أثار ارتفاع سعر الدولار إلي 781 قرشا للبيع بالسوق السوداء العديد من التساؤلات، في ظل سداد معظم الشركات الاستيرادية لالتزاماتها الخارجية، وانتهاء الشركات الأجنبية من إغلاق ميزانياتها. أرجع الدكتور فخري الفقي، مستشار صندوق النقد الأسبق والخبير المصرفي الارتفاع الأخير لأسباب معظمها نفسية، لإدراك المضاربين بأن هناك نقصا في الدولار في البنوك مع رفض البنك المركزي تعريض احتياطيه من النقد الأجنبي لأي مخاطر بعد بلوغه 15.8 مليار دولار، بالاضافة لسداد الوديعة القطرية، البالغة 2.5 مليار دولار، والتزامات مصر تجاه نادي باريس، والتي يتم سدادها مرتين في العام، وتصل إلي 750 مليون دولار في المرة الواحدة. وأشار «الفقي» إلي مشكلة أخري تواجه البنوك، وهي حصول الهيئة العامة للبترول علي قرض مشترك من 40 بنكاً لسداد التزاماتها للشركات الأجنبية والبالغة قيمته 1.5 مليار دولار، وستقوم الهيئة بسداده من عوائدها خلال 5 سنوات. مؤكدا أن ذلك يؤثر علي النقد المتاح لديها علي حساب المؤسسات والودائع علي المدي القصير لحين توافر مصادر من النقد الأجنبي مرة أخري. وأضاف أن عوامل أخري أثرت علي تداول الدولار بشركات الصرافة، أهمها وقف نظام «الإنتربنك» مع البنوك، كما أن الشركات اضطرت أمام وقف بيع الدولار للشركات من قبل البنوك لسلوك طرق أخري لتدبير الدولار من خلال الاتصال بكبار عملائها المحتفظين بودائع دولارية ضخمة لشراء كميات منهم بأعلي سعر. وأوضح «الفقي» أن التزامات البنوك بتسديد قروض المؤسسات العامة كالبترول أربكت العمل في المؤسسات المصرفية، ولم يصبح لديها المتاح من الدولار لتغطية معظم الاعتمادات الاستيرادية المفتوحة لديها وهو الأمر الذي أدي لتكالب المستوردين علي السوق السوداء لتدبير احتياجاتهم. وأوضح أن الدولار يتم تداوله بالسوق السوداء بغير سعره الحقيقي نتيجة المضاربات عليه من قبل مضاربين يرغبون في الحصول علي مكاسب سريعة. مؤكدا أن سعره الفعلي لا يتجاوز 760 قرشا للبيع في حين يصل إلي 780 قرشا بالسوق السوداء. وانتقد «الفقي» أسلوب تدخل البنك المركزي من خلال ضخه 130 مليون دولار وفقا لنظام المزادات كدفعة واحدة والمفترض أن يتم ضخ المبلغ علي فترات، معتبرا ذلك أتاح الفرصة للمضاربين للتلاعب بالأسعار لإدراكهم صعوبة تدخل المركزي علي المدي القصير لتراجع حجم الاحتياطي النقدي لديه. وتوقع «الفقي» انتهاء الأزمة الشهر القادم في ظل قيام معظم الشركات بسداد التزاماتها وانتعاش جزئي لحركة السياحة تزامنا مع أعياد الميلاد، واجازات نصف العام بالاضافة إلي اقتراب موعد انعقاد المؤتمر الاقتصادي في الربع الأول من العام القادم. أكد الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدي الاقتصادي المصري- العربي أهمية الاقتناع بأن مصر لديها مشكلة في مواردها من العملة الصعبة بسبب تراجع مصادرها مثل السياحة والاستثمار والتي تأثرت كثيرا بعد الثورة. وأوضح أن الدولار سلعة مثل سائر السلع، كلما زاد المعروض والمطروح منها بالسوق انخفض سعرها، أما لو انخفض فسوف يرتفع السعر. وقال إن الدولة لجأت للحد من ارتفاع سعر الدولار إلي عدة بدائل لهذه المصادر في مقدمتها المساعدات الخليجية والتي تجاوزت 6 مليارات دولار من الكويت والسعودية والإمارات وهو ما أسهم في المحافظة علي الاحتياطي الدولاري، لكن أمام نقص مواردها وضرورة الوفاء بالتزاماتها لم يصمد الاحتياطي طويلا، فالحكومة ملتزمة بسداد 750 مليون دولار كل 6 أشهر لنادي باريس في شهري يوليو ويناير، بالاضافة إلي طلب قطر لوديعتها والبالغة 6 مليارات دولارات. وأرجع «عبده» الارتفاع الحاد غير المبرر في سعر الدولار، رغم تراجع الطلب عليه من قبل الشركات إلي البعد النفسي للمواطنين والذي تأثر بأصداء تراجع الاحتياطي الدولاري. بالاضافة إلي فشل البنك المركزي في استخدام أدواته النقدية للسيطرة علي سعر الدولار في تكالبهم علي شرائه، وللأسف أدرج ضمن أصول ادخارية يعتمد عليها بجانب الذهب والعقارات. وقلل «عبده» من تأثيرات المظاهرات والعمليات الإرهابية علي سعر العملة وخاصة أن معظم دول المنطقة تواجه إرهاباً ممنهجا، مشيرا إلي بوادر لعودة الاستقرار الأمني للبلاد. وأوضح أن الأزمة سوف تستمر في حالة تراجع موارد مصر من العملة الصعبة.