طفرة غير مسبوقة شهدتها مصر فى معدلات الولادات القيصرية التى قاربت 60% من إجمالى الولادات مقارنة بالولادات الطبيعية.. الأمر الذى يستدعى وقفة لتأثيراتها الخطيرة على الأم والجنين على المدى البعيد.. بخلاف الأعباء الصحية والاقتصادية، حيث احتلت مصر المركز الأول.. وتفاوتت من محافظة لأخرى فجاءت بورسعيد فى المقدمة بنسبة 77% وأقل محافظة فى نسبة الولادة القيصرية كانت مرسى مطروح بنسبة 26%، وبالنسبة للمستشفيات الحكومية بلغت 45%، بينما المستشفيات الخاصة 66%، بما يعنى أنه من بين كل 3 ولادات ولادتان قيصرى». . بحسب آخر مسح سكانى فى مصر قبل 7 سنوات تقريبًا وتحديدًا عام 2014، وأشار إلى أن نسب الولادة القيصرية بلغت 52٪.. وطبقاً لنتائج المسح السكانى، جاء تسلسل نسبة الولادة القيصرية، موضحاً أنها بلغت فى سنة 2000 نسبة 10% من إجمالى الولادات، بينما ارتفعت فى عام 2008 لتصبح 27.6%. وبلغت فى عام 2014 نحو 51.8%. وبذلك جاءت مصر فى المرتبة الثالثة عالمياً بعد جمهورية الدومينيكان والبرازيل، وهذا يعنى أن أكثر من نصف الولادات فى مصر أصبحت غير طبيعية أصبحت قيصرية. ومن ثم ووفقاً للأرقام الرسمية وبعض التصريحات، فإن الولادة القيصرية زادت أكثر من الضعف من 10% إلى 28% خلال الفترة من عام 2000 حتى 2008، بينما من 2000 حتى 2014 زادت أكثر من 5 أضعاف من 10% إلى 52%. ونشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريراً صحفياً فى أكتوبر عام 2018 عن ارتفاع معدلات الولادة القيصرية فى العالم، كما سجلت مصر أعلى نسبة فى العالم والأولى عالميًا فى الولادة القيصرية وذلك طبقًا لدراسة أجريت على عدة بلدان كانت نتيجتها أن نسبة الولادة القيصرية فى بريطانيا 26% وفى الدومينكان 58% أما فى مصر 63% مقابل نسبة 15% التى يجب ألا تتعداها الولادات القيصرية وفقاً لمعدلات منظمة الصحة العالمية المثلى والطبيعية ولتأتِ مصر بنسبة مفزعة ومخيفة تستدعى البحث.. عن أسباب زيادة معدلات الولادة القيصرية وهل هى ضرورة طبية ام استسهال من السيدات أم أصبحت بيزنس فى مصر. وبحسب المسح الصحى السكانى الأخير الذى يصدر عن وزارة الصحة والسكان فإن فاتورة «بيزنس الولادات القيصرية» فى مصر ارتفعت ل14 مليارًا و525 مليون جنيه سنويًا فى مقابل الولادات الطبيعية التى بلغت فاتورتها 3 مليارات و675 مليون جنيه على اعتبار أن تسعيرة الولادات الطبيعية تتراوح بين أطباء النساء والتوليد من 1000 إلى 3000 جنيه، بينما الولادة القيصرية من 8 آلاف إلى 14 ألف جنيه.. وهذه الأيام تتراوح الأسعار ما بين 15 ألفاً إلى 20 ألف جنيه. وبعيداً عن بيزنس الولادات القيصرية والذى أصبح واقعاً لا يمكن إنكاره، فالأخطر هو ما تسببه من مضاعفات غير محسوبة على الأطفال وأمهاتهم. ومنظمة الصحة العالمية فى أكثر من مناسبة، أكدت فى توصياتها عدم اللجوء إلى الولادة القيصرية إلا فى حالة وجود ضرورة طبية. بحسب مديرة قسم الصحة والأبحاث التناسلية فى المنظمة مارلين تيميرمان والتى أبدت أسفها لانتشار تلك العمليات بشكل «وبائى» بسبب سعى الأطباء إلى تسهيل حياتهم إذ إنه يمكن التخطيط للعمليات القيصرية». وذكرت منظمة الصحة العالمية أن نسب الوفيات الناتجة عن الولادة القيصرية تتعدى ب4 إلى 10 أضعاف، نسبها لدى اللاتى وضعن ولادة طبيعية على مستوى العالم، سواء للطفل أو الأم. وحذرت من أن «اللجوء إلى الولادة القيصرية دون مبرر طبى، قد يتسبب فى ارتفاع إمكانية إصابة النساء بعدها بالنزيف أو العدوى، ومضاعفات التخدير، واكتئاب ما بعد الوضع، وفضلاً عن زيادة احتمالات العقم». المستشفيات الخاصة .. وكان نائب وزير الصحة المصرى، طارق توفيق، قد صرح بأن «نحو مليون و375 ألف ولادة قيصرية تتم سنوياً فى مصر، 77.6 فى المائة منها فى مستشفيات القطاع الخاص»، مؤكداً أن «الولادة فى القطاع الخاص تزيد احتمال التعرض للقيصرية بمعدل مرة ونصف المرة عن الولادة بمستشفيات القطاع الحكومى». .. ووفق ما نقلته تقارير صحافية عن «الجمعية المصرية لأطباء النساء»، فإن المستشفيات الخاصة تستغل ارتفاع تكلفة الولادة القيصرية مقارنة بالولادة الطبيعية، حيث تصل معدلات الولادة القيصرية فيها إلى 80 فى المئة، فى حين لا تتجاوز نسبة 40 فى المائة فى المستشفيات الجامعية. وتتراوح أسعار الولادات فى المستشفيات الخاصة بين 8 آلاف جنيه «430 دولاراً»، و40 ألف جنيه «2150 دولاراً». ويشمل هذا السعر غرفة المستشفى والإقامة لليلة واحدة فقط. وتزيد التكلفة إذا استدعت الحالة مدة أطول. ويحصل الطبيب على نحو 10 آلاف جنيه «537 دولاراً» نظير قيامه بعملية الولادة فى المستشفى الخاص، إذا كان بدرجة استشارى. مبادرات قومية الدكتور يوسف جابر الملاح، استشارى الأطفال والرضع وحديثى الولادة.. أكد ضرورة تبنى وإطلاق الدولة مبادرات قومية ومشروعاً قومياً لزيادة الوعى بأهمية تشجيع السيدات على الولادة الطبيعية، تتكاتف فيه أجهزة الدولة، من الوزارات المختلفة ومجالس حقوق المرأة والأمومة والطفولة، وشركات التأمين الصحى، مستشهداً بأن «البرازيل كانت الدولة الأولى عالمياً فى الولادة القيصرية، وتراجعت بعد إطلاقها مبادرات توعية لزيادة وعى السيدات لديها، بمساعدة جمعيات المجتمع المدنى، بالتالى تشجعت سيدات كثيرات على طلب الولادة الطبيعية. أما فى مصر فالأمر يزداد تعقيداً، وفى زيادة مستمرة دون وجود تحرك حقيقى لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، التى تهدد حياة الأمهات المصريات»، مشيراً إلى أن «المشكلة الآن ليست أن النسبة عالية فقط، بل إنها فى زيادة مستمرة». . وفى نفس الوقت هناك مسئولية تقع أيضاً على السيدات، لأن بعضهن يعتبرن الولادة القيصرية «موضة» للاحتفاظ بجمال الجسم، كما أنها أسهل ولا تسبب لهن آلاماً مثل الولادة الطبيعية، معتبراً أن «أغلب الأطباء يمنحون السيدات الفرصة للولادة الطبيعية، وفى حال حدوث مضاعفات تكون الولادة القيصرية هى الخيار الوحيد»، وهذا لا يمنع أيضاً من وجود أطباء اتخذوا منها طريقاً للبيزنس... وكل ذلك يتطلب أيضاً تحركاً برلمانياً لتشريع يحدد ضوابط واشتراطات وحالات الولادة القيصرية. وبحسب منظمة الصحة العالمية، فمن المتوقع أن تصل نسبة الولادة القيصرية حول العالم بحلول عام 2030 إلى الثلث، أى ما يعادل 29٪ من بين كل الولادات حول العالم. وهذه النسبة تعنى أنه فى عام 2030، ستجرى 38 مليون حالة ولادة قيصرية حول العالم، معظمها سيكون فى الدول الأفقر. وسيكون لمنطقة شمال أفريقيا، بما فيها مصر، النصيب الأكبر من هذه النسبة، إذ يتوقع أن تبلغ نسبة الولادة القيصرية فى هذه المنطقة 48٪ بحلول عام 2030، بعد شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وغرب آسيا. .. ولكل ما سبق.. أليس من الضرورة أن نتصدى للولادات القيصرية وبالقانون سواء لأصحاب هذا البيزنس أو حتى للمواطنين والسيدات لتغير أنماط سلوكية لم تكن موجودة كاستسهال الولادة القيصرية أو لكونها موضة اجتماعية من خلال تشريع يضع ضوابط واشتراطات لدواعى مثل هذه العمليات. مضاعفات بالجملة قد يترتب على الولادة القيصرية مخاطر ومضاعفات عديدة.. على الأم والجنين، فالأجنة الذين يولدون بعمليات قيصرية مجدولة أكثر عرضة للإصابة بسرعة التنفس العابرة وهى مشكلة بالتنفس يتم تمييزها من خلال التنفس السريع غير الطبيعى فى الأيام القليلة الأولى من الولادة. قد تُحدث خدوشاً عرضية فى جلد الطفل أثناء الجراحة، إلا أن ذلك نادر.. أما الأم تتضمن احتمالية عدوى ببطانة الرحم «التهاب بطانة الرحم». وقد تسبب عملية الولادة القيصرية نزيفًا شديدًا خلال الولادة وبعدها يمكن حدوث تفاعلات ضارّة مع أى نوع من أنواع المخدر.وقد تزيد عملية الولادة القيصرية من احتمالية التجلط الوريدى العميق، خاصة بالساقين أو أعضاء الجسم بمنطقة الحوض «تخثر الأوردة العميقة». وإذا انتقلت جلطة دموية إلى الرئتين وعملت على انسداد تيار الدم «الانصمام الرئوى»، فقد يكون هذا الضرر مهددًا ويمكن أن تحدث إصابات جراحية - وإن كانت أمرًا نادر الحدوث - فى المثانة أو الأمعاء خلال الولادة القيصرية. إذا أصيبتِ بإصابة جراحية خلال الولادة القيصرية، فقد يلزمها الخضوع لجراحة إضافية. قد تواجه الام خطورة عالية للإصابة بمضاعفات خطيرة فى الحمل اللاحق بمعدل يزيد عمّا قد يحدث بعد الولادة المهبلية. وكلما خضعتِ لعملية الولادة القيصرية، ارتفعت احتمالية إصابتها بمشيمة منزاحة وإصابتها بحالة تتصل فيها المشيمة بصورة غير طبيعية بجدار الرحم «مشيمة ملتصقة». وترتفع أيضًا احتمالية تعرضها لتمزّق الرحم على طول خط الندبة الباقية من جراحة ولادة قيصرية سابقة «تمزّق الرحم» إذا حاولتِ الخضوع لولادة مهبلية عقب الولادة القيصرية.. .. مخاطر ومضاعفات كارثية مع تعاظم نسب الولادات القيصرية فى مصر التى وصلت لنسبة 85% بحسب كلام الدكتورة عبلة الألفى، استشارى الأطفال وعضو لجنة الصحة بالبرلمان ومؤسس «ائتلاف دعم الولادة الطبيعية» والتى ترى أن التصدى لا يكون بالتشريع والقانون فقط وإنما من قبله إعداد الكوادر الطبية والتمريضية القادرة على التعامل مع الولادات الطبيعية وكذلك توفير امكانياتها من أدوية وعلاجات مساعدة.. وكذلك تشريع يحمى الأطباء اذا ما حدثت أى مضاعفات طبيعية للولادة الطبيعية.. يعنى توفير الحماية لكل الأطراف والعمل على نشر التوعية المجتمعية لمخاطر تلك الولادات وتشجيع الولادات الطبيعية.