حالة من الجدل تسيطر علي المجتمع المصري في الوقت الراهن بداية من أحداث ''محمد محمود'' الثانية والتي بدأت مطلع الأسبوع الجاري حتي قرارات الرئيس محمد مرسي الأخيرة والإعلان الدستوري الجديد الذي تم الإعلان عن صدوره، أمس الأربعاء، ليكتمل المشهد المرتبك الذي تعيشه البلاد مؤخراً. وتضمنت قرارات الرئيس محمد مرسي وفقاً لما جاء بالإعلان الدستوري الجديد والذي أعلن عن صدوره المتحدث باسم رئاسة الجمهورية ما يلي: 1- إعادة المحاكمات في جرائم قتل المتظاهرين والإرهاب، التي ارتُكبت ضد الثوار، ضد كل من تولى منصبًا تنفيذيًا وسياسيًا في ظل النظام السابق. 2- الإعلانات الدستورية والقوانين الصادرة عن الرئيس منذ توليه السلطة وحتى نفاذ الدستور الجديد، نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن أمام أية جهة، وأن تنقضي جميع الدعاوى المتعلقة بها المنظورة أمام أية جهة قضائية. 3- يُعين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بواسطة الرئيس، تبدأ من تاريخ تولي المنصب، ويسري النص على من يشغل المنصب الحالي بأثر رجعي. 4- لا يجوز لأية جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور. 5- لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الثورة أو الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن، اتخاذ التدابير لمواجهته. 6- ينشر الإعلان في الجريدة الرسمية، ويُعمل به اعتبارًا من تاريخ صدوره، في 21 نوفمبر 2012. هذا الإعلان الدستوري الذي أثار لغطاً شديداً داخل الأوساط القضائية والسياسية، دفع الكثيرين من القوي السياسية المدنية إلي إعلان مشاركتهم في مليونية غداً الجمعة بميدان التحرير للاحتجاج علي هذه القرارات، وعلي الجانب الأخر خرج البعض من مؤيدي الرئيس لإعلان ترحيبه بهذه القرارات التي وصفت ب''الثورية''. قرارات مرسي تجدد ثورة يناير أكد أبو العز الحريري - المرشح السابق لرئاسة الجمهورية - أن قرارات الرئيس مرسي جميعها مخالفة للقانون والدستور فهو لا يحق له إصدار هذه القرارات التي عتبر بمثابة ثورة علي الشعب والقضاء. وأضاف الحريري فى تصريحات خاصة ل''مصراوي'' قائلاً:'' إن هذه القرارات الرجعية ستكون بداية الثورة الثانية، ولكن هذه الثورة ستكون أكثر شراسة من 25 يناير 2011 لأن الرئيس وضع نفسه في ''خندق'' معادي للشعب''، على حد قوله . وتابع قائلاً: ''إن القوي المدنية ستجدد ثورة 25 يناير بسبب هذه القرارات، مشيراً إلي أن النظام الحالي يتسم بنفس سمات النظام السابق فكلاهما شيء واحد''. تطهير القضاء لا يعني إسقاطه ويري أحمد رسلان - عضو حركة 6 إبريل - أن قرار إقالة النائب العام قرار جيد ولكن ما تلاه ما هو إلا محاولة لإسقاط القضاء، قائلاً:'' نحن طالبنا بتطهير القضاء وليس إسقاطه''، مشيرا إلى أن المطالب بإعادة هيكلة الداخلية التي مازالت تتبع نفس الأسلوب القديم في التعامل مع الثوار وإعادة المحاكمات لقتلة الثوار، ولكن كل هذه الأمور لا تعني مطلقاً إسقاط مؤسسات الدولة. وأكد عضو حركة 6 إبريل ل''مصراوي'' أن القوي الثورية في حالة اجتماع مستمرة للوقوف علي الخطوات المقبلة وسبل الخروج الوضع الراهن، مشيراً إلي أن حكومة قنديل تسبب في الوصول بالوضع إلي ما هو عليه فهي لم تثبت حتي الآن أنها حكومة ثورية فبدلاً من أن تدعو الشباب للاحتفال بذكري محمد محمود وحمايتهم قامت بالاعتداء عليهم. صراع قوي واعتبر الدكتور محمد المرغني - أستاذ القانون الدستوري بجامعة عين شمس - أن الصراع الحالي هو صراع قوي يجهز فيه القوي علي الضعيف ونوع من الانقلاب الدستوري. وأضاف المرغني ل''مصراوي'' قائلاً:'' إن هناك الكثير من الأشخاص يسكبون البنزين علي النار لإشعال البلاد، ولذلك لابد من حماية البلاد من خطر هذه الفتنة، حتي وإن كان بدعم الحاكم في قراراته الظالمة فقط من أجل تهدئة الأوضاع في البلاد''، على حد وصفه. فاشية جديدة ولم يختلف رأيه كثيراً عن آراء الباقين؛ حيث وصف نجاد البرعي - المحامي والناشط الحقوقي - قرارات الرئيس محمد مرسي الأخيرة بأنها ترسخ لمرحلة من ال''الفاشية الجديدة''. جرح غائر ويبدو أن جرح القضاء هذه المرة غائراً ولمه سيكون صعباً للغاية، ''مصراوي'' حاول التواصل مع عدد من رجال القضاء إلا أنهم رفضوا، واكتفي المستشار مقبل شاكر رئيس مجلس القضاء الأعلي الأسبق بقوله ''لكي الله يا مصر''، وبصوت يبدو عليه اليأس، قال المستشار عادل زكي اندراوس وعضو مجلس القضاء الأعلى ''لا تعليق''. فما بين الفجأة والصدمة واليأس مع قليل من الفرح تمتزج المشاعر في الشارع السياسي الذي علا صخبه ليعبر عن الحالة التي يعيشها المجتمع بأكمله، لتعود من جديد المظاهرات المؤيدة للنظام والمناوئة له لتذكرنا بمشاهد من ثورة 25 يناير.