طالب خبراء اقتصاديون الحكومة بضرورة الكشف عن الغموض الذى يحيط بقانون صكوك التمويل الإسلامية وطرحه للنقاش المجتمعى قبل إقراره. كما اتفق الاقتصاديون على ضرورة أن تقوم الحكومة بشرح آليات القانون للرأى العام لمعرفة المزايا والإيجابيات وكيفية الاستثمار به. وتوقع الخبراء أن يوفر المشروع ما يقرب من 15 مليار دولار من السيولة، مما يدعم خطط الدولة نحو إقامة مشروعات تنموية حقيقية وبالتالى يضاعف حجم السوق من 6 إلى 9 مرات. وأوضح خبراء الاقتصاد أن معدلات إصدار الصكوك الإسلامية خلال 2012 تجاوزت 136 مليار دولار. واستطاعت ماليزيا أن تحافظ على مكانتها كأكبر سوق لإصدار الصكوك عالميا بمبلغ إجمالى بلغ نحو 151 مليار دولار ثم الإمارات والسعودية وإندونيسيا. وأكدوا أن هناك تزايداً ملحوظاً ونمواً فى حجم أعمال الصرافة الإسلامية فى مصر والذى بلغ 100 مليار جنيه أى ما يمثل 7.2% من حجم السوق، بينما يبلغ السوق المصرى حاليا نحو تريليون و 300 مليار جنيه، فيما بلغت ودائع القطاع الإسلامى منه نحو 80 مليار جنيه. وكشف الدكتور على لطفى رئيس الوزراء الأسبق، أن قانون الصكوك الإسلامية يفتقد لوضوح الرؤية حول آليات المشروع وجوانبه التى تثير القلق والمخاوف لدى بعض المواطنين، وقال ان تطبيق المشروع يتطلب مزيدا من المناقشة للرد على الشبهات التى تحوم حوله مثل مايتردد من أن القانون يشبه ظاهرة «توظيف الأموال» و «بيع مصر»، مضيفا أنه لابد من إعداد دراسة جدوى عن هذا المشروع وعرضها على الشعب، مطالبا بعدم الاستعجال فى إصدار القانون وإعطاء فرصة للحوار المجتمعى الوطنى لإزالة القلق من نفوس المستثمرين ورجال الاعمال، وكذا تصحيح كافة المفاهيم الخاطئة حتى يكتب لهذا المشروع النجاح. وطالب «لطفى» بضرورة تطبيق واستخدام الصكوك وفقا لدراسات جدوى مفصلة، مؤكدا ضرورة استخدام حصيلة الصكوك فى تمويل المشروعات الجديدة وليس القائمة حتى تمثل قيمة مضافة لسوق الاستثمارات، محذرا من استغلال حصيلتها لتمويل عجز الموازنة لأن ذلك سيضع الحكومة فى مأزق يتمثل فى عدم توفير أرباح المالكين للصكوك، وأكد أن الصكوك أداة تمويل إضافية وليست هى البديل الوحيد، وأشار الى ان تطبيق الصكوك كآلية للتمويل ليس جديد لأن هناك دولاً أخرى سبقت مصر ويجب الاستفادة من تجارب تلك البلدان ومعرفة القصور فى التطبيق لتفاديها فى مصر. حذر الدكتور طارق حماد عميد كلية التجارة بجامعة عين شمس، من إعطاء صكوك التمويل الإسلامى التى ستصدرها الدولة حق الملكية بالكامل وهو الأمر الذى يتضمن حق التصرف بالبيع أو التنازل ويمكن فى هذه الحالة أن تتم عمليات بيعية بأموال ضخمة لأطراف أجنبية ذات اهداف خبيثة تحاول السيطرة على مقدرات الاقتصاد الوطني، على أن تقتصر صكوك التمويل الإسلامية على حق الانتفاع فقط حرصا على أملاك الدولة، ويفضل أن تكون مدة الانتفاع قصيرة لا تزيد على عشر سنوات، وأشار الدكتور حماد إلى أنه يمكن توفير الحماية لحملة الصكوك عن طريق التأمين ضد المخاطر من خلال شركات تأمين إسلامية، بالإضافة إلى توفير الرقابة الشرعية، قال: ينبغى رفع الوعى الاستثمارى لدى الأفراد المكتتبين فى الصكوك من خلال تكوين جماعات منهم وذلك لتوفير عنصر الجذب الاستثمارى، واستشهد عميد كلية التجارة بورطة الحكومة قبل سنوات عندما باعت أرضا تقع فى جنوبسيناء بمبلغ زهيد لأحد رجال الأعمال المصريين يحمل جنسيتين وعندما رغب فى مشاركة إسرائيليين فى المشروع سحبت الحكومة الأرض منه فتنازل عن جنسيته المصرية ورفع دعوى قضائية دولية حصل من خلالها على مئات الملايين من الدولارات تعويضا من الحكومة. بينما قال محمد عشماوى رئيس المصرف المتحد، إن طرح الصكوك الإسلامية الآن فى مصر يعد تغيراً مفاجئاً لاستراتيجية الدولة، موضحا أنها تدر دخلا قوميا يساهم فى دفع عجلة الإنتاج، مضيفا أن فلسفة الصكوك تقوم على توفير وسيلة التمويل اللازم لمشروعات استثمارية جديدة أو إعادة هيكلة مشروعات تابعة للدولة، مؤكدا أنها إحدى أهم الأدوات التمويلية لبناء الاقتصاد المصرى الجديد، مشيرا إلى أن النمو الحقيقى يأتى من خلال إقامة مشروعات تنموية اقتصادية كبرى تهدف إلى النهوض بالمجتمع الاقتصادي، وأشار إلى أن الفئات المستهدفة هم أصحاب الودائع والمستثمرون والمصريون العاملون بالخارج، وتوقع عشماوى أن الموافقة على الطرح لمشروع الصكوك فى تلك التوقيت يعد مناسبا جدا وحلا لأزمات اقتصادية عدة مثل ارتفاع سعر الدولار، فضلا عن ان طرحها سيؤدى إلى زيادة التعاملات الدولية وبالتالى ستزيد تدفقات النقد الأجنبى إلى البلاد. ويشير الدكتور عباس شومان نائب رئيس الهيئة الشرعية بالمصرف المتحد، إلى أن ابرز التحديات التى تواجه مشروع الصكوك الإسلامية هى توزيع عوائد الصكوك وتوريثها عند موت مالكها وطول مدتها، مشيرا إلى تخوفه من تحول الصكوك إلى أذون خزانة لسد عجز الموازنة العامة للدولة دون استثمارها، مضيفا أنه يجب تكثيف الرقابة على تلك الصكوك.