ارتفاع منتظر لأسعار اللحوم والدواجن.. وارتباك فى الأسواق 7 شركات تسيطر على السوق وتتحكم فى الأسعار خبراء: زيادة مساحات محاصيل الذرة وفول الصويا وإنشاء شركات تسويق زراعى أهم الحلول شهدت أسعار الأعلاف فى مصر مؤخرًا قفزة غير مسبوقة، إذ وصل الارتفاع فى سعر الطن الواحد إلى 1000 جنيه خلال شهر واحد، فى سابقة لم تحدث من قبل. أسباب ارتفاع الأسعار تختلف ما بين المحلية والعالمية، فقد كانت الخطوة التى قامت بها الصين سببا من أسباب هذا الارتفاع، حيث قامت الصين بشراء ثلث احتياجاتها من الذرة من الولاياتالمتحدةالأمريكية، والتى تعد أكبر مورد عالمى لها، مما ادى إلى ارتفاع السعر العالمى بشكل كبير، أما الأسباب المحلية فتتمثل فى احتكار عدد قليل من الشركات لاستيراد الأعلاف من الخارج، وبالتالى التحكم فى السوق. ووفقا لوكالة بلومبرج، تعاقدت الصين مع أمريكا على استيراد أكثر من ثلث وارداتها من الذرة خلال الموسم المقبل، من أجل توفير احتياجاتها من الحبوب، حيث اشترت الصين نحو 9.5 مليون طن مترى من محصول موسم 2021-2022 من الذرة الأمريكية، منذ شهر مايو حتى الآن، وفقا لبيانات وزارة الزراعة الأمريكية. وتعتبر أمريكا أكبر مورد للذرة فى العالم، فى الوقت الذى تعانى فيه المحاصيل فى البرازيل التى تحتل المرتبة الثانية بين مصدرى الحبوب عالميا موجة جفاف. وتستورد مصر كميات ضخمة من الأعلاف سنويا وخاصة الذرة الصفراء وفول الصويا من أمريكاوالبرازيل والأرجنتين وأوكرانيا، لكن النسبة الكبرى يتم استيرادها من أمريكا. ووفقا لتقرير صادر عن الإدارة المركزية للحجر الزراعي، بلغت واردات فول الصويا 4 ملايين و581 ألف طن خلال عام 2020، فيما تراجع استيراد الذرة الصفراء بنحو 10% تقريبا مقارنة ب 2019، وبلغ 9 ملايين و782 ألف طن مقابل 11 مليونا و60 ألف طن فى العام الأسبق. ومن أجل توفير الأعلاف للسوق المصرى وتضييق الفجوة الاستيرادية، تخطط وزارة الزراعة لزيادة الرقعة المنزرعة بمحصولى الذرة الصفراء وفول الصويا خلال الأعوام المقبلة. ووفقا لتقرير صادر عن وزارة الزراعة، فقد بلغ إجمالى المساحات المنزرعة النهائية من محصول فول الصويا 33 ألف فدان تتركز فى البحيرة وأسيوط. كما أن مساحة الذرة الشامية العام الماضى بلغت ما يقرب من 2.7 مليون فدان، منها 830 ألف فدان ذرة صفراء، ومن المستهدف الوصول بمساحات النوعين إلى 3 ملايين فدان خلال العام الحالى خاصة مع تدنى أسعار المحاصيل الزراعية الأخرى. وتمثل الذرة نسبة 65% من العلف المستخدم فى تربية الدواجن، وباقى النسبة مخلوطة بحبوب أخرى، وفقا لاتحاد منتجى الدواجن. ومؤخرا، شهدت أسعار الأعلاف فى السوق المحلى ارتفاعات كبيرة، ووصل طن الذرة إلى 8 آلاف جنيه ومتوقع وصوله إلى 10 آلاف جنيه خلال الفترة المقبلة. وسجل سعر علف سوبر بادى 23% ليصل إلى 8000 للطن وسوبر نامى 21% نحو7750 للطن، وسوبر ناهى 19% نحو 7600 للطن، وسعر بادى نامى 21% نحو 7500 للطن وسعر بياض إنتاجى 17% نحو 6400 للطن وسعر بياض إنتاجى 16% نحو 6350 للطن. فيما وصل طن الذرة الدشيش إلى 5100 جنيه للطن، والذرة الصفراء الصحيحة 5700 جنيه، والردة 4125 جنيه، وطن الكسبة 5000 جنيه، كما سجل سعر طن الفول البلدى 15 ألف جنيه والمستورد يتراوح حسب النقاوة والنوع بين 9 و10 و13 الف جنيه، وسجل سعر طن قشر فول الصويا المعبأ 4200 جنيه، كما سجل طن قشر فول بلدى 4900 جنيه، فى حين سجل سعر الطن من كسر الفول البلدى الخشن 7600 جنيه. من جانبه، قال الدكتور عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بالغرف التجارية: إن ارتفاع أسعار أعلاف الدواجن محليا يرجع إلى الزيادة التى طرأت على أسعار الأعلاف فى البورصات العالمية، وقيام الصين بتخزين ملايين الأطنان لتلبية احتياجاتها، بجانب تداعيات فيروس كورونا. وتوقع «السيد» أن يصل سعر طن الذرة إلى 10 آلاف جنيه، خاصة بعد نقص المعروض حاليا بالأسواق وتعاقد الصين مع أمريكا على أكثر من ثلث محصولها من الذرة الموسم القادم، مطالبا بضرورة وجود حل فورى لمواجهة النقص الحالى فى المعروض من الأعلاف وزيادة أسعاره المستمرة. وقال عمرو السيد عوض، تاجر وصاحب مصنع أعلاف بمحافظة الدقهلية: إن سوق الأعلاف شهد ارتفاعات غير مسبوقة فى الأسعار خلال الثلاثة أشهر الماضية، خاصة الذرة والردة. وأضاف عوض، أن طن الذرة كان ب4500 جنيه ووصل إلى 5600 جنيه و6 آلاف فى بعض الأحيان، وطن الردة أصبح يتراوح بين 4300 و4500 جنيه مقارنة ب3400 جنيه، وطن السرسة وصل إلى 1000 جنيه مقارنة ب300 جنيه. وأوضح تاجر الأعلاف، أن هذه الارتفاعات الرهيبة فى الأسعار لم نشهدها من قبل، فالطبيعى أن ترتفع ما بين 200 إلى 300 جنيه للطن فى بعض الأوقات من العام، ولكن هذه المرة وصل الارتفاع إلى 1100 و1300 جنيه، ما أدى إلى ارتباك كبير فى السوق وإحداث أزمة لدى التجار والمربين. «الارتفاع فى الأسعار سوف يؤثر على هامش ربح التاجر ومربى المواشي، إضافة إلى زيادة السعر على المستهلك النهائى سواء للحوم أو الدواجن».. هذا ما أكد عليه عمرو السيد، مشيرا إلى أن رأس الماشية الواحدة تستهلك ما بين 4 إلى 5 كيلو علف يوميا أي150 كيلو شهريا، وهذه الزيادة فى الأسعار ستؤثر على جودة العلف المقدم للمواشي، لأن المربين بدأوا الاتجاه نحو شراء الأعلاف الرخيصة ذات الجودة المنخفضة، وبالتالى ستتأثر الماشية سلبيا بهذا الأمر. زيادة الأسعار الكبيرة ستؤدى إلى انخفاض أرباح المربين، وبالتالى التأثير سلبا على دورة التربية القادمة التى تستغرق 6 أشهر، لأن المربى ينفق على تربية مواشيه من خلال هذا الربح، وفى ظل الوضع الحالى لن يستطيع تحصيل أى أرباح تمكنه من استمرار التربية الموسم المقبل، ما يعنى ترك عدد كبير منهم لأعمالهم وانخفاض أعداد رؤوس الماشية فى الأسواق وبالتالى ارتفاع أسعار اللحوم وارتباك السوق، بحسب عمرو السيد. وأشار إلى أن هناك 4 إلى 5 شركات كبرى تتحكم فى سوق الأعلاف بمصر، فهى تستورد كميات ضخمة من الخارج عندما تكون الأسعار منخفضة، ثم تقوم بتخزينها وبيعها عندما يقل المعروض فى السوق وترتفع الأسعار، ولذلك فالسوق يعانى من احتكار وتحكم عدد قليل من الشركات، يستوجب تدخل الحكومة ومنعهم من هذه الممارسات الاحتكارية. مزارع الدواجن تعانى على الجانب الآخر، يعانى أصحاب مزارع الدواجن من ارتفاع أسعار الأعلاف أيضا، وهناك عدد كبير منهم بدأ يفكر فى إغلاق هذه المزارع والتوقف عن التربية؛ لأن تربية الدواجن تختلف كثيرا عن المواشي، فالدواجن تحتاج إلى ظروف مناخية وبيئية خاصة جدا ومن الممكن موت الدواجن فى المزرعة بسبب أخطاء بسيطة، ويتكبد المربى خسائر فادحة نتيجة لذلك، وقد زاد عليه الأمر بارتفاع طن العلف إلى 7 آلاف جنيه مقارنة ب5 آلاف جنيه خلال الشهرين الماضيين، بحسب تاجر الأعلاف، الذى توقع ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن خلال الفترة المقبلة بصورة كبيرة إذا استمر الوضع الحالي. فيما قال فرج العربي، تاجر مواشى: إن شيكارة الذرة الدشيش 50 كيلو أصبحت ب300 جنيه مقارنة ب150 و200 جنيه. وأضاف فرج، أن هناك عددًا كبيرًا من التجار تكبدوا خسائر فادحة خلال موسم عيد الأضحى الأخير بسبب ارتفاع الأسعار لأنهم لم يمتلكوا مخزونًا كافيًا قبل بدء الموسم. وتابع: «سعر العجول والخرفان الحية خلال موسم العيد بيكون تقريبا واحد فى السوق، وعلشان كده تجار كتير خسروا بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف فى الموسم ده، لأن معندهمش مخزون علف كفاية واشتروا بالأسعار الغالية». الزراعة هى الحل بينما قال الدكتور مصطفى خليل، استشارى الإنتاج الحيواني، وعضو لجنة الزراعة بحزب الوفد: إن مشكلة الأعلاف فى مصر من الممكن حلها باتخاذ عدد من الإجراءات الهامة التى ستؤثر بشكل إيجابى على السوق خلال سنوات قليلة. وأضاف «خليل» أن الذرة والقمح والشعير مكونات أساسية فى تراكيب الأعلاف للحيوانات والطيور والأسماك، ونحن فى مصر نستورد كميات كبيرة منها، ولذلك يجب علينا التفكير فى طرق بديلة لتراكيب الأعلاف وزيادة الإنتاج المحلى منها. ومن أبرز الإجراءات الواجب اتخاذها فى هذه المسألة، تشجيع المزارعين على زراعة الذرة البيضاء والصفراء والرفيعة، فزيادة رقعة الأراضى المزروعة بالذرة والقمح هى مفتاح الخروج من أزمة ارتفاع أسعار الأعلاف وتقليل فاتورة الاستيراد، حيث يؤدى استيراد ملايين الأطنان من الذرة والقمح إلى تحمل خزانة الدولة مليارات الدولارات بجانب مشاكل الاحتكار، قائلاً: «المستورد معاك وقت الرخاء ويتركك وقت الأزمات». وأوضح استشارى الإنتاج الحيواني، أن الذرة من المحاصيل قليلة الاستهلاك للمياه ولذلك من الممكن زراعتها فى مناطق شرق العوينات ويتم ريها ب«نظام البيفوت» – الرى المحوري- لأن طبيعة الجو مناسبة ونسبة الرطوبة فى حبة الذرة لا تتعدى 12%، ومن الممكن أن تزرع أيضا فى غرب المنيا وتوشكى واستغلال محاور الطرق الجديدة فى الزراعات الواسعة بنظام الرى المحوري، فنحن بذلك نوفر الذرة ونقلل ميزان المدفوعات ونفس الشيء فى القمح وزراعة الشعير بمساحات شاسعة وبالتالى نتخلص من مافيا الاستيراد. وطالب خليل، البنوك بإنشاء شركات تكون وظيفتها ومجال عملها زراعة وتسويق المحاصيل الزراعية بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية، والتعاقد مع الفلاحين وإمدادهم بالبذور مبكرة النضج وعالية الإنتاجية وقليلة استهلاك المياه والمقاومة للأمراض. وأشار «خليل» إلى أننا نمتلك الخبراء والباحثين والمهندسين الزراعين والمزارعين المحترفين ومساحات الأراضى الكافية، فضلا عن تطوير نظم الرى وامتلاك آلات الحرث والبذر والحصاد وآلات التجفيف وأماكن التخزين ووسائل النقل والمواصلات ومن ثم البيع لمخازن ومصانع الأعلاف. وطالب أيضا بتشجيع الباحثين بمركز البحوث الزراعية والمركز القومى للبحوث وكليات الزراعة بالجامعات المصرية لإجراء الأبحاث والتجارب على مخلفات ونواتج التصنيع فى قصب السكر ومصانع العصائر والمربات ومصانع الطماطم لمعالجة المخلفات واستخدامها كمكون من مكونات الأعلاف. وفى ظل العلاقة الممتازة بين أبناء وادى النيل الآن «مصر والسودان»، من المهم أن نبدأ التفكير فى إنشاء شركات مشتركة لزراعة المحاصيل الاستراتجية هناك وتقاسم الإنتاج بين شعبى الوادي، بحسب استشارى الإنتاج الحيواني. وطالب بتطبيق القرار الجمهورى رقم 14 لسنة 2015 بإنشاء مركز الزراعات التعاقدية، لتكون الأساس فى التعامل بين شركات المحاصيل الزراعية والمزارعين ووضع خطة زراعية بجدول زمنى محدد للوصول إلى الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية وتحقيق الأمن الغذائي، الذى يحمينا من احتكار الشركات المستوردة، إضافة إلى بحث فرض رسوم على واردات الذرة المستوردة فى المستقبل القريب لحماية المنتج المحلى لتلافى ما حدث عام 2018 عندما تعاقد الاتحاد العام للدواجن مع المزارعين وعند الاستلام رفض الاستلام بحجة أن المستورد أقل فى السعر. احتكار وانتقد محمد الأتربي، سكرتير الهيئة الوفدية ومقرر الهيئة البرلمانية للحزب بمجلس النواب، سيطرة عدد قليل من الشركات على سوق إنتاج الدواجن والأعلاف ما يقتل فرص المنافسة بين صغار المربين والمصنعين من جهة والشركات الكبرى المستحوذة على السوق من جهة أخرى. وأضاف الأتربي، أن هناك 7 شركات تستحوذ على سوق صناعة الأعلاف دون وجود رقابة من وزارة الزراعة أو اتحاد منتجى الدواجن، الذى يخدم كبار التجار والمصنعين فقط دون النظر للمصانع الصغيرة أو أصحاب المزارع قليلة الإنتاج التى تضطر لشراء خامات الأعلاف التى تبقى من الشركات التى تحتكر السوق سواء فى الإستيراد أو التوزيع ما يكبدها خسائر فادحة، على حد قوله. وطالب الأتربي، وزارة الزراعة بالتدخل لضبط السوق من خلال توسيع الرقعة الزراعية للذرة الصفراء وفول الصويا، بجانب تدخل الدولة لاستيراد المواد الخام التى تدخل فى صناعة الأعلاف بنسبة 95٪ من أجل الحفاظ على صغار المصنعين والمربين والقضاء على الاحتكار الذى يدفع ثمنه المواطن البسيط.