نعم الحكومة مسئولة.. لكن الناس أيضاً مسئولون أعجبنى تعليق المهندس إبراهيم محلب على حادث البحيرة بأن مصر صارت تعانى من إرهاب آخر هو إرهاب الإهمال.. وبصراحة كنت أريد تفسيراً وتفصيلاً لإرهاب الإهمال، هل هو إهمال الشعب أم إرهاب الحكومة، من المهمل ومن الفاسد؟.. من الراشى ومن المرتشى؟ من المتسبب فى الفوضى واللامبالاة وقيم السلبية والأنامالية والرخاوة والتطنيش.. وياعم مدام بعيد عنى خللى البلد تولع.. وصاحب هذا المنطق لا ينظر أبعد من قدميه لأن الحريق لا محالة سيصل حتى إليته وهدمته، حكى لى طبيب قصة قصيرة موحية، أحد المسعفين وصلته من النجدة استغاثة لانقاذ ضحايا حادث على أحد الطرق فقال لزميله روح انت لأنى لسه جاى من هناك والطريق. مليان مطبات.. وافق زميله لكن وهو فى الطريق جاءته استغاثة أخرى لحادث فى مكان قبل الحادث المبلغ عنه أولاً فذهب للحادث الثانى وعاد للمستشفى ليجد زميله جالس يشرب الشاى ويسأله انت رحت للحادثة فأجاب بالنفى وأثناء حديثهما دخلت سيارة ملاكى أخرى نصف نقل تحمل المصابين وكان بينهم شقيق المسعف وزوجته وقد نزفا كثيراً حتى فارقا الحياة وتركا أطفالاً صغاراً وما إن رآهما المسعف حتى أصيب بلوثه وأخذ يلطم ويقول ياريتنى رحت بعد ماسمعت البلاغ، إذن فالضحية قد يكون أخاك أو صاحبك وفى الأخير هو إنسان فى أضعف حالاته بين الموت والحياة.. ونعود للسؤال: من المسئول؟.. هل الفساد المتراكم الذى ضربت جرثومته فى بنية المجتمع من تحت لفوق، دعونا نفهم المنظومة من أولها. الطرق فى مصر هى الأسوأ على الإطلاق واستلام الأسفلت من المقاولين أكبر منظومة للفساد فى المحليات وأنا أعرف مقاولين من لا شىء عملوا ملايين لأنهم يدفعون رشاوى فى المناقصات وعند التسليم، ونحن ليس لدينا كود جودة للطرق عدا التى تشرف عليها القوات المسلحة، وأى طريق جديد بعد عدة أشهر تظهر فيه الحفر وتهبط طبقاته وانظر الدائرى والمحور والطريق الزراعى وقارن بينهما وطريق السخنة ستلحظ الفرق، والمستفز خلال الأيام الماضية هو تصريح المسؤل عن الطرق والكبارى فى مصر وقوله إنهم يتعمدون عدم الإتقان فى الطرق حتى لا تجري عليها السيارات وتسير ببطء يقصد من كثرة المطبات والحفر طبعاً وهى افتكاسة مصريه أطالبه بتسجيلها فى موسوعة جينيس العالمية والتى دخلناها بلا فخر باعتبارنا الدولة رقم واحد فى حوادث الطرق بالعالم وأعلى نسبة ضحايا لحوادث السير فى الكون، فلا يوجد بلد حتى الصين يفقد مواطناً ونصف كل ساعة فى حادث طريق، وما أدهشنى أن المسئول شن هجوما على إدارة المرور وقال إنها لا تفعل ما عليها وتراقب السائقين وكإنه يبعد عن نفسه التهمة ويلقيها على شماعة الداخلية لينام مستريح الضمير بعد أن نفض يده من جريمة قتل الأبرياء وهى عادة مصرية قديمة.. البحث عن شماعة وخلاص، لا ياباشمهندس حضرتك أول المتهمين ودماء الضحايا فى رقبتك لأنك ومن معك من المسئولين تركتم الطرق فخاخاً للموت، طريق بلا حارة للإسعاف وبلا إنذارات للسرعة وبلا أى خدمات أو إشارات كما فى كل الطرق فى الدول المتحضرة ثم يأتى دور رقابة القانون وتفعيله متمثلاً فى الداخلية التى تحولت لمرور الجباية فقط رغم أن دورها يبدأ من منع الكوارث ومنع السرعة والحيلولة دون الحوادث أما بعد الحادثة فلا يوجد أبشع مما يحدث فى مصر، أمس الأول شاهدت بنفسى حادثاً على الدائرى، الطريق متوقف ونزلت من السيارة لأجد مقطورة وملف المقطورات يحتاج وقفة أخرى دخل سائقها فى ميكروباص وسحقه وهرسه هرساً بركابه فى السور الخرسانى للطريق والناس أخرجوا الضحايا وألقوهم على جانب الطريق.. وجدت ضابطاً برتبة نقيب وسألته هل بلغت الإسعاف؟ فقال بلغتهم من نصف ساعة وكل دقيقة يقولوا إحنا فى الطريق بس الطريق واقف وبنحاول نسلك، وصرخت ياليلة سودة ونهار أغبر.. الناس بتنزف والاسعاف مش عارفة توصل، أين الإسعاف الطائر الذى بشرنا به وزير الصحة؟، وأنا أسال نفسى همس لى أحدهم يا أستاذ عندك فكرة هايروحو أى مستشفى؟ قلت أقرب مستشفى تاخدهم رئيس الحكومة طلع قرار أن كل المستشفيات ملزمة بإنقاذ الحوادث فى الطوارئ مجاناً لمدة 48ساعة فقال لى وهو يتلمظ.. يابيه ده كلام جرايد.. واحد زميلى عمل حادثة الأسبوع اللى فات ودوه مستشفى كليوبترا وهوه مدشدش قالوله تدفع خمستاشر ألف جنيه قالهم وتصريح رئيس الحكومة قالو له خليه ييجى يقولنا الكلام ده بنفسه.. ادفع تتعالج ماتدفعش شوف مستشفى حكومى، علامة تعجب من عندك عزيزى القارئ. 2 الإدمان والناس نعم الحكومة مسئولة لكن الناس أيضاً مسئولون.. أمين الشرطة المرتشى والذى يمد يده مجرم والمواطن الذى يرشوه أكثر إجراماً، والسائق الذى يضع تحت لسانه سنة أفيون أو زميله الذى يبلع الترامادول ويسير مغيباً ولا يشعر وهو يقتل ويدهس ويعربد ولا يلزم اليمين مجرم لكن الأكثر إجراماً الجهة التى تركته يمارس جريمته على الطريق ولم تقبض عليه أو تسحب رخصته وتحاكمه، الجميع مشاركون فى الجريمة وعلى رأى أحمد زكى فى فيلم ضد الحكومة.. كلنا فاسدون.. لا أستثنى منكم أحداً.