لا تضيع حقوق ولا تهدر كرامة ولا تسلب حرية وراءها شعب مقاتل، ولا يضام أبداً شعب وراءه جيش وطنى.. ففى عام واحد حكمت فيه جماعة الإخوان وأتباعها وأذنابها، تعرض الشعب المصرى العظيم لجلد متوال من سلطة غاشمة حكمت البلاد بسيف التسلط وسياسة الجبروت والقهر، ونهج الإقصاء والاستئثار والأنانية.. خلال اثنى عشر شهراً عانى المصريون ما لم يعانوه طيلة ثلاثين عاماً فى هذه الفترة القصيرة، كشف المصريون حقيقة هذه الجماعة الغاشمة، وعروا وألاعيبهم وقيامهم بتنفيذ مخطط هلاك الوطن والمواطن، فعندما سرقت «الجماعة» ثورة المصريين، تصوروا أن هذا الشعب المقاتل ستهدأ سريرته، وستلين قناته، وسيقبل هذه الأوضاع المائلة.. لكن المصريين لم يعرفوا يوماً اليأس ولا الخنوع.. ولم يصبروا كثيراً على سرقة ثورتهم.. فكانت الثورة الأشد والأنكى لخلع «الجماعة» ومندوبها فى الرئاسة.. ثورة المصريين فى 30 يونية، هى استكمال لثورة «25 يناير» وتصحيح لما فعلته «الجماعة» ودرس لكل من تسول له نفسه أن يحيد عن الحياة الكريمة للمصريين، أو من يسعى إلى أن يبعد مصر عن أن تكون دولة مدنية حديثة، تأخذ مكانتها بين الدول، أو من يريد أن يمنع مصر من أن تحتل ريادتها فى المنطقة.. لقد باع «مرسى» وجماعته الوطن تحت إمرة المخطط الصهيونى الأمريكى، وظنوا أن شعب مصر الكريم سيخضع لهم وسينفذ سياسة السمع والطاعة التى انخدع فيها شبابهم وأتباعهم.. لقد توهم «مرسى» وجماعته، أن الشعب المصرى غبى وأنه سيرضى بهذه السياسة العرجاء الفاشلة.. ونسوا جميعاً أن المصريين بلغوا الفطام السياسى منذ زمن. لقد أشاعت الجماعة ومرسى، سياسة التخويف والترهيب فى كل شىء بين المصريين، ولكنهم كانوا أذكى من كل أفراد الجماعة وقياداتها، لم يعبأ الشعب بهذه الشائعات المخيفة التى روجوها لفترة طويلة، ومن خلالها سرقوا الثورة عندما هددوا بتحويل البلاد إلى بحور من الدم.. لم يعبأ المصريون بهذه المساخر وتلك المهازل، ونزل الشعب المصرى الكريم عن بكرة أبيه فى الشوارع والميادين ولايزال حتى كتابة هذه السطور يحتفل بنصره المجيد على جماعة فاشية خلافية ونجح فى تحرير إرادته من هؤلاء الخونة الذين أرادوا أن يبيعوا البلاد بثمن بخس وحكم زائل.. المصريون أثبتوا للعالم أجمع أنهم شعب متحضر له ثقافة عريقة ضاربة فى القدم لا يسلب حقه مستبد أو فاشى أو جاهل. فى ثورة المصريين لخلع وعزل مرسى والجماعة، كان للشعب الثائر ولايزال جيش يحميه، انتصر لإرادته ورغبته فى الحياة الكريمة، حنا جيش مصر على الشعب فى وقت كان الوالى يمارس عليه الضغوط والتنكيل والترويع، لقد أحس الجيش بنبضات هذا الشعب الكريم ووقف إلى جواره يحميه ويدافع عن حقوقه المشروعة.. لم يشرب الجيش لعبة الإخوان فى التهديد والوعيد، وانحاز الجيش لإرادة الشعب، وحقق له رغبته فى إزاحة هذه الجماعة التى بلغت شقوتها كل عنان.. لقد مد الشعب يده للرئيس السابق ولجماعته، وخيبوا جميعاً أمله فى الحياة الكريمة وتحقيق الحلم فى حياة ديمقراطية سليمة.. تاجرت «الجماعة» بالدين وظنت أنها ستضحك بذلك على الأمة المصرية طبقاً لكل المتسلطين الذين يتصورون أنهم أذكياء وهم فى حقيقة الأمر أغبياء.. وشاهدنا كلنا خلال الأيام الماضية خطابين للرئيس المعزول، كانت مفرداتهما كلها تهديد ووعيد،وحديث برجماتى لا يفيد ولا يغنى.. متجاهلاً ثورة مصر العظيمة.. وتسبب فى انتحار سياسى لجماعته، لن تقوم بعده لها قائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.