يبدو أن شبكة قنوات الجزيرة القطرية، بدأت خطواتها الفعلية فى تخفيف حدة الخطاب الإعلامي الموجه ضد مصر، وذلك عقب بيان لم الشمل، الذى أعلن فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، الذى وصفه الرئيس عبدالفتاح السيسي ب"كبير العرب"، عن التوصل إلى اتفاق الرياض التكميلي الذي يهدف إلى وضع إطار شامل لوحدة الصف والتوافق بين الأشقاء العرب لمواجهة التحديات التي تهدد أمتنا العربية والإسلامية، وذلك بعد خلاف بلغ ذروته بين مصر وقطر عقب إسقاط حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، التي وقفت السلطة القطرية موقفاً مناوئاً للنظام الجديد في مصر. "الجزيرة" التي دأبت على وصف النظام الحاكم في مصر، ب"سلطة الانقلاب"، تخلت شيئاً ما عن وصفها القديم، لتحل بدلاً منها عبارة "الرئيس السيسي" أو "السلطة أو الحكومة المصرية"، لكن الأمر لا يخلو في بعض الأحيان من تزيل موضوع مقروء على صفحات موقع "الجزيرة مباشر مصر" بخلفية "الانقلاب العسكري". "الجزيرة" وإن بدت أنها تخلت عن سياستها القديمة فى مجابهة النظام المصري، ومعاداة قيادات سياسية مصرية، سواء بالتشهير أو التلسين أو القذف فى الأعراض، إلا أنها ربما تنتظر أمراً ما يصدر عن السلطة الحاكمة في قطر لتعود لرشدها، وهو الأمر الذي اعتبره محللون مصريون أمراً ضرورياً لقبول المصالحة مع قطر. يبدو أن تجاهل مؤسسة الرئاسة المصرية ذكر اسم دولة قطر في بيانها الأخير، الذي صدر أمس، تعليقًا على مبادرة المملكة العربية السعودية للمصالحة، كان له دوراً فى حالة "الإمساك بالعصا من المنتصف" أو "الرقص على السلم" انتظاراً لموقف رسمي يذيب كثبان الجليد بين البلدين. كانت مؤسسة الرئاسة المصرية، رحبت بالمبادرة المطروحة للتوافق بين الأشقاء العرب – دون ذكر قطر- لمواجهة التحديات التي تهدد الأمة العربية والإسلامية. وبالعودة إلى القراءة فى مضمون شبكة الجزيرة، وبعض وسائل الإعلام التى عرف عنها مهاجمتها للسلطة المصرية، نجد أنها لجأت إلى سياسة "وسطية" في التعامل الإخباري مع الأخبار المتعلقة بالشأن المصري. وبتحليل المواقع المحسوبة على دولة قطر ك"الجزيرة مباشر مصر"، نجد أنه استخدم مفردات "قوات الأمن" بدلاً من "أمن الانقلاب"، و"الرئيس الأسبق" بدلاً من "الرئيس الشرعي محمد مرسى. وفى السياق نفسه، غيّرت قناة الجزيرة مباشر مصر، من لغتها اليوم، واعتبرت أن مرسى أصبح "ماضياً"، وأنه على الجميع الاعتراف بالأمر الواقع فى مصر، وذلك جاء على لسان مذيع القناة التى عرفت دائماً بمعاداتها للنظام الحالى بعدما اعترض على رأى متصل إخوانى، حول طبيعة الأوضاع بمصر. المتصل الإخوانى كان اعترض على الأوضاع الحالية فى مصر، ورفض فكرة المصالحة، إلا أن المذيع قاطعه، قائلاً: "فيه واقع دلوقتى وهو إنه تم انتخاب رئيس – فى إشارة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى - وإقرار دستور، وعلى أول السنة الجديدة هيبقى فيه انتخابات برلمانية". ولم تكتف قناة "الجزيرة مباشر مصر" بالاعتراف بشرعية الرئيس عبدالفتاح السيسي اليوم، والتراجع عن وصفه برئيس "الانقلاب"، فقد سمحت لمؤيدي "السيسى" بالتعبير عن حبهم له والاحتفال بعيد ميلاده على شريطها الإخباري التى كانت لا تسمح به من قبل سوى للمعارضين فقط. كما احتفت القناة بما نقلته وكالة "رويترز" من تصرح عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، في مقابلة مع قناة "فرانس 24"، بأن "عفواً رئاسياً عن صحفيين اثنين من قناة "الجزيرة" لا يزال "محل نقاش"، وهى الأزمة التى اعتبرها المحللون عنصراً أساسياً فى المصالحة. أما موقع "العربي الجديد" – الذى ذكره الرئيس السيسي فى حوار له بأنه من وسائل الإعلام المحرضة ضد مصر- نشر تقريراً يلوم خلاله على وسائل الإعلام المصرية لسبابها الحاد للنظام القطري الذى لم يسئ لمصر، بل بارك اختيار الشعب المصري، على حد وصفه. ذكر الموقع الممول من قطر، الذى يساند الإخوان، تحت عنوان "مصر على خطّ المصالحة الخليجية بطلب سعودي" - كتبه محرر من الدوحة - أن قطر لم تعلن، في أي تصريح أو بيان، موقفاً معادياً من السلطة التي تولّت الحكم في مصر بعد الثالث من يوليو 2013، ولم تتحدث عن انقلاب عسكري، بل أكدت مساندتها خيارات الشعب المصري، منتقداً ما وصفه بدء وسائل إعلام مصرية من تشنيع مفرط وشطط في التأليب والتحريض والتشويه ضد السلطة القطرية. لكن الأمر لم يخلُ من ذكر الأخبار المحرضة على التظاهر، ونشر بيانات ما يسمى بالتحالف الوطني لدعم الشرعية، وتظاهرات طلاب الأزهر تحت وصف "طلاب ضد الانقلاب"، وكذلك ما وصفته بالبطش الأمني لقيادات الجبهة السلفية التي دعت لما يسمى ب"انتفاضة الشاب المسلم"، ولكن دون أن تصف قوات الشرطة بأنها "قوات أمن الانقلاب" كما اعتادت. وحاولت صحيفة "العربى الجديد" الخروج من معضلة وصف النظام الحالي بالانقلاب – ملثما اعتادت دوما- بوصف النظام الحاكم بأنه "نظام ما بعد الثالث من يوليو 2013"، أو "النظام الجديد". فيما تجاهلت مواقع إخوانية أخرى الدعوة للمصالحة، وعلى رأسها موقعا "الحرية والعدالة"، التابع لجماعة الإخوان، و"الشعب" الداعم للإخوان، وتطرق لتقارير حول بعض الأزمات الداخلية بين السنة والشيعة فى الإمارة القطرية.