غداً وعلى غير العادة يختتم مهرجان «كان» السينمائى الدولى فى دورته السابعة والستين فاعليته بفيلم قديم من إنتاج الستينيات «من أجل حفنة دولارات» A Fistful of Dollars ويعرض بعد تسليم الجوائز، ومن المقرر أن يتم عرض نسخة مرممة جديدة منه، ومناقشته مع المخرج والمنتج العالمى كوانتين تارانتينو.. «A Fistful of Dollars» من إخراج سيرجى ليونى، وبطولة كلينت إيستوود، وجيان ماريا فولونتيه وماريان كوش وجوزيه كالفو، مدته 99 دقيقة.. كما وقع اختيار إدارة المهرجان على المخرج الكبير كوانتين تارانتينو لتقديم الفيلم، ويأتى اختيار الفيلم ضمن محاولة القائمين على المهرجان بالاحتفاء بالذكرى ال50 ل«أفلام الغرب الاسباجتى»، حيث تم إنتاج الفيلم عام 1964 وتدور أحداثه فى بلدة صغيرة، واحتل الفيلم المكانة الخامسة بين أهم عشرة أفلام إيطالية، وهو أول فيلم يقدم صورة الغرب الأمريكى بنكهة إيطالية، وحول الفيلم الممثل المخضرم كلينت ايستوود إلى أيقونة سينمائية عالمية.. والطريف أن أجر ايستوود فى الفيلم كان 15 ألف دولار.. ويقال إن مسيرة المخرج اليابانى الكبير أكيرا كوروساوا السينمائية التى ألهمت الكثير من المخرجين، وكانت أفلامه وفكره السينمائى خطاً انتهجه وتأثر به الكثير من السينمائيين حول العالم، كانت وراء إبداع الإيطالى الكبير سيرجيو ليونى لفيلمه «حفنة من الدولارات» A Fistful of Dollars عام 64، والتى يرى الكثيرون أنه مقتبس من رائعة كوروساوا الشهيرة «الحارس الشخصى» yojimbo عام 61 والتى تحكى قصة ساموراى يموت سيده فيمضى من دون وجهة محددة، حتى يصل إلى قرية صغيرة، يتنافس زعيمان لدودان للسيطرة عليها وبعد قدوم هذا الساموراى الشجاع، يتنافس كل واحد منهما أيضاً على كسبه إلى صفه!، ومن المعروف أنه عام 1996 أعادت السينما الأمريكية هذا الفيلم بعنوان جديد «آخر رجل صامد» last man standing من بطولة النجم بروس ويليس، وتدور أحداثه فى نفس فلك القصة الأصلية، رجل غريب يلعب دوره ويليس يصل إلى بلدة تتزعمها عصابتان الأولى أيرلندية والأخرى إيطالية، وفور وصوله تحاول كل من العصابتين استمالته وضمه إليها، واختيار فيلم من أجل حفنة دولارات ليكون فيلم الختام تعبيراً عن الاحتفال بأفلام ويسترن «اسباجتى» سميت هذه الأفلام بهذا الاسم نسبة إلى الأكلة المفضلة عند الإيطاليين لأن السيناريو والإخراج والإنتاج إيطالى مائة فى المائة ولا دخل للأمريكان فيه، وبالرغم من ذلك غزتهم أفلام «سرجيو ليونى» فى عقر دارهم مقدماً تحفة فنية مميزة فى تاريخ السينما، ويعتبر «سرجيو ليونى» Sergio Leone المخرج والسيناريست الإيطالى 1929 1989 أب سينما الويسترن «اسباجتى» الذى جابت شهرته العالم أجمع عن طريق ثلاثيته الأسطورية «من أجل حفنة من الدولارات»، و«من أجل بعض الدولارات زيادة» و«الطيب والشرير والقبيح»، والتى لاتزال إلى يومنا هذا تعتبر من كلاسيكيات السينما، إضافة إلى كونها مكنت العالم من اكتشاف الممثل الأمريكى «كلينت ايستوود Clint Estwood ولقد استطاع «ليونى» أن يفرض نفسه بقوة كأبرز المخرجين العالميين الكبار بفضل أسلوبه المتميز وطريقته الفريدة المبتكرة فى الإخراج مع الاستخدام الأمثل والأروع للموسيقى التى ألفها مغنيه وصديقه «إينيو موريكونى» تتميز أفلام الويسترن التى أخرجها «ليونى» بسيناريو يتميز بالعنف وموسيقى ملحمية حماسية وممثلين يكتشفهم ويعيد تقديمهم، كما حدث مع كلينت ايستوود، وأفلام ليونى كانت تعتمد على البطولة الرجولية لأنه لا يعترف سوى بقوة العنف ولا مجال فيه للأخلاق والرومانسيات والأحلام الوردية.. أما بطل الفيلم كلينت ايستوود فممثل ومخرج ومنتج سينمائى استدعى للخدمة العسكرية الإلزامية عام 1950، حيث قابل الممثل ديفيد جانسن ومارتن ميلنر اللذين أشارا عليه بالذهاب إلى لوس أنجلوس بعد الخدمة العسكرية، وبالفعل توجه كلينت ايستوود إلى لوس أنجلوس واختبر لدى يونيفيرسال ونجح فى الاختبار ووقع عقداً 75 دولاراً فى الأسبوع، وكانت أول أدواره فى فيلم الخيال العلمى Revenge of the Creature 1955 ثم Tarantula 1955 ثم ظهر على التليفزيون فى مسلسل Rawhide الذى استمر عرضه ثمانية مواسم وذلك لصالح CBS. يقول الناقد محمد رضا: ثلاثية المخرج الإيطالى سيرجيو ليونى 1929 1989 مع الممثل كلينت ايستوود «83 سنة» إنها ثلاثة أفلام دخلت تاريخهما المشترك، وايستوود طالما أكد أن ليونى من بين من يكن لهم التقدير لدوره فى اكتشافه، هذه الأفلام الثلاثة هى «حفنة دولارات» 1964 و«لأجل حفنة دولارات أكثر » 1965 و«الطيب والشرير والقبيح» 1966 وفيها لعب ذلك الشاب الطويل أدوار المقاتل الذى لا يحمل اسماً والذى حط فى الفيلمين الأولين، وسط حرب العصابات، وفى الثالث وسط الحرب الأهلية الأمريكية بأسرها، قام ايستوود وليونى بالتعاون معاً فى فيلم «من أجل دولارات أكثر» وهذه المرة جلب ليونى من هوليوود ممثل أدوار الشر لى فان كليف، وكما جعل ليونى من ايستوود اسماً معروفاً، حين تم تقديم العرض لايستوود تم تخييره بين 20 ألف دولار وسيارة «فيرارى» أو 25 ألف دولار من دون سيارة، اختار ايستوود السيارة على أساس أن عميله لا يستطيع أن يتقاضى عمولته عن السيارة. وكلينت ايستوود حائز على جائزة الأوسكار 4 مرات، اثنتين عن أفضل مخرج واثنتين عن أفضل فيلم، يعتبر ايستوود رمزاً للسينما الأمريكية إن لم يكن رمزاً لأمريكا نفسها، فاز كلينت ايستوود بجائزتى أوسكار عام 1993 عن فيلم «غير المسامح» كأفضل مخرج وأفضل فيلم، وفاز كذلك فى عام 2005 بجائزتى أوسكار عن فيلم «فتاة المليون دولار» كأفضل مخرج وأفضل فيلم وتم ترشيحه للفوز بنفس الجائزة فى 2007 عن فيلم «رسائل من إيوو جيما»، اشتهر كلينت بأدائه لدور الرجل الحازم، الخشن الطباع والحاد الذكاء فى عدة أفلام منها سلسلة هارى القذر التى قام فيها بدور المفتش هارى كالاهان ودور الرجل الذى لا يحمل اسماً فى سلسلة ثلاثية الدولار للمخرج سيرجيو ليونى وذلك ضمن موجة أفلام اسباجتى ويسترن، وقام ايستوود ببطولة العديد من الأفلام طوال مسيرته السينمائية منها غير المسامح وهارى القذر والطيب والشرس والقبيح وحفنة من الدولارات وأبطال كيلى واشنقهم عالياً.
