رغم أن الثورة أنثي والحضارة أنثي والحرية أنثي وقصيدة الشعر أنثي وقارورة العطر أنثي كما يقول نزار قباني، فإن مصر الجديدة تقف ضد النساء. في زمن الإخوان يعلن المرسويون وأنصارهم وأتباعهم بضلال الحرب علي المرأة، يستبعدونها، ويقصونها، ويرفضون وجودها ومشاركتها، يلعنونها ويحقرونها، ويطردونها من جنان مصر. المرأة في مصر الجديدة - أدني منها في مصر القديمة، وكأننا نتقدم إلي الوراء، ونسير إلي الخلف، المرأة - لدي أهل الحكم وطباليهم وزماريهم منسية منفية ككم مهمل لا روح له ولا حق، مرجومة دائما بالفتنة وموصومة غالباً بنقص العقل والدين. يشمّر المتأسلمون أكمام جلابيبهم ليطاردوها ويطردوها من المشهد السياسي بالتخويف والترهيب واستغلال الدين لتعود إلي قفص الحريم، هي لديهم أداة حشد، وسند إرهاب، وحقل متعة ولا شيء أكثر. شوارب كمكانس الأسفلت، ولحي كحصاد الهشيم تعلن الحرب كل يوم علي ضفائر المحبة، والسلام، والحرية. في المقطم صفع أحد خدم الجماعة الحاكمة نيفين موسي علي وجهها، ومن قبل كمم أحد كوادر التأسلم فم شاهندة مقلد كي لا تهتف بسقوط دولة المرشد، وفي مجلس الشوري رفضت الاغلبية المنتمية للحرية والعدالة منح «كوتة» للسيدات في البرلمان القادم. وقبل كل ذلك وفي أغرب واقعة تاريخية صاغ سدنة الفرعون الجديد مادة في دستور مصر خصيصا لاستبعاد المستشارة تهاني الجبالي من المحكمة الدستورية، وكثيراً ما تكررت حوادث التحرش المتعمد بالنساء المتظاهرات من قبل مجموعات مؤيدة لنظام الحكم تخويفاً. في اختبار التحضر والمدنية ترسب مصر مرسي كما رسبت مصر مبارك، وتفوز بلد الحضارة الممتدة سبعة آلاف سنة بالمركز الثاني في التحرش بالنساء. ولا يعلم - أدعياء الدين وأعداء الدنيا - أن المرأة لحظة جمال، وفرصة تحد، وفعل مقاومة، المرأة سنبلة قمح، وزهرة فل، وصباح متجدد، ووطن يصعد إلي القمة، لم تتقدم أمة ولم ينهض شعب، ولم تنجح ثورة دون مشاركة حقيقية للنساء. كانت الأنثي مكرمة في مصر الفرعونية حتي خلد التاريخ لنا ملكات عظيمات مثل حتشبسوت وتي ونفرتاري.. وفي العصر الحديث قدمت النساء أساطير عظيمة في الفن والأدب والسياسة لتبقي لنا أسماء عظيمة كأم كلثوم، وصفية زغلول، وهدي شعراوي وبنت الشاطئ. لكن خدم الفرعون ولاعقي أحذية المتأسلمين لا يقرأون ولا يعرفون ولا يتفكرون، فاللهم ألهمنا الصبر وامنحنا القدرة أن نرد كيدهم. يقول الشاعر «بريخت»: «المستقبل في العالم للمرأة لا للملوك»، وأنا أقول لكم: لا مستقبل بدون امرأة، والله أعلم.