حذر سياسيون ونواب برلمانيون سابقون من سيطرة المال السياسى على الانتخابات البرلمانية، مما يؤثر على دور البرلمان القادم، بعدما رفعت اللجنة العليا للانتخابات سقف الدعاية الانتخابية للفرد إلى 500 ألف جنيه فى الجولة الأولى و200 ألف فى الإعادة، وحددت اللجنة 7.5 مليون جنيه للقائمة الكبيرة و2.5 مليون للقائمة الصغيرة وهو المبلغ الذى اعتبرته بعض القوى السياسية قليلاً وطالبت برفعه إلى 50 مليوناً، وذلك بحسب تصريحات اللواء رفعت قمصان، مستشار رئيس الوزراء لشئون الانتخابات. وأضاف «قمصان» أن اللجنة العليا للانتخابات شكلت لجاناً فرعية تضم خبراء من وزارة العدل متخصصين فى مجالات التدقيق المالى لمتابعة الإنفاق الدعائى فى الانتخابات. وأكد خبراء ضرورة وجود رقابة قوية على الحملات الانتخابية مما يتيح فرصاً متساوية للجميع فى التواصل مع المواطنين ومنع الرشوة الانتخابية وتفشى المال السياسى مما يهدد البرلمان المقبل بنواب يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية. وحذر السياسيون من تأثير سماسرة الانتخابات على اختيارات الناخبين فى الانتخابات النيابية القادمة، خصوصاً أن الظاهرة باتت من ملامح العملية الانتخابية، خاصة أن المرشحين الشرفاء الذين لا يمتلكون المال الكافى لعمل الدعاية الباهظة سوف يبتعدون عن السباق من البداية لشراسة المعركة. ورغم أن قانون الانتخابات فصل فى 8 مواد قواعد الإنفاق على الدعاية الانتخابية، وحاول وضع قيود على عملية الدعاية الانتخابية وشراء الأصوات، فإن المال السياسى يلعب دوراً فى كافة الانتخابات فى العالم، ولن تكفى التشريعات والقوانين وحدها فى التصدى لسيطرة المال السياسى ما لم يلفظ المواطن كل صور شراء الأصوات فما هى الضوابط المفترض وضعها للحد من تغلغل المال فى الحياة السياسية؟ أكد أحمد عودة، عضو الهيئة العليا فى حزب الوفد، أن السقف الذى قدرته اللجنة العليا للإنفاق الدعائى كبير جداً وذلك بسبب التعديلات على المادة 25 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، التى خلقت حالة من الجدل بين ممثلى القوائم الانتخابية، حيث تم تعديل الحد الأقصى لسقف الدعاية الانتخابية للقوائم، بحيث يزيد السقف الدعائى للقوائم الصغيرة المكونة من 15 عضواً إلى 2.5 مليون جنيه، بدلاً عن مليون جنيه، والقوائم الكبيرة التى تضم من 45 عضواً إلى 7.5 مليون جنيه، بدلاً عن ثلاثة ملايين، وتلك زيادة كبيرة جداً تثير علامات استفهام كبيرة حول الجهات التى تمول بعض المرشحين. وانتقد «عودة» ما حدث من إقبال كثيف على تقديم أوراق الترشح للانتخابات فى اليوم الأول من الانتخابات والاعتماد على الرموز الانتخابية، وكلها أمور تكشف نسبة الأمية فى البلاد، وتستدعى وضع ضوابط أكثر على الدعاية الانتخابية. وعبر «عودة» عن أسفه لارتفاع سقف الدعاية الانتخابية إلى حد الإسراف قائلاً: «كنا نتمنى أن نترك الأمور لإرادة الناخب ونتصدى للجهات التى تنفق على شراء أصوات الناخبين». وأكد «عودة» أن المال السياسى مفسدة للحياة السياسية لأن الذى يسمح لنفسه بأن يباع ويشترى لن يكون لائقاً لتمثيل الشعب تحت قبة البرلمان فلابد أن يكون معيار الاختيار الكفاءة والقدرة على تحمل المسئولية فى أمانة ونزاهة. وعن الضوابط التى لابد أن توضع، يرى أنه على الرأى العام أن يراقب ويحسن الاختيار وألا يقبل بالرشاوى السياسية مهما كانت الظروف لأننا نريد انتخابات حرة ونزيهة وتليق بشعب قام بثورتين عظيمتين. وطالب «عودة» بضرورة تفعيل المواد والقوانين التى نص عليها الدستور، ووضعتها اللجنة العليا للانتخابات، من أجل القضاء على ظاهرة شراء الأصوات، التى تتسبب فى عرقلة بعض لجان الانتخابات، وتزييف إرادة الناخبين، خصوصا أن هؤلاء السماسرة يعتبرون طريق المرشح للناخب الفقير، مرجعاً السبب فى انتشار السمسرة الانتخابية، إلى الجهل والفقر المنتشر فى ربوع مصر. ومن أكثر الفئات تضرراً من ارتفاع سقف الدعاية هم فئة الشباب الذين لا يجدون من يساندهم مادياً ويراهنون فقط على أحلامهم، ومع ارتفاع سقف الدعاية اضطر أغلبهم العزوف عن المشاركة فى الانتخابات البرلمانية، لذا يطالب محمد مصطفى، رئيس حزب الشباب الحر، بطريقة تحكم، وآلية مراقبة لتفعيل القانون، وإخراجها من على الورق إلى أرض الواقع، لأن هناك قوائم انتخابية قد صرفت بالفعل حتى الآن، وقبل فتح الباب الدعاية، ضعف المبلغ المحدد قانوناً. وأشار «مصطفى» إلى أن المشكلة الأكبر التى يمثلها قرار رفع سقف الدعاية هو فتح الباب أمام رجال الحزب الوطنى على اعتبار أنه الأكثر تنظيماً ودراية بخوض الإنتخابات البرلمانية. وأكد «مصطفى» أن وجود قانون ينظم الدعاية، ويضع حداً لها،، خصوصاً أن رصد مخالفات وتجاوزات المرشحين فى أثناء الانتخابات لا يطبق على أرض الوقع بشكل فعال، وإذا لم يكن المواطن مستشعراً لأهمية حسن اختياره لم يمثله فلن تجدى عشرات القوانين. وأشار إلى أن ما يتم إنفاقه من قبل مرشحى الفردى والقوائم على الدعاية الانتخابية، يتجاوز ما حدده القانون ثلاثة أضعاف أو أكثر، لافتاً إلى أن الرقم الذى حددته اللجنة المنوط بها تعديل قوانين الانتخابات لم يضع فى الاعتبار حجم الدعم والمساعدات التى يحصل عليها بعض المرشحين عن طريق العصبيات القبلية، مؤكداً أن المرشح الواحد لا ينفق أقل من 3 ملايين جنيه على دعايته الانتخابية. وعلى نفس الصعيد طالب ائتلاف تحيا مصر، اللجنة العليا للانتخابات بالحد من استخدام المال السياسى فى الانتخابات، وتطبيق قوانين الانتخابات من حد أقصى للدعاية الانتخابية للقائمة والفردى والتشديد فى المراقبه والمحاسبة لمن يخرج عن هذه القوانين، لإعطاء فرصة للناخب بأن يختار الأصلح دون ضغوط من قبل أصحاب المال السياسى. وشدد حسن أبوجاد، منسق الائتلاف على ضرورة أن تبدأ اللجنة العليا للانتخابات فى تشريع وتطبيق كل القوانين التى تستخدم سلاح الدين فى الدعاية الانتخابية، أو خرق الصمت الانتخابى، موضحاً أن البرلمان المقبل يتطلب نواباً ذوى نزاهة اجتماعية وسياسية وعلى دراية بمجريات الأمور وأعمالها مشيداً بإعلان اللجنة العليا عن الجدول الزمنى للانتخابات البرلمانية والانتهاء من الاستحقاق الثالث لخارطة الطريق معتبراً ذلك علامة واضحة على اقتراب استكمال الكيان المؤسسى للدولة. وانتقد صلاح حسب الله، رئيس حزب الحرية، ظاهرة انتشار السماسرة فى الانتخابات قائلاً: «إن سماسرة الانتخابات منتشرون فى مصر، ولا يختفون بانتهاء الانتخابات البرلمانية، ولكنها مستمرة، والبعض منهم يتلقى مبالغ مالية كل فترة، لافتاً إلى أن هؤلاء السماسرة»، يحصلون على مبالغ مالية مقابل الحشد لمرشحهم، بشكل أو بآخر، وهذه الظاهرة منتشرة فى العواصم مثل القاهرة والجيزة، فضلاً عن الأقاليم، لافتاً إلى أن سماسرة الانتخابات يلعبون دوراً مهماً فى نجاح المرشحين، حيث تعد الأصوات الانتخابية التى يسهلون حشدها، عاملاً أساسياً فى نجاح المرشح.