تم تجهيز حملة من القوات المسلحة والشرطة للبحث عن الجناة في حادث اغتيال الجنود بسيناء في رمضان الماضي دون أن يتم القبض عليهم وقد تناقضت التصريحات حول استمرار هذه الحملة الأمنية أو وقفها!!! ومنذ أيام تمت إصابة عدد آخر من الجنود في سيناء، وقد كانوا في حراسة خط الغاز الطبيعي الخاص بالتوريد لإسرائيل والأردن!! والذي سبق تفجيره (15) مرة، ولم يتم أيضا حتي الآن تحديد هوية المهاجمين الملثمين والقبض عليهم، كما تم علانية حصار اتباع حازم أبوإسماعيل لمبني المدينة الإعلامية لأكثر من أسبوعين مع التهديد اليومي العلني بمكبرات الصوت بتأديب المذيعين وأصحاب ومديري القنوات الفضائية بالمدينة، وأيضا تم حصار مبني المحكمة الدستورية العليا ومنع قضاتها من دخولها، مع توجيه السب والقذف لهم أمام مقر المحكمة، ومع التهديد بتطهيرهم، واتهامهم بتنظيم مؤامرة ضد الرئيس والنظام الإخواني السلفي الحاكم، وقد تم الانتقام بالفعل من المحكمة في مواد الدستور الباطل، الذي فرض علي الشعب المصري منذ فترة قصيرة، وقد أصدر الرئيس د. مرسي العياط إعلانات دستورية مع قرار بقانون لحماية الثورة، وتضمن تشكيل نيابات ومحاكم ثورية للتحقيق، وجمع الأدلة والمستندات المتعلقة بأحداث الثورة منذ 25 يناير سنة 2011 وحتي 30/6/2012 تاريخ ولاية الرئيس، ولم تمتد الفترة المحددة بحيث تشمل ما تلي هذا التاريخ من أحداث قتل وإصابة للمتظاهرين السلميين، بساحة القصر الرئاسي بمصر الجديدة، وذلك رغم تأكيد الرئيس في تصريحاته أن القصاص من المعتدين القتلة للمتظاهرين والمعتصمين أمانة في عنقه!!! ولم يعلن نتيجة فحص ومتابعة وبحث اللجنة الثانية التي تشكلت لتقصي الحقائق عن تلك الجرائم الإرهابية الخطيرة، وأصبح غموض تلك الأحداث وعدم المعرفة اليقينية لمرتكبيها مثار التعليقات من الغاضبة والساخرة من الشعب والإعلاميين الذين أطلقوا علي الفاعلين والمحرضين الإرهابيين وصف «اللهو الخفي» حتي الآن!! وأظن أن سبب كل هذا الغموض الغريب في هذه الأحداث جميعها ان هناك عجزا من أجهزة الأمن المختلفة في البحث ومطاردة الجناة وتقديمهم إلي المحاكمة، أو ان هناك «تسترا عمديا» عليهم جميعا سواء مرتبكو الجرائم التي نفذت خلال أيام ثورة 25 يناير 2011 أو أمام قصر الاتحادية أو في سيناء، وان هناك «جماعة ذات نفوذ» وقادرة علي فرض التستر علي الجناة الإرهابيين، وهذه الجماعة لابد ان تكون قادرة علي ارتكاب جرائم الحرق والاقتحام لأقسام الشرطة والسجون، ونهب الأسلحة والقتل للمتظاهرين مع عناصر الأمن!! وذلك في معظم مدن الجمهورية وفي وقت واحد، ولا شك انه لدي هذه الجماعة الخبرة والسلاح لارتكاب هذه الجرائم ولديها أيضا القدرة علي التنقل بوسائل سريعة وفعالة تتيح لهم الهجوم والهروب دون معرفة هويتهم، وهم لا شك يتمتعون بحماية القوة ذات النفوذ التي تقول إنهم حتي لو قبض عليهم، وحوكموا فإنها سوف تقوم بالعفو عنهم!!! إن الشعب المصري الغاضب الحائر لم يتوفر لديه الدليل اليقيني علي هذه الشكوك نتيجة لتقاعس أو عجز أجهزة الأمن عن كشف غموض هذه الجرائم كما تعجز الحكومة والسلطة السياسية المسيطرة الآن عن كشف الحقائق، وفي هذا الشأن لأسباب غامضة ولن يجدي الإعلان الدستوري الباطل والقرار بقانون الباطل اللذان أصدرهما رئيس الجمهورية، في التوصل إلي نتيجة تبرر إعادة المحاكمات، أو تقديم المتهمين الحقيقيين إلي المحاكمة الجنائية إلا لو خلصت النوايا السياسية واحترمت القيادة الحاكمة إرادة الشعب في كشف الحقيقة وتحقيق القصاص للضحايا وأهاليهم وأزاحت فوراً النفوذ السياسي الذي يتستر علي هؤلاء الجناة الإرهابيين، الذين تسببت جرائمهم الخفية في سقوط هيبة الدولة، وسقوط الشرعية الدستورية والقانونية وحلول الإرهاب والبلطجة السياسية في الميادين والشوارع بحل سيادة القانون! فقد سقطت دولة القانون، وشاعت جرائم الاعتداء وخطف المواطنين، والاغتصاب والسرقة بالإكراه، وشاع أيضا الاعتداء علي الأقباط والاعتداء علي ضباط وأفراد الشرطة وقتلهم كل يوم!!! جهارا نهارا مع هروب المجرمين، وبالطبع فإن هذه الأوضاع المتردية التي حرمت المواطنين من الأمن والأمان وأصابتهم بالخوف والكآبة قد عطلت العمل والإنتاج، وزادت معاناتهم من الاختلال الفظيع في المرافق والخدمات العامة، أزمات الغلاء والبطالة والإسكان والسولار والبنزين والدولار ورغيف العيش... إلخ. ولابد أن يدرك المسئولون أنه في هذا المناخ الذي سقطت فيه دولة القانون وغاب فيه الأمن والأمان، وأصبح قتل رجال الشرطة والاعتداء عليهم من المجرمين والإرهابيين والاعتداء علي القضاة وإرهابهم والتدخل في القضايا وشئون العدالة ، أمرا يوميا وعاديا فإنه لن تتحقق معالجة الأزمة الاقتصادية الخانقة بزيادة الاستثمارات الخارجية ولا الداخلية ولا أيضا بالقروض الخارجية من البنك الدولي أو غيره وأنه لابد ان يتحقق قبل كل شىء الأمن والسلام الاجتماعي، وعودة الشرعية الدستورية والقانونية وفرض سيادة القانون علي الجميع حتي يطمئن المواطنون والمستثمرون والمقرضون ويقدمون معاونتهم للدولة، «والله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم» صدق الله العظيم!! رئيس مجلس الدولة الأسبق