكان والتحالف المتبلور، لأن حكومة العراق دعتهم للعمل هناك. في سوريا سيكون من الصعب للغاية بالنسبة للأمريكان القصف دون الحصول على موافقة جيش الأسد، حتى وإن كان القصف الأمريكي وعملية القوات الخاصة الأمريكية ستساعد الأسد على البقاء". وزاد قائلاً: "لكن يبدو أنه يمكن التغلب على هذه المشكلة بطرق مبتكرة من خلال عملية جوية من العراق أو تركيا، حيث يوجد للأمريكان هناك قواعد يمكن من خلالها العمل، ولديهم أيضًا الكثير من الأصدقاء على الأرض. مؤخرًا قام الجيش السوري بقصف مؤثر وقوي ومتواصل في الرقة، عاصمة داعش. وتقدر عناصر استخبارية غربية أن المعلومات الاستخبارية يتم نقلها للنظام السوري عن داعش بواسطة عناصر شرق أوسطية، ليست إسرائيلية، وربما كانت أيضًا عناصر ألمانية". الخطوة الرابعة -بحسب" بن يشاي" -: "هي فصل داعش عن مصادره الاقتصادية وتحديدًا النفط السوري الذي بدأ في عمليات بيعه وحقول النفط التي سيطر عليها في منطقة الرقة، وكذلك الأموال التي تصل إليه من دول مثل قطر ومن عناصر خاصة بالسعودية. بدون المال سيتقلص داعش سريعًا إلى آلاف المقاتلين المبعثرين، ولن يكون بإمكانه أن يدفع لرؤساء القبائل السنية بالعراقوسوريا مقابل الحصول على تأييدها". أما الخطوة الخامسة فهي ضرورة أن يضم الائتلاف الدولي دولاً عربية يتدفق منها المقاتلون الأجانب للانضمام لداعش، وذكر منها، تونس، الجزائر، الأردن، السعودية، وذلك لمنع انضمام المقاتلين الجدد للتنظيم ونقل الأموال له. وأضاف المحلل الإسرائيلي أنَّ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خرج إلى جولة بالمنطقة لحشد دعم الدول العربية للتعاون مع الائتلاف، وهي خطوة في غاية الأهمية ليس فقط لخوف الأنظمة العربية المعتدلة من "داعش" بل أيضًا لأنهم قادرو ن على فصل "الحلمات" التي يرضع منها التنظيم – أيديلوجيًا، ولوجيستيًا وماليًا. والسادسة هي ضرورة تفعيل العمل الاستخباري عن التنظيم وقدراته، سواء كان ذلك على الأرض، أو فيما يتعلق بالمتبرعين في أوروبا والدول العربية، وقيادات التنظيم في الخارج. وعن دور إسرائيلي في هذا التحالف، قال "بن يشاي" مختتمًا مقاله: "يمكن أن يكون لإسرائيل دور غير مباشر في هذا التحالف، تحديدًا في منح السلاح، والتكنولوجيا، والاستخبارات للعناصر المختلفة التي تقاتل داعش في العراقوسوريا. ليس هناك داعٍ لأن نكون متورطين، ولكن بإمكاننا أن نساعد كثيرًا الأردن ومصر وعناصر أخرى إذا ما طلبوا ذلك. سيضطر الأمريكان لاتخاذ القرار حول نيتهم الاستعانة بإيران- ودفع الثمن على ذلك".