لم أعتقد في أي لحظة وحتي الآن أن جماعة الإخوان المسلمين وأشياعها ينتظر منها الابتعاد عن السلطة طواعية!، ذلك أن الجماعة قد اعتبرت أن قبولها ضمن منظومة العمل السياسي وإنهاء الحظر الذي ظل مفروضاً عليها لعقود، تم السماح لها بأن يكون لها حزبها السياسي وما يتبع ذلك من أحزاب سياسية أخري تشمل التيار الإسلامي كله، ثم اعتلاء الرئيس محمد مرسي منصب الرئيس، والأغلبية الدينية التي احتلت مقاعد البرلمان - قبل حله - لتذهب إلي مجلس الشوري كبرلمان مؤقت له سلطة التشريع، ثم الانطلاق في زرع العناصر الإخوانية في مختلف المناصب والرتب بجهات الدولة، ونبذ ذوي الكفاءات من غير عناصر الجماعة، كل ذلك كان يجعل من فرصة «التمكين» التي ظلت الجماعة وأشياعها تتحرق لها حالمة بأن تأتي اللحظة التي تتضافر فيها الظروف التي تجعل من لحظة التمكين وتحققها أمراً ممكناً، فلما تحقق ذلك عملياً كانت الجماعة تعرف أن عليها أن تتشبث بالصيد الذي تمكنت منه حتي لو لم يكن لديها أي دراية بالإدارة وأساليب تصريف الأعمال وغير ذلك مما تحتاج البلاد لكفاءات للاضطلاع به!، بل رأت الجماعة أن تمكينها من مفاصل دولة بحجم مصر يكفيها مهما كانت الإخفاقات ومسلسل الفشل الطويل الذي عانت منه البلاد!، بل تصورت الجماعة أنها تمكنت من أن تكون «تاجاً» علي رؤوس المصريين!، ولم تكن مستعدة في أي لحظة لمواجهة الرفض الشعبي لنظامها ورئاسته وإدارتها الفاشلة وإهدار مقدرات البلاد ما دامت هي المحرك الأساسي الفاعل وراء أدني سكنة أو حركة لرأس النظام الذي لم يكن في أي لحظة غير «المندوب» المخلص لجماعته وتعليماتها له في كل الشئون! وقد ظنت الجماعة أن الأمور قد استتبت لها واستقرت، ولم تنتبه لحظة إلي تفاقم السخط الشعبي الصابر علي الجماعة إلي حين!، ومع تجاهلها للشعب في كل ما تتصرف به لم تنتبه إلي أن البلد الذي ثار علي حاكمه بعد ثلاثة عقود من حكمه قد استطاع شبابه اقتلاعه بأركان نظامه في ساعات!، ولم تنتبه الجماعة إلي أن البلاد لها جيش وطني لن يقبل بانهيار الدولة علي أيدي الجماعة التي ذاقت عسل السلطة ونشوة التمكين!، وكان جيش مصر يرقب ويرصد!، ويعرف أن له موقفاً يدخره إلي وقته المناسب!، ولم يكن هذا الوقت المناسب غير هذا التعقيد الذي دخلت فيه الحياة السياسية للبلاد في طريق إلي هاوية سحيقة لا ينقذها منها غير مسارعة الجيش إلي القيام بدوره!، فكم حذر الجيش الوطني لعل الجماعة تفيق من نشوة التمكين!، وعندما أعلن الجيش في بيانه الأخير عن أنه مازال وفياً لدوره في الحفاظ علي البلاد وشعبها!، إذا بالجماعة ومندوبها في الرئاسة يتخذان موقفاً بدا منه الرفض الصريح لمبادرة الجيش للإنقاذ!، وإلي جانب الرفض الصريح من الجماعة كان هناك الوجه الآخر لمندوب الجماعة في الرئاسة يقاوم في مناورة خائبة تحقيق ما وعد الجيش به أمته!، وأصبح واقع الأمر مفضوحاً في موقف الجماعة وتمسكها اللئيم بما تسميه «شرعية النظام ورئيسه»، والمناورة التمثيلية الرديئة التي يعلنها مندوب الجماعة في الرئاسة عن استعداده لتوافق وطني!، ولكن الجيش - وسنده الشعب الثائر - ظل علي ثبات موقفه!، رغم ما لجأت إليه الجماعة من عنف معهود تمارسه ميليشياتها ضد الشعب الذي يثق في جيشه وقدرته علي حمايته!