طالب خبراء اقتصاديون الحكومة بضرورة الكشف عن المزيد من الايضاحات والتفسيرات بشأن قانون صكوك التمويل الاسلامية وطرحه للنقاش المجتمعي لمدة لا تقل عن شهر إضافي قبل إقراره فى مجلس الشورى. واتفق الخبراء - خلال مشاركتهم في مؤتمر "صكوك التمويل الإسلامية بين الواقع والمأمول" الذي عقد بكلية التجارة جامعة عين شمس اليوم الثلاثاء - على ضرورة أن تقوم الحكومة بشرح آليات القانون للرأي العام لمعرفة مزايا القانون وكيفية استثمار المواطنين به.
وقال الدكتور على لطفى رئيس الوزراء الأسبق إن تطبيق قانون الصكوك الإسلامية يتطلب من المناقشة ما يزيد عن شهر ، وذلك للرد على الشبهات التي تحوم حوله، خاصة أن البعض يشيع أن القانون يشبه ظاهرة "توظيف الأموال" والتي شاعت فى فترة سابقة وأدت إلى خسارة شرائح كبيرة من المواطنين لأموالهم.
وأشار إلى أن عدم وضوح الرؤية حول آليات المشروع وجوانبه تثير القلق والمخاوف لدى بعض المواطنين من القيام باستثمار أموالهم فى تلك الصكوك، مطالبا بضرورة استخدام الصكوك فى تمويل عجز الموازنة، لكن وفقا لدراسات جدوى مفصلة للمشروعات المصدرة للصكوك.
من جانبه، أوضح الدكتور إيهاب عيسى مدير عام أول قطاع المخاطر بالمصرف المتحد - في ورقة بحثية قدمها خلال المؤتمر - أن فكرة الصكوك تقوم على المشاركة في تمويل مشروع أو عملية استثمارية متوسطة أو طويلة الأجل وفقا للقاعدة الشرعية (الغنم بالغرم) والمشاركة في الربح والخسارة على غرار نظام الأسهم في الشركات المساهمة المعاصرة ونظام الوحدات الاستثمارية في صناديق الاستثمار ، حيث تؤسس شركة مساهمة لهذا الغرض ولها شخصية معنوية مستقلة.
وأضاف عيسى أن ماليزيا استطاعت الحفاظ على مكانتها كأكبر سوق لإصدار الصكوك على مستوى العالم بمبلغ إجمالي تجاوز 151 مليار دولار منذ انطلاق الصناعة فيها وتلتها دولة الإمارات العربية المتحدة بمبلغ 39 مليار دولار.
وأكد الدكتور إيهاب عيسى مدير عام أول قطاع المخاطر بالمصرف المتحد أن إصدارات الصكوك العالمية بلغت نهاية 2012 حوالي 131 مليار دولار بزيادة نسبتها 54\% عن عام 2011، وبلغت حصة ماليزيا من إصدارات الصكوك العالمية 74%، وتلتها السعودية ب8 %، ثم الإمارات ب7ر4 % وإندونيسيا ب4.6%.
من جانبه ، قال الدكتور طارق حماد عميد كلية التجارة بجامعة عين شمس أن هناك فرقا بين الملكية الكاملة وحق الانتفاع فيما تصدره الدولة من صكوك تمويل إسلامية ، حيث تظهر محاذير كبيرة جدا بإعطاء حملة الصكوك حق الملكية بالكامل وهو الأمر الذي يتضمن حق التصرف بالبيع أو التنازل ويمكن في هذه الحالة أن يتم البيع لأطراف أجنبية لها أهداف خبيثة ولديها أموال ضخمة يمكن من خلالها السيطرة على مقدرات الاقتصاد الوطني.
واستشهد حماد بأن الحكومة ورطت نفسها قبل سنوات عندما باعت أرض في جنوبسيناء بقيمة مليون جنيه فقط لأحد رجال الأعمال المصريين من ذوي الجنسيتين وعندما رغب في مشاركة إسرائيليين في المشروع سحبت الحكومة منه الأرض فتنازل عن جنسيته المصرية ورفع دعوى قضائية دولية حصل من خلالها مئات الملايين من الدولارات تعويضا من الحكومة.
وأضاف أنه حرصا على أملاك الدولة يجب أن تقتصر صكوك التمويل الإسلامية على حق الانتفاع فقط دون ملك الرقبة (الملكية الكاملة) ويفضل أن تكون مدة الانتفاع قصيرة لا تزيد عن عشر سنوات حتى لا تضر بمصر كما حدث في اتفاقيات الغاز مع إسرائيل وأسبانيا.
وحول الضمانات التي يجب تقديمها من جانب مصدر الصكوك للمستثمرين لجذبهم للاكتتاب فيها، قال حماد إنه ينبغي أولا رفع الوعي الاستثماري لدى الأفراد المكتتبين في الصكوك من خلال تكوين جماعات منهم تسمى جماعة حملة الصكوك وذلك للمراقبة والحماية المصالح المشتركة لحملة الصكوك فضلا عن ضرورة أن يقوم المستفيد من حصيلة إصدار الصكوك بتأسيس شركة منفصلة ذات غرض خاص لكل إصدار بحيث تتولى عملية إصدار الصكوك وتلقى طلبات الاكتتاب فيها.
وأشار الدكتور طارق حماد عميد كلية التجارة بجامعة عين شمس إلى أنه يمكن توفير الحماية لحملة الصكوك عن طريق التأمين ضد المخاطر خلال شركات تأمين إسلامية، بالإضافة إلى تفعيل دور الجهات الرقابية في الرقابة على الجهات مصدرة الصكوك ، إضافة إلى توفير الرقابة الشرعية عليها لتحديد مدى التزامها بأحكام الشريعة الإسلامية.
من جهته، قال محمد عشماوي رئيس المصرف المتحد إنه متفائل بالنقاشات المجتمعية البناءة التي تتم لمناقشة قواعد عامة لأحد أهم الأدوات التمويلية المطروحة للمساهمة في بناء مصر عصرية جديدة ذات اقتصاد قوى وهي الصكوك الإسلامية.
وقال عشماوي إن ما يحدث الآن في مصر هو تغير مفاجئ لإستراتيجية الدولة وعودتها إلى دورها المحوري كصانع سوق، مضيفا أن نمو الاقتصاد الحقيقي يأتي من خلال إقامة مشروعات تنموية اقتصادية صناعية وخدمية كبرى تهدف إلى النهضة بالمجتمع ككل، فضلا عن أنها تدر دخلا قوميا يساهم في دفع عجلة الاقتصاد للأمام وليست في مشروعات قائمة على الربح السريع.
وأوضح أن فلسفة الصكوك تقوم على توفير التمويل اللازم لمشروعات استثمارية جديدة أو إعادة هيكلة مشروعات تكون تابعة للحكومة أو للقطاع الماص لفترة محددة وعند الانتهاء من هذه المشروعات تعود ملكيتها للدولة أو للقطاع الخاص، لافتا إلى أن الصكوك وسيلة تمويلية لمشروعات معينة وتستلزم وجود آلية تنظم عملية وشفافية للمشاركة في العلم والغرم .
وتوقع رئيس المصرف المتحد أن يوفر مشروع الصكوك ما بين 10 إلى 15 مليار دولار من السيولة، مضيفا أن ذلك يدعم ويساند خطط الدولة نحو إقامة مشروعات تنموية حقيقية مما يضاعف من حجم السوق من 6 إلى 9 مرات.
وأوضح عشماوي أن معدلات إصدار الصكوك الإسلامية خلال العام الماضي على مستوى الشرق الأوسط وحده تخطت 1ر136 مليار درهم وهناك توقعات بزيادة معدلات الإصدارات العالمية لهذه العام.
وفيما يخص الفئات المستهدفة من مشروع الصكوك، قال محمد عشماوي رئيس المصرف المتحد إن أصحاب الودائع والمستثمرين أصحاب رؤوس الأموال المتوسطة والصغيرة الذين يريدون الاستثمار هم الشريحة الأولى المستهدفة من القانون، بالإضافة إلى المصريين العاملين بالخارج والذين يريدون الاستثمار داخل وطنهم فضلا عن المستثمرين الذين يريدون الاستثمار وفقا لمقاصد الشريعة الإسلامية.
وأشار عشماوي إلى أن هناك تزايدا ملحوظا ونموا في حجم أعمال الصيارفة الإسلامية في مصر والذي بلغ 100 مليار جنيه أي ما يمثل 7.2% من حجم السوق، مشيرا إلى أن السوق المصري يبلغ حاليا تريليون و 300 مليار جنيه، وبلغت ودائع القطاع الإسلامي منه 80 مليار جنيه.
وقال رئيس المصرف المتحد إن التوقيت الحالي لطرح مشروع الصكوك يعد مناسبا جدا إذا تم موافقة مجلس الشورى عليه فسيكون حلا لأزمة ارتفاع سعر الدولار ، موضحا أن طرح الصكوك سيؤدى إلى زيادة التعاملات الدولية خاصة أن هناك عددا كبيرا من الدول العربية والإسلامية تتعامل مع هذه الصكوك مما سيؤدى إلى ضخ مبالغ كبيرة بعملات أجنبية ومن هنا ستزيد تدفقات النقد الأجنبي إلى البلاد.