بالرغم من أن ثورة 30 يونية أطاحت بالنظام الديكتاتورى للإخوان، إلا أنه مازالت هناك تهديدات تعترض الثورة وتهدد أمن مصر القومى سواء من الداخل أو الخارج، فهناك أعمال العنف التي تقوم بها الجماعة بهدف ترويع الشعب المصرى ووأد ثورته، ومن ناحية أخرى هناك التهديدات التي تواجهها مصر من الغرب والمؤامرة التي خطط لها كل من الأمريكان والإخوان من أجل تقسيم مصر وإقامة مشروع الشرق الأوسط الجديد. وقد وجد الجيش المصرى نفسه أن عليه أن يحارب في العديد من الجبهات، حيث ضرورة السيطرة علي أحداث الفوضي التي يقوم بها الإخوان في الشارع المصرى، فضلاً عن القيام بتمشيط كل البؤر الإرهابية في سيناء. وعلي امتداد عام كامل من حكم الإخوان والرئيس مرسى، كان الفشل ذريعاً بالفعل في إدارة شئون البلاد، وكان الأمن القومى لمصر مهدداً وذلك بعد أن أثبتت الجماعة عجزاً كاملاً عن الدفاع عن مصالح جوهرية تتعلق بصلب الأمن القومى الذي مازال مهدداً بسبب ما تقوم به جماعة الإخوان من محاولة اقتحام منشآت عسكرية والاعتداء علي رجال الشرطة والقوات المسلحة، وتكدير الأمن العام وتهديد الأمن وترويع المواطنين، باختصار لم يتحقق الأمن المنشود بعد، بل ازدادت التهديدات له في ظل تصلب أنصار الرئيس المعزول ومحاولة إعادته للحكم مرة أخرى وسط تأكيدات من الجيش أنه لن يسمح بالعودة إلي ما قبل 30 يونية وإن كلفه ذلك تضحيات. يقول اللواء فاروق حمدان -مساعد وزير الداخلية السابق- في البداية يجب أن نسير إلي أن قيادات جماعة الإخوان يصدر عنها تصرفات تدل علي أنها من رجال فاقدين للعقل والمنطق، وهذه القيادات -لا سامحها الله- تستغل الفقر الذي يعاني منه أكثر من 40٪ من المجتمع المصرى لإظهار أن هناك مؤيدين للرئيس المعزول، كما يستغلون هؤلاء الأفراد فى تكدير الأمن وإثارة البلبلة في الشارع المصرى، ويتم توجيه هؤلاء الأشخاص المغيبين «بالريموت كنترول» مع دفع مبالغ لهم لأداء عمل يخالف الشرع والقانون، لذا لابد من القبض علي تلك القيادات التي تثير الجدل مهما كانت الخسائر، وللأسف الشديد أن النظام السابق كان يعد لهذا الأمر وأراد أن يحقق لنفسه قدراً من الحماية مستعيناً بالبلطجية الذين صدرت لهم قرارات بالعفو من أجل حماية هذا النظام القمعى الذي أتى إلي السلطة وما كان يحلم بالوصول إليها. أما في سيناء، فقد تم إعداد كوادر تدين لهم بالولاء سواء حماس أو القاعدة أو الجهاديين وذلك استعداداً ليوم الرحيل. نحن إذن أمام مرض عضال يجري التخلص منه وأيضاً التعافي منه، لذا لابد أن نتحمل جميعاً ما تمليه علينا تلك الفترة وعلي سبيل المثال ما يعاني منه سكان رابعة الذين توقفت حياتهم تماماً، باختصار يجب أن تتضافر جميع الجهود ولا نترك العمل للجيش وحده، وقد اتضح هذا الأمر حين نزل مؤيدو الرئيس المعزول في ميدان رمسيس وتصدي لهم أبناء الظاهر والفجالة، فنحن اليوم في تعبئة كاملة لجميع أطياف الشعب الذي ثار وأظهر رغبته في التخلص من هذا الوباء. وفي نفس الوقت، يجب أن يكون لرجال الأزهر وأئمة المساجد وجميع الأحزاب دور مع توحيد الرؤى من أجل حماية الوطن. يقول اللواء محمد على بلال -قائد القوات المصرية في حرب تحرير الكويت سابقاً- يجب الإشارة إلي أن تهديد الأمن القومي لمصر لا يأتي من الناحية العسكرية فقط، ولكن هناك تهديد للأمن القومي من الناحية الاقتصادية ويحدث ذلك أيام التظاهر عندما يحدث شلل للحياة العامة، فتتعطل المصالح الحكومية والمصانع، وكذلك المحلات. كما هناك تهديد للأمن القومي من الناحية السياسية وذلك عندما يقف فصيل من الشعب ضد فصيل آخر يتحاور كلا منهما بالسلاح وليس بالديمقراطية، فهذا يمثل أيضاً تهديداً لأمن مصر القومى، ثم هناك التهديد العسكرى الذي يحدث في سيناء، ولكن القوات المسلحة قادرة علي أن تصمد في كل الجبهات مع تأمين الحدود والمنشآت العامة ولكن يتم هذا الأمر في سيناء بحساسية شديدة نظراً لطبيعة المساحة والحياة القبلية هناك. باختصار إن القضاء علي الإرهاب يأخذ وقتاً طويلاً، فالولايات المتحدة نفسها ظلت فترة طويلة تحارب الإرهاب، ولكن الجيش المصرى علي دراية تامة ويتعامل بحرص مع تلك الجماعات الإرهابية في سيناء حفاظاً علي أرواح الأبرياء. ويقول اللواء حسام سويلم -الخبير الاستراتيجى- إن الجيش المصرى قادر علي تأمين مصر من الداخل والخارج، وإذا كانت قيادات جماعة الإخوان تعتقد أنها بما تقوم به الآن من أعمال العنف سواء في الشارع المصرى أو في سيناء يمكن أن تشتت جهود الجيش، فهذا اعتقاد خاطئ لأن قوات الجيش في سيناء تعرف جيداً المهام المكلفة بها، وكذلك القوات الموجودة مثلاً في الإسكندرية لها مهام أخرى تختلف عن القوات الموجودة داخل مصر، وهي الحفاظ علي الأمن الداخلى.. ونحن في معركة ضد تنظيم القاعدة في سيناء والولايات المتحدة نفسها تواجه هذا النوع من الإرهاب منذ سنوات عديدة، ولكن الجيش المصرى «نفسه طويل» ولن يهدأ قبل القضاء علي الإرهاب، وقد حققنا بالفعل إنجازات عديدة فقد وجهنا ضربة قاضية لتلك الجماعات الإرهابية بعد رحيل «مرسى» حيث تم رفع الغطاء السياسي عنهم، وقطعنا شرايين حياتها مع حماس، وذلك بإغلاق الأنفاق وخاصة معبر غزة، باختصار لقد تمت تعرية تلك الجماعات الإرهابية بعد عزلها عن قاعدتها، وبعد القبض على بعض قياداتهم وذلك حتي يعود الاستقرار تدريجياً إلي سيناء. ومما لا شك فيه أن من يطالبون بعودة الرئيس مرسى، يدركون جيداً أن الأمر لا رجعة فيه، ولكنهم يتاجرون بتلك القضية لعلمهم بأن فض اعتصامهم هذا، قد يعني تعرض البعض منهم للمساءلة القانونية.. ومما يلفت النظر أنهم فقدوا تعاطف المصريين معهم، بل ونالوا كراهيتهم وعداوتهم، فأصبح الشعب أيضاً يتعدى عليهم وليس الجيش بمفرده، وذلك بعد أن انكشفت حقيقتهم.. إنهم الآن يرقصون «رقصة الموت»، فقد ظلوا يحلمون لمدة 85 سنة بالوصول إلي السلطة، وعندما نجحوا في الوصول إليها، انهار كل هذا في يوم 30/6 ومن هنا كانت حالة التخبط التي أصابتهم. يقول اللواء د. أحمد عبدالحليم -عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية- لا شك أن هناك محاولات من معتصمى رابعة من أجل استفزاز الجيش ودفعه إلي الاصطدام بالتجمعات وذلك من أجل «الاستقواء» بالخارج بعد ذلك، والجيش المصرى يعلم هذا جيداً ولن ينجر إلي تلك المحاولات، لذا يتم التعامل معهم ببطء شديد لأنه لا يمكن الهجوم علي المواطنين، ولكن سيأتي الوقت الذي يرحلون فيه خاصة أن سكان رابعة بدأوا يتضررون من وجودهم بالمنطقة. أما بالنسبة لسيناء، فهناك هدفان سيتم تحقيقهما في المرحلة القادمة وهي القضاء علي شبكات الإرهاب التي تم رصد ألفى شخص منها، تم الانتهاء من ردم الأنفاق تماماً، وفي النهاية نحتاج في تلك المرحلة إلي الاستقرار والأمن في إطار القانون، بمعنى ألا ننجرف وراء أية استفزازات حتي نفوت الفرصة علي تلك الجماعات الإرهابية في تقسيم الوطن ويقوم الشعب بدعم الشرطة والجيش حتي نجتاز تلك الأزمة.