أطلقت ثورة 25 يناير طاقات شباب الفنانين التشكيليين الذين طالما عانوا لجذب الجمهور لأعمالهم وتوفير قاعات لعرضها، فما كان منهم إلا أن نزلوا بأعمالهم إلى الشارع، ووجدوا ضالتهم في محطة "السادات" لمترو الأنفاق ، المسماة بالتحرير، مهد الثورة المصرية. واتفقت مجموعة من شباب التشكيليين مع المهندس محمد الشيمي- رئيس الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق- على عرض أعمالهم في أحد الممرات الرئيسية في محطة التحرير. واسترعى المعرض انتباه الآلاف من ركاب المترو، الذين ظلوا يتأملون بشغف الأعمال الفنية المعلقة على حوائط الممر، مذيلة بتوقيع فنانيها وغالبيتها مستلهم من الثورة المصرية. فهناك عشرات اللوحات التي تعبر عن عذابات الإنسان المصري، وقهر السلطة الحاكمة له، منها لوحة الرسام أسامة إمام الليثي التي يصور فيها شيخا مصريا غارقا في عذاباته، ويرفع يديه لأعلى ناشدا الحرية، والفرار من تلك العذابات والصعود من الهاوية. وهناك عدة لوحات تتناول الظلم والصلف الذي عاشه المصريون في فترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك، منها لوحتان للفنانة حنان النشرتي تصور إحداهما مبارك ووجهه يبدو مقسما بخريطة مصر، في إشارة إلى بقاء الوطن وذهاب الحكام، واللوحة الأخرى يبدو فيها مبارك خلف القضبان، فيما الرؤساء السابقون محمد نجيب وجمال عبدالناصر وأنور السادات يلوحون بالتحية لقوى الشعب المصري التي تبادلهم التحية، فيما الجميع يديرون ظهورهم لمبارك. ولاقت الرسومات الفنية لشباب التشكيليين استحسانا كبيرا من رواد مترو الأنفاق، الذين سألوا عن أسعار هذه اللوحات من أجل شراء بعضها، لكنهم فوجئوا بأن هذه اللوحات للعرض فقط، وليست للبيع، على عكس كل معارض الفن التشكيلي؛ وهو القرار الذي اتخذه الشباب والتزموا به لأن همهم الأكبر عرض فنهم على الجمهور أولا لا بيعه.