تشهد دولة الكويت بدء العد التنازلي لاجراء الانتخابات النيابية المقررة في السابع والعشرين من يوليو الجاري ، ويتنافس فيها 418 مرشحا بينهم 7 سيدات ، لاختيار أعضاء البرلمان الرابع عشر في تاريخ النظام البرلماني الكويتي، والمكون من 50 نائبا. وتكتسب هذه الانتخابات خصوصية بالغة، نظرا لكونها تجرى بعد حل مجلس النواب للمرة الثانية خلال عام واحد، والسادسة خلال خمسة أعوام .. كما أنها تجرى في ظل تحصين دستوري للمرسوم الذي أصدره أمير البلاد بتطبيق نظام "الصوت الواحد" ، بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الأمة الذي جرى انتخابه وفقا لنظام كان يسمح للناخب الواحد بالادلاء بصوته في كل دائرة من الدوائر الخمس في الكويت، وهو أتاح تكوين تحالفات ضارة بين المرشحين أصاب الحياة السياسية بالتشوه - وفقا لمراقبين سياسيين محليين - وأدى الى عزوف الكثير من المواطنين عن المشاركة في الانتخابات ، سواء بالترشح أو التصويت. على المستوى الشعبي .. انطلق ماراثون الدعاية الانتخابية في الديوانيات والمقار الانتخابية للمرشحين ، التي تحولت الى ندوات سياسية دائمة الانعقاد ، حتى أن البعض يقول ان الكويتيين أصبحوا يقضون وقتهم الأعظم داخل هذه المقار ، ولا حديث للشارع الكويتي الا عن المنافسة الانتخابية والحراك السياسي الذي تشهده البلاد، خاصة بعد قرار بعض التكتلات الانتخابية العودة الى المنافسة الانتخابية التي قاطعتها قبل انتخاب المجلس السابق المقضي بحله. ولا يسمح النظام السياسي الكويتي بتشكيل أو عمل الأحزاب ، الا أن الخريطة السياسية تضم عدة تكتلات رئيسية ، أكبرها كتلة العمل الشعبي التي تضم العديد من النواب السابقين، ويناصرها المنبر الديمقراطي المدافع عن الدولة المدنية وحقوق المرأة . تجدر الاشارة هنا الى أن عدد النساء الكويتيات المسجلات في كشوف الناخبين يفوق عدد الرجال ، حيث ييبلغ عددهن حسب كشوف العام الماضي - وفقا لمصادر رسمية 215 ألفا و300 ناخبة من إجمالي 400 ألف و296 مواطنا له حق التصويت ، بينما يبلغ عدد الذكور المسجلين 184 ألفا و996 ناخبا. كما تضم الخريطة السياسية الكويتية عدة تكتلات دينية ، على رأسها الحركة الدستورية الاسلامية المنبثقة عن جماعة الاخوان المسلمين ، والتجمع السلفي الاسلامي، والتحالف الوطني الاسلامي - شيعي، وتحالف العدالة والسلام - شيعي. أما على المستوى التنظيمي ، فقد قاربت الاستعدادات لاجراء الانتخابات على الاكتمال، في ظل توافد الوفود الاعلامية والدولية المدعوة للاطلاع على سير الانتخابات ، والتي تستضيفها كل من وزارة الاعلام وجمعية الشفافية الكويتية بدعم من حكومة البلاد. وكان الشيخ سلمان صباح السالم الصباح وزير الاعلام الكويتي قد افتتح مساء الثلاثاء المركز الاعلامي الخاص بمتابعة انتخابات مجلس الأمة ، وتفقد العمل بالمركز والتقى بالصحفيين المدعوين في مؤتمر صحفي أكد خلاله أن الحكومة أتخذت كل الاجراءات ووفرت كل التيسيرات لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية ، كما وضعت الدولة الاستعدادات من قبل المؤسسات المعنية لتوفير أجواء انتخابية مناسبة ، خاصة فى ظل اجراء الانتخابات تجرى فى شهر رمضان المبارك ودرجات الحرارة المرتفعة التي تصل الى نحو 50 درجة مئوية في وسط النهار، معربا عن أمله فى أن تجرى عملية الاقتراع فى الاتجاه الصحيح. وحول الاستعدادت الاعلامية للانتخابات ، قال وزير الاعلام: " ان الحكومة وفرت مراكز اعلامية فى الانتخابات السابقة ، وبالتالى تقوم وزارة الاعلام باعداد المركز الاعلامى التفاعلى للانتخابات ، بحيث يخدم الاعلام المحلى والاعلام الدولى "، مضيفا " نحن فخورون وسعداء أن نرى هذا الاهتمام الاعلامى بالانتخابات وبالاطلاع على التجربة الكويتية ، ونحن نفخر بالممارسة الديمقراطية فى الكويت وبدولة المؤسسات ونزاهة العملية الانتخابية "، مؤكدا على أن حكومة الكويت تقف على مسافة واحدة من كل الاتجاهات وتوفر كل المعطيات التنظيمية سواء من قبل وزارة العدل أو الداخلية أو الاعلام ووزارة التربية والتعليم ، بما يصب فى اتجاه توفير أجواء مناسبة للعملية الانتخابية ". وحول توقعاته بالنسبة للمشاركة فى الانتخابات ، قال أنه ليس بوسعه تحديد نسبة معينة للمشاركة ، ولكنه توقع أن تكون المشاركة كبيرة فى ظل حرص المواطنين الكويتيين الشديد على المشاركة فى هذا العرس الانتخابى ، للمساهمة فى انتخاب من يستحق الوصول إلى المؤسسة التشريعية المهمة ، والمساهمة فى صناعة المستقبل الكويتى من خلال التعاون مع السلطة التنفيذية . وحول مخاوف البعض من حدوث طعون قانونية على اجراءات الانتخابات قد تعرض المجلس المنتخب لمصير الحل أسوة بسابقيه، قال الشيخ سلمان : نحن نفخر بدولة المؤسسات فى الكويت ، والفصل بين السلطات الثلاث والتى تتعاون فيما بينها، وبالتالى فإن وجود سلطة قضائية لحفظ الحقوق هو أمر لابد أن نشيد به ، اما فيما يتعلق بالاجراءات الدستورية فان الحكومة كانت حريصة كل الحرص على تنفيذ حكم المحكمة الدستورية الذى صدر فى 16 يونيو الماضى ، والذى تحدث عن مهلة 60 يوما لاجراء الانتخابات ، وبالتالى فان الانتخابات المقبلة تأتى ضمن الاطار الدستورى ، اما فيما يتعلق بمن سيقدم طعنا على الانتخابات المقبلة فنحن نرحب بهذه الطعون طالما أنها تتم وفق الاطر الدستورية ، والقوانين المرعية ، وانا من جانبى كعضو فى الحكومة أؤكد على أن الحكومة أتخذت من الاجراءات الدستورية والقانونية الدقيقة ما يكفل تنظيم هذه الانتخابات التى نتطلع الى أن تكون ناجحة لتفضى إلى تشكيل مجلس أمه يتولى مسئولياته الوطنية ". وردا على سؤال حول ضمانات شفافية العملية الانتخابية ، خاصة فيما يتعلق بعملية شراء الاصوات ، قال " ان الحكومة حريصة كل الحرص على أجراء الانتخابات وفق معايير الشفافية والعدالة الكاملة ، اما فيما يتعلق ببعض المخالفات فان الحكومة حريصة على قيام الاجهزة المختصة بمتابعة أية مخالفات للقانون ، ونحن حريصون كل الحرص على ذلك ، أما فيما يتعلق بالحالات الفردية فانها لا يمكن أن تؤثر فى جوهر العملية الانتخابية بالكويت والممارسة الديمقراطية ". وحول قلة عدد المرشحات فى الانتخابات ، قال : " إن الكويت رائدة على صعيد حقوق المرأة ، وهى تدعم مشاركة المرأة فى العملية الانتخابية ، ولكنها تترك الحرية لمن ترغب فى الترشح ، وكنت أتمنى أن يكون هناك عدد أكبر من المرشحات ، كما أتمنى أن يكون للمرشحات فى الانتخابات حظ أوفر فى النجاح " . وردا على سؤال حول مدى تأثير التوتر السياسى بين الحكومة والمعارضة على الانتخابات ، قال :" نحن دولة مؤسسات والمحكمة الدستورية حسمت الموضوع بحكمها التاريخى الصادر فى 16 يونيو الماضى ، وبسطت سلطاتها تأكيدا لدورها بالنظر فى الموضوعات المتعلقة بالانتخابات "، مضيفا " يجب أن ننظر للمستقبل بعد أنتهاء الجدل الدستورى ، ويجب أن ننظر إلى الكويت وتقدمها "، مشيرا إلى أن الاراء والتوجهات المتباينة طبيعية ومحمودة ، وقال " ايا كان الراى والراى الاخر فانه لا يفسد للود قضية ، ونحن نؤكد على مستقبل الكويت وتنميتها ، والاهتمام باجيالها القادمة يجب أن يكون هدفنا الاساسى ". وحول رؤيته لمن قاطعوا الانتخابات ، قال " ان الكويت بلد ديمقراطى ويقبل كل الاراء والرغبات ، لكن دائما المشاركة الايجابية تحقق الهدف ، اما المقاطعة فستكون تكلفتها على من قاطع ".