من بين لعبوا دوراً محورياً في مسار حرب أكتوبر وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر الأسبق، الذي أشار البعض إلى أن يهوديته جعلته يميل لصالح الموقف الإسرائيلي ودعمه على النحو الذي كاد يغير من النتيجة النهائية للحرب. وإذا كان هناك العديد من الكتب التي تناولت الموقف الأمريكي من الحرب فقد تناول أكثر من كتاب دور كيسنجر ومنها الكتاب الذي نقدم نبذة عنه في هذه السطور. في هذا الكتاب الذي أعده ديفيد أر. مورس بعنوان «كيسنجر وحرب يوم كيبور» يستعرض المؤلف قصة كيف أصبح وزير الخارجية الأمريكى الأسبق «هنرى كسينجر» كبير مهندسى السياسة الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط وكيف لعبت استراتيجية الحرب الباردة التى اتبعها دوراً حاسماً فى قرار مواصلة التدخل العسكرى النشط في الحرب واعتمد الكاتب فى ذلك على محادثات هاتفية ل»كيسنجر» ووثائق سرية حديثه. وحسبما يذهب الكتاب فإن حرب أكتوبر 1973 أو حرب يوم كيبور أو حرب عيد الغفران تشكل نقطة فاصلة فى «العلاقة الخاصة» التى تجمع بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، إذ شهدت دعماً أمريكياً غير مشروط لإسرائيل ويظهر ذلك جليّاً فى الجسر الجوى الذى قامت به الولاياتالمتحدة لنقل المعدات العسكرية إلى إسرائيل وهو الأمر الذى كاد أن يتسبب فى إشعال الصراع بين الاتحاد السوفيتى والولاياتالمتحدة. وبالتالى لم يكن يوم كيبور أو عيد الغفران عام 1973 كما كان فى عامه السابق بالنسبة لليهود مجرد يوماً مقدساً يصومون فيه ويتلون الصلوات ويتعبدون ويستغفرون فقط. وعلى الرغم من الجهود المضنية التى بذلها وزير الخارجية «هنرى كيسنجر» من أجل إمداد إسرائيل بالأسلحة والعتاد اللازم إلاّ أن موقفه كان حرجاً بسبب المقاومة التى واجهها من قِبل وزارة الدفاع الأمريكية حيث اعتبرت أمراً كهذا بمثابة خطوة استفزازية تجاه العرب. ظاهرياً، بدا الدور الأمريكى وتحديداً السياسة الخارجية الأمريكية بقيادة «هنرى كيسنجر» ناحجة حينها ولكن سرعان ما أدت حرب 1973 إلى أزمة ارتفاع النفط عام 1974 وشقاق دائم فى العلاقات العربية الأمريكية. يتألف كتاب «كيسنجر وحرب يوم كيبور» من سبعة فصول يستهلها الكاتب بعلاقة «كيسنجر» بالرئيس «نيكسون» والتى وصفها بأنها «علاقة خاصة» وهو مصطلح يُستخدم منذ إدارة «ليندون جونسون» لوصف مدى قرب العلاقة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل التى وصلت لمستويات جديدة فى ظل إدارة الرئيس «ريتشارد نيكسون»، ويستعرض الكتاب الأسبوع الأول من الحرب والذى شهد مأزقاً بيروقراطياً داخل حكومة «نيكسون» وتحديداً بين وزارة الخارجية ووزارة الدفاع الذى حال دون قيام الإدارة الأمريكية بمواجهة الدعم السوفيتى لسوريا ومصر، فضلاً عن استقالة «سبيرو أجنيو»، نائب الرئيس «ريتشارد نيكسون»، على خلفية اتهامه بالتهرب الضريبى والتآمر علاوةً على إدانته بتلقى رشاوى مما أجبره على الاستقالة من منصبه. وكشف الكتاب عن تأثير فضيحة «ووترجيت» وإطاحتها بالرئيس «ريتشارد نيكسون» ونتيجة لذلك أخذ «هنرى كيسنجر» على عاتقه جوهر عملية المفاوضات وخلال محادثات موسكو اتبع «كيسنجر» أمنيات «نيكسون» الذى أراد تسوية شاملة فى منطقة الشرق الأوسط من خلال المفاوضات على وقف إطلاق النار. عُرف «هنرى كيسنجر» بأنه أحد المسئولين عن الفوضى التى عليها منطقة الشرق الأوسط فى الوقت الحاضر، بالإضافة إلى دوره الداعم للغزو الأمريكى للعراق عام 2003، وفقاً للكاتب الصحفى «بوب ودورد» الذى أشار فى أحد كتبه إلى المقابلات الدورية التى جمعت بين «جورج بوش» الأبن و«ديك تشينى» من ناحية و»كيسنجر» من ناحية أخرى لتقديم النصيحة لهم حول حرب العراق. يشار إلى أن هنري كيسنجر ينتمي لأسرة يهودية ألمانية نزحت من ألمانيا عام 1938 هرباً من هتلر النازى، واتجهت أسرته إلى العاصمة البريطانية لندن ثم ذهبوا بعد ذلك إلى الولاياتالمتحدة.