لا أتفاءل باختيار المستشار حسام الغريانى رئيسًا للمجلس القومى لحقوق الإنسان فى تشكيلته الإخوانية الجديدة، كما لا أتفاءل بالمجلس وأعضائه الجدد الذين من بينهم شخصيات معادية أساسًا لحقوق الإنسان وشخصيات لا علاقة لها بحقوق الإنسان، فالمجلس الذين أتى به مجلس شورى صهر الرئيس يفتقر إلى معايير الاختيار وإنما عبارة عن تشكيل سياسى يسعى لسيطرة الإخوان على المجلس وإرضاء بعض القوى السياسية المتحالفة معها وإخضاع شخصيات أخرى للولاء للنظام الجديد «المسعور» على السيطرة الكاملة على مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسات التى كان يجب أن تكون مستقلة، لكن ماذا تفعل قوى مسيطرة كشفت عن عجزها فى الكفاءات، فما كان من حل سوى البحث عن الولاءات..! ولعل عدم تفاؤلى باختيار المستشار الغريانى رئيسًا للمجلس القومى لحقوق الإنسان أن تجربته فى تولى المسؤوليات لا تبشر بالخير، فبعد أن استبشرنا به فى رئاسة المجلس الأعلى للقضاء بفضل الثورة وإعادة بناء مؤسسة القضاء واستقلالها لم يفعل شيئا، واستمر الوضع كما كان قبل الثورة فى ظل نظام مبارك. أيضا تجربته فى رئاسته للجمعية التأسيسية لكتابة الدستور لا تبشر بدستور مدنى يعبر عن طوائف الشعب ويحقق أهداف الثورة فى مجتمع ديمقراطى حر، وإنما يحقق دستور إخوان يحقق رغبة الجماعة «المسعورة» على السلطة والعمل على التكويش والتمكين لفرض قوانينها، وهو ما يؤدى إلى رجوعنا إلى الخلف خطوات كثيرة، وكنا نظن أننا تعدينا تلك الأمور. إن قراءة سريعة للشخصيات التى تُفرَض الآن فى العمل العام تؤكد سعى الجماعة الحاكمة إلى استنساخ ما كان يفعله النظام السابق وحزبه الفاسد ولجنة سياسات جمال مبارك الذى كان طامحا وطامعا فى تولى السلطة فى البلاد.. لقد حافظت الجماعة على نفس سياسة الحزب الوطنى فى جمع مُواليها بين المناصب وكأنه لا يوجد سوى أشخاص معدودين على الأصابع ليتقلدوا هذه المناصب من مجلس الشعب إلى الشورى.. ومن مجلس حقوق الإنسان إلى المجلس الأعلى للصحافة، ومن الجمعية التأسيسية إلى مستشارى الرئيس. فالاختيارات الأخيرة بما فيها المجالس التى من المفترض أن تكون مستقلة، انتُزع منها أى شخص معارض للإخوان، والرئيس مرسى رغم الادعاء أن هناك شخصيات مستقلة فإنه إذا تم تدقيق النظر ستجدها شخصيات موالية فى النهاية ولم تعارض بشكل واضح وصريح، فضلا عن غياب شباب الثورة اللهم إلا قليلا ممن يدّعى الإخوان عليهم أنهم من شباب الثورة، كما حدث من قبل فى تمثيل هؤلاء الشباب فى الجمعية التأسيسية، حيث أتوا بشباب من ائتلافات وهمية لم يكن لها أى دور فى الثورة ولم يكن لهم أى حضور اللهم إلا حضورهم المفاجئ عندما سعت إدارة «العسكرى» الانتقالية الفاشلة لضرب شباب الثورة واستبعادهم من المشهد السياسى كله.. وهنا الإخوان يسيرون باجتهاد على نفس الدرب. وهنا الإخوان يستعيدون إدارة «العسكرى» الفاشلة فى إدارة شؤون البلاد وبنفس الشخصيات والمحافظة على شخصيات النظام السابق والتى تقدم نفسها لكل الأنظمة وتقدم خدماتها فى الولاء مقابل المكافآت والمناصب، ولعل ما جرى ويجرى مع رجال أعمال النظام السابق الذين شاركوا فى الفساد الذى سيطر به مبارك وعصابته على البلاد من اهتمام الرئيس وجماعته والحرص على نقل ولائهم للنظام الجديد.. يؤكد أن الإخوان لا يعملون لبناء مجتمع ديمقراطى والحفاظ على أهداف الثورة وإنما يسعون بكل ما يملكون إلى التمكين ولا مانع فى الطريق من استخدام شخصيات للزينة وهى شخصيات على استعداد لتقديم خدماتها فى مقابل مكافآت. إن من حق الإخوان تولى السلطة وأن يأتوا بمن يشاؤون ولكن كان واجبا عليهم أن يأتوا بخبرات وكفاءات، لا شخصيات «مديوكر» عديمى الكفاءة ومستعدين لبيع أنفسهم لأى نظام حتى لو كان يسير فى طريق استبدادى جديد.