وقف النظام الحالي وكأن لسان حاله يقول: وقف الخلق ينظرون كيف سحلت بني وطني وحدي, ودعاة الاستبداد كفونى الكلام عند التحدى, أنا إن قدر الإله مماتى فمن للسحل بعدى, أنا تاج الفساد فى مفرق الشرق وجماعتى وعشيرتى قلائد عقدى!، والنظام الحالي ليس فقط صورة كربونية من النظام البوليسي القمعي السابق بل إنه تفوق عليه من حيث كان النظام السابق يقوم بالسحل فقط أو التعرية فقط أما نظامنا الحالي فإنه يقوم بالتعرية قبل أو بعد السحل؟ وحقيقة الأمر أننى لا أفهم لماذا التعرية والتجريد من الملابس لمن يقوم النظام بسحله إلا إذا كان يريد المحافظة على ملابس المسحول من تراب الأسفلت أو يريد ان يكون الضرب مع السحل على اللحم مباشرة. ولأن النظام لم يقم على معاقبة الذين سحلوا وعروا الشعب المصري واكتفى بإصدار البيانات والاعتذارات غير المقبولة شكلاً وموضوعاً، ففى الدول التى لدى من يحكمونها بعض من الحياء فإن حوادث مثل هذه تؤدى إلى استقالة الوزراء ورئيسهم, إلا أنه أثبت نتيجة باهرة لنظام أفصح عن نواياه في ستة شهور فقط بالرغم من ادعائه الثورة والنقاء والوطنية فهو يرى كل ذلك من منظوره الخاطئ والخاص والذي يتمثل في أن الفرد المسحول في خدمة الدولة والنظام وأن حقوق الأفراد والتي قامت ثورة 25 يناير من أجلها هي في ذيل القائمة والأولويات لدى الجماعة الحاكمة والحالمة بالأوهام على أفضل تقدير ولكن حقيقة الأمر هي غير موجودة تماماً لديهم. لم تقم ثورة 25 يناير إلا على الفساد وإهدار كرامة المواطن المصري داخلياً وخارجياً ولم تقم هذه الثورة سوى لإعادة تنظيم حقوق المواطنة والعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة وها هو النظام الجديد الذي أفرزته الدعاية الملتوية لحكام يستنسخون نفس الممارسات للنظام القديم قد خلع برقع الحياء بعد الإعلان الدستورى الاستبدادى فى نوفمبر ثم الانقضاض على أحكام القضاء والدستورية العليا ثم الانقضاض على الدستور ونقض الوعود والعهود ثم استخدام ميليشيات الجماعة لحصار المحاكم وضرب المتظاهرين وترويع العاملين بمدينة الإنتاج الإعلامى, ثم ختامها تعرية وسحل بجعل الداخلية يتهمها البعض بأنها الجناح العسكرى للجماعة. ولأن القضية المتعلقة بالسحل والتعرية لا تتعلق بوضع المسحول المتعري سياسياً وإنما هي تطبيق للقاعدة الجديدة أن السحل والتعرية والتعذيب علينا حق, كل ذلك بأيدى النظام الحاكم الجديد, فهم لا ينتمون للفلول أو أم الخلول وإنما هم مواطنون شعروا بالخطر الداهم نتيجة وجود نظام حكم استبدادي ديكتاتوري سيكون فاسداً بسرعة تفوق النظم السابقة. القضية هي اختلاف الرؤية فالنظام الحاكم الحالي يري نفسه الثورة النموذج المؤدي إلى النهضة النموذج المؤدية للدولة النموذج، حتى يتحقق المشروع الإسلامي النموذج ليكون ملهماً لباقي شعوب الأرض ونحن لا ندري على أي وجه تكون الثورة النموذج على أساس انهم هم الذين قاموا بها فقط ولا نعلم أن النهضة النموذج تبدأ بأن يتم سحل وتعذيب المواطنين وتعريتهم حتى يقوموا بالنهضة ولا نرى تبعاً لذلك أنهم سيكونون الدولة النموذج اللهم إلا إذا كان قصدهم النموذج في الديكتاتورية والقمع والاستبداد وهذا كله بالقطع لا يؤدي إلى أن يكون ملهما لأحد ولا حتى فى بلاد «الماو ماو», وهو سيكون سبة في جبين المشروع الإسلامي الذي لا يدرون عنه شيئاً. الإسلام أتى لتكريم الإنسان: «ولقد كرمنا بني آدم» وهم يفعلون العكس. إلا أن رؤية حزب الوفد وجبهة الإنقاذ الوطنى هي تلك المتعلقة بالإنسان الذي كرمه الله تبارك وتعالى وهي تهتم بإعادة تنظيم الحياة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة والعدالة الاجتماعية وهي تهتم بإعادة صياغة الحياة السياسية وتوزيع نسب السلطة بطريقة راشدة والتناغم فيما بينها وإعادة صياغة الحياة الفكرية والثقافية وإعادة صياغة الأفكار الدينية والقيمية بما يتلاءم وظروف الزمان والمكان والبيئة المحيطة والمتغيرات الموجودة حالياً. كل ما تبحث عنه جبهة الإنقاذ الوطني وحزب الوفد هو الإنسان وكرامته وحياته فهو في حقيقة أمرها الحل والهدف، وكل ما تبحث عنه المنظومة الحاكمة الحالية هو السلطة وتكريسها على اساس أن السلطة هي الهدف وفقط.! عند هذا الموقف المرتبك والمتأزم لا يوجد امام الشعب المصري سوى أن يضرب مثلاً آخر في كيفية تغيير السلطة الحالية سلمياً عن طريق صناديق الاقتراع وألا يتحجج البعض منه بأنه ما فيش فايدة وان اليأس قد دب في النفوس وأثر على الأداء فإن الإبداع والحلول غير التقليدية تخرج من رحم اليأس من الحلول التقليدية ومن الألم الناتج عن المعاناة وأن تغيير السلطة الاستبدادية ليس موقوفاً على التغيير بالعنف وإنما هو رهن إرادة الشعب عن طريق الصندوق فإن النظام الحالي لا يستحي ولذلك فهو يسحل ويعري و يعذب من يشاء. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا. يحيا الشعب المصري حراً كريماً. أ.د حمدي عبد المعطي باشا استشاري جراحة التجميل