■ الخوف المشروع من انفراد الإخوان بالسلطة: هل استمرار المجلس العسكرى فى الحكم هو البديل الآمن لصناعة التوازن أو تأمين الخائفين من أصحاب المصالح أو تحقيق أهم مطالب الثورة وهو أن تكون مصر لجميع أبنائها وأطيافها الوطنية السياسية؟ التوازن والضمان والأمان كان لا يمكن أن يوفِّره مجلس كُلِّف بقيادة البلاد من رئيس قامت الثورة لتسقطه وتسقط نظامه -ذلك التكليف الذى كان القبول به الخطيئة الأولى للثوار- والذى كلَّف الثورة كل ما كلفها من دماء أبنائها وتضليل مساراتها وأدخلنا فى متاهات ومخاطر يعلم الله وحده متى ننتهى من إزالة آثارها -إلا إذا كان المجلس العسكرى لم يكن يتحمل مسؤولية الحكم وحده- وبالحق لم يكن يتحملها وحده فقد كان المشهد السياسى والوطنى والدموى وحلقات قتل الشباب تؤكد أن الثورة المضادة والنظام الساقط شركاء أساسيون فى الحكم.. إذن العقل والمنطق والعدالة والوقائع العبثية التى دارت على الأرض والتى شهدتها مصر منذ قامت ثورة 25 يناير كلها تؤكد استحالة أن يكون البديل المطلوب لصناعة التوازن فى السلطة أن يكون صاحب الحق الأصيل فى الحكم وفى الشرعية، وهو الشعب، حاضرا بقوة من خلال مؤسساته وأحزابه ودستوره الذى يمثل جميع مكوناته وخلاياه الحية.. الأسئلة الأكثر أهمية الآن: أين قوى الثورة؟ أين أحزاب وتجمعات الشباب؟ أين الأحزاب الجادة والقوى الوطنية وبعضها يندب الآن ما يرى أنه كارثة الانفراد بالسلطة ولا يقول لنا أين غابوا ولماذا غابوا؟ أليس من حقنا أن نسأل المناضلين بالكلام وعلى الهواء مباشرة ماذا فعلوا منذ قامت الثورة لبناء جبهات رقابة ومحاسبة قوية وقادرة بالفعل وامتلاك معاملات قوة على التصدى لأى انحراف أو تجاوز أو استنساخ لقوة أو تيار أو حزب جديد يحاول الانفراد بالسلطة..؟ وما خططنا وخطواتنا العملية والواقعية لتظل مصر بعد ثورة المصريين العبقرية -التى ما زال اللئام من كل لون ونوع وفصيل يحاولون اختطاف ما تبقى منها- لجميع أبنائها؟ وكيف؟ ■ «يسقط حكم العسكر»: ألم يكن من أهم نداءات وشعارات وصرخات الثوار بعد أن خاب أملهم فى من هتفوا لهم «الجيش والشعب إيد واحدة» والبدايات الحارة والقلبية التى استقبل بها الشعب نزول جيشه إلى الشوارع؟ وأثق أن نداءات الغضب والتحولات التى حدثت لم تكن أبدا تقصد الجيش كمؤسسة سيادة وطنية، تم اعتقال وحبس أبنائه عندما خرجوا يعبرون عن فرحتهم كمصريين بالثورة، ولكن كان الغضب والرفض من ممارسات وسياسات اعتُبرت فى كثير منها خيانة للأمانة والمسؤولية وتمكين للثورة المضادة.. ثورة وغضب ورفض واتهامات وُجِّهت فقط إلى من حملوا مسؤوليات ولم يكونوا على قدرها وخطورتها فى أحسن محاولات التفسير للانهيارات والخطايا التى ارتُكبت بحق الشعب وثورته. ■ القرارات الأخيرة لرئيس الجمهورية خطوات أولى لتحقيق أهم مطالب الثورة وهو قيام دولة مدنية ديمقراطية يحكمها القانون ويسترد فيها جميع أبنائها حقوق وعدالة المواطنة بلا تمييز وأن يقطف الجميع وبعدالة أيضا ثمار برامج تنموية إنسانية تنهى عشرات السنين من استذلال الأمية والتخلف والعشوائيات والمرض وسكن المقابر والفقر المادى والذاتى.. مهمات جسيمة وخطيرة تحتاج إلى أمناء ومخلصين ومحبين لا يتطلعون إلى الاستحواذ أو الاستقواء أو الانفراد بالسلطة، مهمات تحتاج إلى أعلى خبرات وعلم وعلماء وأبحاث يمثلون جميع قوى الوطن ويدركون كارثة استبدال استبداد باستبداد، ولا يسيغ أحد على نفسه الفضيلة والأفضلية، فكل مستبد يعتبر نفسه الأفضل والأقدر والأوحد.. مصر الآن تحتاج إلى خبرات وكفاءات أفضل أبنائها، ومهما اختلفت أطيافهم وتياراتهم الفكرية والسياسية، وللأسف أن تجربة الوزارة والقيادات الصحفية المرفوض أصلا أن يقوم بها مجلس الشورى، التجربتان تثبتان أن درس عدم الانفراد بالسلطة لم يُستوعَب بعدُ جيدا. المعارضة والاختلاف فى الرأى جزء أصيل من التصحيح والتقويم، لا أحد يُطلق عليه «طظ».. عيب، منطق لا يليق بالكبار. نريد أن يعود الجيش الوطنى إلى مهماته المقدسة فى حماية وتأمين سيادة وكرامة واستقرار واستقلال بلاده، وأن لا يهين شرفه العسكرى كجيش احترف صناعة النصر، انشغالُ بعض قياداته بممارسات سياسية لا صلة لهم بها وضعت البلاد، وبخاصة أمنها واقتصادها فى أوضاع من أسوأ ما مرت به بعد ثورة على الفساد والاستبداد تغنت بها الدنيا، وكان يجب أن تزدهر وتتعافى بها جميع جوانب الحياة، ووصل فساد وعجز وعبث الإدارة إلى وضع المقاتل المصرى فى رفح فريسة لجماعات إرهابية جريمتها القذرة جعلتنا نكتشف أنه بينما كانت مهمات التجسس والتحسس والمطاردة والقنص والقتل وإهدار دماء شباب الثورة وانتهاك عذرية الفتيات! تتم بنجاح منقطع النظير، كانت بوابة مصر الشمالية الشرقية بكل ما ارتبطت عبر التاريخ من تهديدات ومخاطر كانت تُترَك مرتعا للإرهاب وبؤر صديدية وألاعيب ومؤامرات صهيونية تدّعى الآن قيام تنسيقات أمنية كأن الذئب أو السرطان ممكن أن يُستأمَنَا! ما ارتُكب بحق أبنائنا سواء من الثوار أو على الحدود، والمساس بكرامة جيشنا والتفريط فى قوة وسيادة مصر والحفاظ على ثورتها والتفريط فى استرداد المنهوب من أموال وثروات شعبها ودفعه إلى استجداء المعونات والقروض والودائع، بينما ملياراته المنهوبة أرادوا أن تظل سرابا فى صحراء، ورعاية وحماية القتلة والفسدة والمستبدين وجرائمهم التى تصل إلى مستويات الخيانة العظمى، وتمكين الثورة المضادة.. أثق أن كل هذا لن يمر مرور الكرام. وتظل المهمة الأولى فى هذه اللحظات الفاصلة فى تاريخ مصر وثورتها بناء حوائط الصد الشعبية والرقابية التى لا تسمح بسلطات مطلقة لأى جماعة أو مؤسسة واستكمال تحقيق الأهداف الستة التى مثلت عقد الشراكة بين الرئيس محمد مرسى قبل انتخابه وبين الجبهة الوطنية، وقد تحقق منها فى القرارات الرئاسية الأخيرة رفض وفض الإعلان الدستورى المكمل، وما زالت الجهود والمتابعات والمراجعات مستمرة لإنجاز بقية الأهداف، وفى مجملها أن تكون الشراكة الوطنية واضحة ومؤكدة فى جميع القرارات والمواقف، ولتظل مصر لجميع أبنائها لا لحزب أو جماعة وحدها. ■ ■ ■ قمة الفشل والعجز عدم الرد على ما يُنشَر من معلومات مغلوطة، والموثَّق من المعلومات وإعادة استنساخ الماضى بتهديد الصحف الصادرة. إذا كان هناك ما يهدد السلام الاجتماعى، فالحل هو اللجوء إلى القانون لا إلى جريمة المصادرة، إنه أقصر طريق لإثبات سلامة وصحة ما تمت مصادرته حتى لو كانت الحقيقة غير ذلك. ■ أثق أن العيد هذا العام سيحمل فرصة خاصة تطبِّب جراح وأوجاع مئات من البيوت المصرية وأبنائهم من المعتقلين من شباب الثورة، يعودون إلى أحضانهم بعد أن سمحت القرارات الرئاسية الأخيرة بتجاوز كثير من العقبات التى وُضِعت فى طريق اللجنة التى تتحمل هذه المسؤولية فى إطار واحدة من مهمات عمل الجبهة الوطنية، كذلك قرارات بإعفاء نحو 50٫000 من مزارعينا من القروض والديون التى تجمعت عليهم، كذلك أنباء مطمئنة عن إجراءات استرداد بعض المنهوب من ثروات المصريين فى الداخل والخارج، كذلك الإفراج عن معتقلين من ضباط الجيش الذين أُدينوا بالفرحة بالثورة.. وغيرها وغيرها من إجراءات وقرارات للوصول ببعض ثمار الثورة إلى ملح الأرض من أبنائها.. لعل العيد يكون بهم عيدا حقيقيا.. وكل عام ومصر بجميع أبنائها وفى مقدمتهم الخائفون والمنقسمون والمتوجسون آمنون.. تجمعنا جميعا الروح والوحدة التى كانت لنا فى الأيام الأولى للثورة.