كشف راشد الغنوشى رئيس حركة النهضة فى تونس عن تحريك قضية فساد ضد صهره رفيق عبد السلام وزير الخارجية السابق ، مشيرا إلى أنه واثق من براءته من تهمة التصرف لحسابه فى منحة مقدمة من الحكومة الصينية تبلغ مليون دولار. وقال الغنوشى فى حوار اليوم الثلاثاء بالتزامن مع جريدة الوطن القطرية إنه لم يضغط لتعيين زوج ابنته فى منصب وزير الخارجية فى حكومة حمادى الجبالى ، مضيفا أن "هذه قضية ظالمة وكيدية ضده (عبد السلام) وأنا شخصيا مؤمن تماما ببراءته وليس هناك شك فى هذا.. هو متهم باتهامات باطلة وسخيفة بأنه تصرف فى منحة من الصين بقيمة مليون دولار بينما هى موجودة فى خزينة الدولة ودون المساس بها". وعن مسألة تعيين الأقارب وحقيقة ممارسته لنفوذه من أجل تعيين صهره وزيرا للخارجية فى حكومة الجبالى "رغم أنه لا يملك من المقومات الدبلوماسية ما يؤهله للقيام بواجبات هذا المنصب الرفيع" قال: "لو صح ذلك لبقى رفيق عبد السلام فى مكانه.. لو كنت أنا كرئيس لحركة النهضة قد ضغطت لتعيينه فما الذى منعنى من الاستمرار فى ذلك حتى يظل صهرى موجودا حتى الآن ، ولكن للإنصاف فإنه رجل كفء وما كان ليوضع فى منصبه إلا بعد مشاورات داخل حركتنا والتصويت عليه كشأن باقى الوزراء ، الذين لم يمر منهم وزير دون التصويت عليه داخل الحركة ورئيس النهضة ذاته له صوت كبقية الأصوات وأحيانا يكون مع الأقلية ومرة أخرى مع الأغلبية والحركة تحكمها مؤسسات ولا يقودها فرد ثم أن رفيق عبد السلام يتمتع بكفاءة عالية فهو استاذ فى العلوم السياسية والعلاقات الدولية ، وبالتالى فإن هذه هى صناعته وأكثر المؤهلين لهذا المنصب". وعن سبب استبعاده من حكومة على العريض أجاب: "تخلينا عنه فى الوزارة الثانية بعدما تنازلت حركة النهضة عن الوزارات السيادية وبالتالى لم نستثن صهر رئيس الحركة طالما قبلنا قاعدة تحييد الوزارات السيادية فى وزارة على العريض ، فصار عليه ما صار على الآخرين .. وأريد أن أوضح شيئا: لا يعنى أن تكون القرابة مصدر فساد ولا ينبغى أن يقدم أحد بسبب قرابته ولا أن يؤخر ويظلم بسبب قرابته ، لأنه سيقال كنا مظلومين فى الماضى بسبب قرابتنا ، ثم الآن نحن مضطهدون بسبب قرابتنا أيضا، وإلا ستكون القرابة لعنة". وعلى صعيد آخر نفى الغنوشى أن تكون حركة النهضة قد تعرضت لضغوط من الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبى وكذلك الجزائر لإجبارها بقبول مخرجات الحوار الوطنى الذى كانوا يرفضونه من قبل ، وذكر: "هذا ليس صحيحا.. لم يشارك فى الحوار الوطنى إلا التونسيين وحدهم ، ولم يكن حاضرا معنا لا ماديا ولا معنويا، أى طرف خارجي.. أنا قلت إنه لم يكن هناك حضور مادى أو معنوى ، وإن كنا نعترف ولا ننكر ، بأن كل هذه الأطراف التى ذكرتها لها مصلحة فى إنجاح التجربة التونسية ، ولها مصلحة فى استقرار تونس ، وعدم سقوطها فى ظل تنامى ظاهرة عصابات الإرهاب ، المخدرات ، وتهريب العمالة إلى أوروبا ، ومن ثم فهناك التقاء فى المصالح بيننا وبين شركائنا وأصدقائنا لإنجاح هذه التجربة التونسية ، ونتمنى أن يكون العالم كله معنا لإنجاح تجربتنا ، التى نقدر أنها خير للجميع". ومن جهة أخرى، تطرق زعيم حركة النهضة إلى التهديدات التى تلقاها ومسألة استهدافه بالقتل قائلا: "تم إبلاغى من الجهات المعنية بوجود خطر يتهدد حياتى ، وحتى الآن لم يكشفوا لى عما تكون هذه الجهة ، ولا علم لى بأن هناك من تم القبض عليهم من متورطين فى التدبير لهذا الاغتيال ، ولا أدرى ، كيف عرفت الأجهزة الأمنية بذلك ، ولكننى أثق فى أجهزتنا الأمنية ، وإلا ما كان لها أن تشدد الحراسة لولا يقينها ، وأغلب الظن أن هناك خطرا لا يستهدف حياتى فقط ، بقدر ما يستهدف إرباك المسار الديمقراطى فى تونس، وبالفعل هناك جهات تدخلت أكثر من مرة فى تونس عن طريق الاغتيال بالدم ، من أجل وقف المسار نحو الديمقراطية التونسية الوليدة، وبالفعل قد نجحوا، ولكن إلى حين ، ونحن فى (تموز) يوليو الماضى كنا فى وضعية تشبه وضعية الآن ، حيث كان البرلمان يشتغل، وبدأ نقاش الدستور، والهيئة المستقلة للانتخابات، التى تتكون من 9 أعضاء، تم انتخاب 8 منهم، بحيث لم يتبق إلا عضو واحد، إلا وفوجئنا بهذه الجهة تتدخل وتقوم بعملية اغتيال (المعارض محمد) البراهمى رحمه الله ، لذلك خرج القطار التونسى عن مساره، وظل خارج السكة من ذلك الوقت إلى الآن، حتى رجع الحوار الوطنى الذى عاد بالقطار التونسى إلى محطته ، بعد أن أوشك القطار أن يتدهور نهائيا، وقد تسبب ذلك فى تأخيرنا نحو خمسة أو ستة أشهر". وتابع : "أكبر المتضررين من موجة الاغتيال هو المسار الديمقراطى فى تونس، وأكثرهم فى الداخل على وجه التحديد هم الذين يحكمون، لأن الذى يحكم هو المسؤول عن استمرار الاستقرار فى البلاد، ويكفى أن الاغتيال السياسى الأول قد أسقط حكومتنا الأولى، فى حين أن الاغتيال الثاني، تسبب فى دخول البلاد إلى مأزق سياسى كبير، وبالتالى كانت النهضة هى أكبر المتضررين من ذلك، لكونها تقود الحكم، وليس منطقيا أن حركتنا استهدفت ذاتها من خلال القيام بجرائم ضد زعماء سياسيين". وفى رده على من يرى أن حكم حركة النهضة سقط فى تونس بعد إجبار حكومتها على الاستقالة تحت وطأة الضغط الشعبى قال :"الحديث عن سقوط النهضة كلام لا يستقيم لأن الحركة على فرض خرجت من الحكومة، فإنها لم تخرج من الحكم، لأنه أكثر اتساعا من الحكومة، إذ أن الحكم فى تونس هو برلماني، أو شبه نيابي، بمعنى أن مركز الحكم فيه هو البرلمان، والمجلس الوطنى التأسيسي، حيث تمثل النهضة الكتلة الأكبر فى البرلمان، ولذلك فالسلطة بكل تنوعاتها تمر عبر النهضة فى الوقت الحالي، وللتأكيد على ذلك فإنه عندما استقال على العريض، فإن رئيس الجمهورية، وبحسب القانون دعا رئيس حركة النهضة باعتبارها تمثل الكتلة الأكبر فى البرلمان، وقدم له طلبا مكتوبا، حتى نقدم مرشحا لرئاسة الحكومة، وبالفعل قمنا بترشيح مهدى جمعة، باعتباره هو مرشح التوافق الوطنى أو الحوار الوطني، ونحن جزء منه وسندعمه إن شاء الله ونتعاون معه لإنجاح المسار الديمقراطي". وأوضح :"حركة النهضة اعتمدت مرشح الحوار الوطني، لأنها جزء منه، وقدمته لرئيس الجمهورية، وفقا لما ينص عليه القانون، باعتبار أن الحوار الوطنى لم يحل محل النهضة، وظلت كما هي، باعتبار أنها صاحبة الكتلة الأكبر فى البرلمان ، هى التى تقدم، ولكن فى هذه المرة قدمته باسم الحوار الوطني، التى هى جزء منه، حيث أن الحكم لايزال يمر عبر النهضة ، والحكم فى بلادنا ، هو أشبه بالحكم البرلماني، ومركز السلطة فيه البرلمان، وبالتالى فإن النهضة لاتزال العنصر الأساسى فى هذا الحكم.. وثانيا، فإن رئيس الحكومة المكلف، الذى رشحته النهضة، ورشحه الوفاق الوطني، سيشكل حكومته بحرية، ثم يذهب بها إلى المجلس الوطنى التأسيسي، حيث أن هذه الحكومة لن تمر إلا بموافقة حركتنا، لأنها صاحبة الكتلة الأكبر، وبالتالى فإن هذه الحكومة، لاتزال تحت رقابة البرلمان، ولكن بطبيعة الحال فإن هذه الحكومة التى أنتجها الوفاق الوطني، ووافقت عليها النهضة، وقدمت رئيسها إلى رئيس الدولة لكى يعتمده، لذا لن نكون عقبة فى طريقها وعرقلتها، لأنها ليست حكومة المعارضة، ولا النهضة، ولكنها حكومة وفاق وطني، ولهذا سوف ندعمها، باعتبار أنها ستقود البلاد نحو المحطة النهائية.. نحو مرفأ السلام". وعن أسباب موافقة الحركة الآن على تشكيل حكومة كفاءات فى حين أنها رفضت هذا الاقتراح عندما طرحه حمادى الجبالى عندما كان يتولى رئاسة الحكومة أجاب :"لكل مقام مقال، وليس فى السياسة ما هو دائم، بل هى تقدير لمصلحة فى ظرف محدد، وعليه فإنه فى ذلك الوقت لم تكن حكومة الكفاءات ملائمة لتونس، ولكن نحن رأينا اليوم وقدرنا أنها أكثر ملاءمة لبلادنا، لأنه فى الماضى حينما تم طرح حكومة كفاءات، فإن الجانب الخفى فيها كان يستهدف إظهار حركة النهضة بأنها فشلت، وبالتالى فعليها أن تترك السلطة، بينما عندما تقبل النهضة الآن بحكومة كفاءات، فهذا يرجع السبب فيه لاعتبارها خطوة نحو تحقيق الانتقال الديمقراطى فى تونس، الذى يقصد من ورائه تحييد الحكومة الجديدة، لتقود الانتخابات، بحيث نسد باب الذرائع أمام أى أحد، فلا يخرج علينا من يتهم هذه الانتخابات بالتزييف، وبالتالى فهناك فرق بين أن تخرج من الحكم فى إطار الفشل، لأنك فاشل، وأن تخرج من الحكم حتى تتيح فرصة لنجاح المرحلة الانتقالية. وفى سياق متصل تطرق الغنوشى إلى انعكاسات تطورات الأوضاع فى مصر على الشأن الداخلى فى تونس ، وقال: "مصر بلا شك دولة كبرى وما يحدث فيها سوف يؤثر على المنطقة ربما لا نكون فى نفس الموقف الذى عليه مصر والتى هى دولة محورية ونحن نقدر بأن ما حدث فى مصر كان بمثابة الزلزال، ولابد سيكون له تأثير فى جملة المنطقة، ولاحظنا بعد الزلزال المصري، ارتفع سقف المعارضة التونسية، وأصبحت تطالب الإطاحة بالحكومة والمجلس، وتكونت أحزاب وجمعيات تحمل نفس الأسماء الموجودة فى مصر، ولكن كما يقال فى المنطق، القياس مع وجود الفارق، فقياس الحالة التونسية على الحالة المصرية، هو قياس فاسد، بسبب الاختلاف بين الحالتين، وبين الجيشين المصرى والتونسي، حيث أن الجيش التونسى ليست له سوابق فى الحكم، وذلك خلافا للجيش المصرى الذى ظل مشاركا فى الحكم باستمرار، بينما فى تونس السلطة لم تكن بيد الجيش بل فى يد سلطة قمعية". وعن العلاقة مع دول الخليج وخاصة السعودية التى استقبلت الرئيس السابق زين العابدين بن على ، قال ":علاقاتنا عادية ونعمل على تطويرها مع جميع الأشقاء الخليجيين ، وقد قدمت قطر مشكورة الكثير من الدعم لتونس الثورة، وكذلك السعودية قدمت لتونس صندوق التنمية السعودي، الذى قدم مساعدات واستثمارات فى تونس. ونحن نأمل أن تتحسن وتتطور علاقاتنا مع الأشقاء فى الخليج على قاعدة الاخوة والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل". ولكن فى الإطار ذاته فإن "وجود بن على فى السعودية لا يسرنا ، ولكن ليس بن على من الأهمية حتى نضحى بعلاقتنا مع الشقيقة السعودية من أجل ذلك. ونحن تقدمنا بطلب رسمى إلى الإنتربول الدولى لتسلمه تطبيقا للقانون".