أكد العالم المصري الكبير الدكتور فاروق الباز إن مصر تفتقد إلى عدد كبير من مقومات النهضة الحضارية وأهمها القدرة على إنتاج احتياجاتها من الغذاء وحالة التخبط في إدارة العمل مضيفاً ان ضياع الوقت في الانتقال داخل المدن أزمة كبيرة تستهلك جهداً وطاقة وغيرها دون فائدة . وقال مدير مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن في كلمته التى ألقاها أمام المؤتمر الأول للاستدامة والمستقبل والذى تنظمه الجامعة البريطانية بالقاهرة، أن استمرار نمو الكتل الخرسانية والبناء على الأراضي الزراعية بنفس المعدلات الحالية سيؤدي إلى اندثار الأراضى الزراعية بمصر خلال 170 سنة بعد ان استغرق تكوين تلك الأراضي الزراعية مايقرب من 5000 عام. وعرض العالم الكبير مجددا شرح فكرة ممر التنمية الذي يهدف الى توسيع الرقعة الزراعية وخلق مجتمعات بعيدة عن الوادي الضيق بما يخلق عشرات الالآف من فرص العمل ويؤهل لبدء نهضة حضارية لم تشهد لها مصر من قبل مثيلا خلال قرون مضت. وقال الباز، إن المشروع لازال في طور الدراسة من قبل الحكومة المصرية، وأن المشروع الذي عرض من قبل في السبعينيات وقت حكم الرئيس الراحل أنور السادات كان من المقرر ان يتكلف 5 مليارات دولار في ذلك الوقت وعندما أعادت وزارة التخطيط دراسة المشروع في عام 2005 وتوصلت الى انه سيتكلف حوالي 25 مليار دولار ويستغرق تنفيذه 10 أعوام، خمسة اعوام لعمل 12 ممر فرعي عمودي على نهر النيل وخمس اعوام أخرى لانشاء الممر نفسه الممتد من أقصى ساحل البحر المتوسط وحتى اقصى جنوب مصر. واشار الى ان المشروع المقترح لممر التنمية غرب وادى النيل والدلتا سيخلق مساحات جديدة تسمح بتوسعات غير محدودة للنمو الحضرى، والتطور المستمر فى قطاعات الصناعة، والزراعة، والتجارة، والسياحة مضيفاً انه من الممكن أن تتولى الحكومة تقنين هذه المبادرة المقترحة، فى حين يمكن للقطاع الخاص أن يتولى مسئولية البنية التحتية. وقال إن مكونات المشروع الأساسية هي: (1) طريق سريع يبنى طبقا لأعلى مستوى للمواصفات الدولية بطول إجمالى يبلغ 1200 كيلو متر. يمتد هذا المحور الرئيسى من قرب العلمين، غرب الإسكندرية حتى حدود مصر الجنوبية. (2) إقامة 12 طريق فرعى على الأقل من الشرق إلى الغرب بطول إجمالى حوالى 800 كيلو متر، ليربط الطريق السريع بالمراكز ذات الكثافة السكانية المرتفعة على طول الطريق. (3) خط سكة حديد مواز للطريق السريع لتوفير سبل النقل السريع للناس والبضائع. (4) مد خط مواسير مياه من قناة توشكى لتوفير المياه النظيفة بطول الممر. (5) خط كهرباء لتوفير احتياجات التنمية. وأضاف أن المنطقة المختارة لتنفيذ هذا المشروع الكبير هى أرض جيرية مستوية غرب وادى النيل وهى منطقة تنحدر تدريجيا نحو الشمال حتى تصل الأرض إلى البحر المتوسط ويسمح هذا التصميم الطبيعى للماء أن ينساب من منطقة توشكى إلى الشاطئ تحت الضغط الطبيعى دون الحاجة لاستهلاك الطاقة، مشيراً إلى أن هذا التصميم لممر التنمية يسمح بصفة خاصة للابتكار فى توليد الطاقة من خلال استغلال مصادر الرياح والطاقة الشمسية الوفيرة كما أن مصادر الطاقة المتجددة لن تفى فقط بالاحتياجات المحلية على طول الممر، بل يمكن أن تمد باقى أنحاء البلاد بالطاقة أيضا. وقال العالم الكبير إن المساحات الممتدة بين نهر النيل وحافة المنطقة المذكورة غنية بأراض واسعة تتوفر فيها التربة الغنية بمصادر المياه الجوفية، وأن بعض هذه المناطق هى فروع قديمة للنيل، مثل المنطقة الواقعة غرب أسوان- كوم امبو ومن ثم، فإن المشروع المقترح يقدم إمكانية وقف التوسع الخطر على التربة النيلية.