نصحت مجلة "تايم" الامريكية الرئيس "محمد مرسى" بالإستفادة من درس الجزائر فى التعامل مع المتهكمين والساخرين من حكمه أمثال " باسم يوسف" مقدم برنامج" البرنامج "الساخر. وقالت المجلة فى مقال للكاتبة "فيفيان والت" المقيمة فى فرنسا":" إنه إذا كان الرئيس المصري "محمد مرسي" يحتاج المؤشرات في كيفية التعامل مع الهجاء والتهكم التلفزيونى الذى يثيره "باسم يوسف" - الذي اتهم الأسبوع الماضي بإهانة الرئيس والسخرية من الإسلام - قد يجد له في إحدى دول شمال أفريقيا القريبة منه (الجزائر) قدوة ومثل . فقد عانى النظام الاستبدادي للرئيس "عبد العزيز بوتفليقة" وجنرالاته الأقوياء سنوات من التهكم والسخرية من قبل أحد رسامي الكاريكاتير المعروفين في المنطقة وهو "علي ديلم"، فبعد محاولات لا تعد ولا تحصى لوقف أعمال " ديلم" أو منعه يبدو أن حكومة الجزائر قد وصلت إلى استنتاج مفاده أن "ديلم" لا يمكن أن يتوقف، أو على الأقل أن منعه سيكون مدمرًا للغاية بالنسبة لصورة البلاد . ويقول " ديلم ":" إنه حتى القضاة كانوا يدركون جيدا أن الوقت ليس مناسبا لملاحقته قضائيا، كما أن الحكومة توصلت ضمنيا إلى قناعة وقاعدة تقول:" يمكنك التحدث، يمكنك الصراخ، ما دمت لا تمثل خطرًا على الاستقرار في البلاد." 50 قضية وبالنسبة ل " ديلم" البالغ من العمر 45 عامًا، فقد تم ملاحقته قضائيًا 50 مرة على الأقل خلال الإحدى عشر عامًا الماضية بتهمة إهانة قادة الجزائر، وهى الجريمة التي تضمنها القانون الصادر في عام 2001، عندما وقع "بوتفليقة" تعديل تشريعى أطلق عليه إعلاميا "تعديل ديلم"، والذى يقضى بتشديد العقوبات لتصل إلى السجن 12 شهرا وغرامة 250 ألف دينار( 3 آلاف دولار) على الصحفيين الذين يهينون الرئيس والجنرالات العسكريين، وبما أن مثل تلك الإهانات هي جوهر رسوم "ديلم"، فقد تم اتهامه مرارا وتكرارا تحت حكم هذا البند، ودائما ما يتم تخفيف الحكم عليه فى الاستئناف، وحتى الآن لم يتم سجن "ديلم" على الرغم من هجومه اللاذع على أقوى الشخصيات في البلاد . وغالبا ما تدفع صحيفة "ليبرتيه" الجزائرية، التي تنشر أعماله، الرسوم القانونية له . وردا على سؤال عن عدد المرات التي تم إدانته فيها، يرد "ديلم" ضاحكا ""هذا سؤال سهل، فلم يسبق لى أن كسبت أى قضية". وتحظى رسوم "ديلم" بانتشار واسع على شبكة الإنترنت ، حيث تركز تلك الرسوم على مشاهد الطغاة والجنرالات الفاسدين ليس فى الجزائر فحسب بل في بقية دول الشرق الأوسط ، بغض النظر عن مدى قوة الشخص، فقد صور الرئيس "بوتفليقة" فى صورة تمثال ضئيل على قاعدة تمثال عملاق – وصوره وهو يرتكز على أبهة وصخب السلطة، بدلا من القيادة الحقيقية للبلاد، كما صور قائد المخابرات "محمد مدين" المعروف ب ( توفيق) فى مشهد ساخر وقبيح، وهو الذي نادرا ما يظهر علنا ولا يتجرأ الجزائريون على انتقاده. قناعة النظام الجزائرى وأشارت المجلة إلى أنه مع انطلاق ثورات الربيع العربى خففت السلطات الجزائرية الضغط على "ديلم" وتراجعت الملاحقات القضائية، وتوصلت السلطات إلى قناعة بأن ضغطها وتضييقها على "ديلم " أساء لصورتها وزاد من شعبية " ديلم". درس لحكام مصر وأكدت المجلة على أن هذا الدرس يجب أن يعيه حكام مصر فى التعامل مع "باسم يوسف"، ولم تقتصر انتقادات "ديلم" على الحكام فقط، بل إنه انتقد وتهكم من الإسلاميين فى الجزائر ، وهو ما جعله عرضة للمضايقات والتهديدات ليس فقط من النظام، ولكن من الإسلاميين المتحفظين جدا، حيث توارى عن الأنظار خلال عقد التسعينات من القرن الماضى فترة الحرب الأهلية المدمرة في الجزائر بين الجماعات الإسلامية المسلحة والنظام، والتى أسفرت عن مقتل نحو 200ألف شخص ، وقال:" إنه أمضى فترات طويلة في باريس". حكومة مصر معذورة وحول محاكمة " باسم يوسف " حاليا في مصر يقول "ديلم" إنه يمكن فهم رد فعل الحكومة تجاه الهجاء والتهكم فى برنامج تلفزيوني يسخر من الشخصيات القوية والمهمة سواء الرئيس "مرسي" أو غيره" ، ويقول :" لا يفاجئني على الإطلاق أن النظام المصري الجديد يكون رد فعله على النحو الذي حدث"، ففي تقاليدنا، لا أحد يسخر من الكبير، والأقوياء." ومع ذلك، فهو يعتقد أن قادة مصر يجب أن يعتادوا على تعرضهم للسخرية، فقد فتح "يوسف" الطريق أمام شكل جديد من الهجاء السياسي. " وربما أن رد فعل النظام طبيعى باعتبار ذلك أول مرة ولكن مع كثرة هذا النوع من التهكم، سيعتاد النظام عليه.