كشفت دراسة حديثة أن الكساد الاقتصادي العالمي قلل الارتفاع العام في معدلات الخصوبة الذي كان واضحاً في العديد من البلدان المتقدمة خلال العقود الأخيرة، بينما شهدت بعض البلدان انخفاضاً كبيراً في معدلات المواليد منذ نهاية عام 2008، الذي مثل قمة الأزمة المالية العالمية. وقال الباحثون الذين أجروا الدراسة إن الكساد قد أنهى الارتفاع الأول في معدلات الخصوبة في أنحاء العالم الصناعي منذ الستينيات، مع خشية النساء العاملات، صغيرات السن على وجه الخصوص، على مستقبلهن المالي في حالة حدوث حمل لهن. وأضاف الباحثون أن كلاً من إنجلترا وويلز قد كانتا من بين العديد من البلدان الأوربية التي شهدت توقف الارتفاع المنتظم الأخير لمعدلات الخصوبة، بينما شهدت كل من الولاياتالمتحدةوإسبانيا ولاتفيا انخفاضاً كبيراً في معدلات الخصوبة بعد الصدمة المالية في عام 2008، التي مازالت أصداؤها تتردد في أنحاء العالم. وقد وجدت الدراسة أن ردود أفعال البشر تجاه التراجع الاقتصادي العالمي من ناحية رغبتهم في الإنجاب تختلف اعتماداً على أعمارهم وجنسهم ووضعهم التعليمي، وعدد الأطفال الذين لديهم بالفعل، وما إذا كانوا مهاجرين أم لا. وقال توماس سوبوتكا، من معهد فيينا الديموجرافي بالنمسا، الذي قاد الدراسة: "إن صغار السن والذين ليس لديهم أطفال، على سبيل المثال، أقل احتمالاً في أن ينجبوا أطفالاً أثناء فترات الكساد". وأضاف: "تستجيب النساء الحاصلات على مستوى تعليم مرتفع لعدم اليقين الوظيفي بتطوير إستراتيجية تأجيل الحمل، خصوصاً إذا كن بدون أطفال. وفي المقابل، غالباً ما تحافظ النساء الأقل تعليماً على معدل الخصوبة الذي يتمتعن به، أو يزدن منه في ظروف عدم اليقين الاقتصادي". وقال العلماء إن فترات الكساد السابقة كانت قصيرة جداً لدرجة أنه لم يكن لها تأثير كبير على الخصوبة لكن التراجع الاقتصادي الحالي سيء بدرجة كافية لكي تكون لها تأثيرات ممتدة على المدى الطويل. وكتب العلماء: "إن التخفيضات الكبرى في الإنفاق العام في العديد من البلدان المتقدمة، ومن بينها إسبانيا والمملكة المتحدة، التي استهدفت تقليل عجز الموازنة، سوف تؤثر على الإنفاق المرتبط بالشئون الاجتماعية والأسرية، ومن المحتمل أن تؤثر على الخصوبة". وأضافوا: "ويمكن أن تؤثر نتائج الكساد على الخصوبة على مرحلتين: الأولى من خلال ارتفاع معدلات البطالة وعدم اليقين الاقتصادي، والأخيرة من خلال انخفاض الدعم المالي للأسر التي لديها أطفال". والدراسة التي أجريت بالتنسيق مع المعهد الدولي للنظم التطبيقية، ونشرت في صحيفة (بوبيولاشن أند ديفيلوبمنت ريفيو)، توصلت إلى أن معدلات الخصوبة في 26 بلداً من بلدان الاتحاد الأوربي السبعة والعشرين كانت تزيد بصورة منتظمة حتى عام 2008، عندما بدأت إما في الثبات أو في الانخفاض في 17 بلداً.