وزير الدفاع يتفقد قوات المظلات والصاعقة ويمر على ميدان الاقتحام الجوي وجناح القفز    «النقد الدولي» يبقي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري عند 4.1% في 2025 (تفاصيل)    وزير المالية من واشنطن: 3 أولويات لتعزيز البنية المالية الأفريقية في مواجهة التحديات    حزب الله يعلن شن عمليات عسكرية ضد قوات الاحتلال    باحث سياسي: الاحتلال أرجع غزة عشرات السنوات للوراء    موسيالا يعود لقائمة بايرن ميونخ ضد برشلونة فى دورى أبطال أوروبا    رونالدو وماني في الهجوم، تشكيل النصر السعودي أمام الاستقلال الإيراني بدوري أبطال آسيا    بحوزته رشاش جرينوف.. حبس عنصر إجرامى شديد الخطورة 4 أيام على ذمة التحقيقات ب قنا    محافظ كفرالشيخ: تشغيل المخابز على مستوى المحافظة من الساعة ال5 صباحًا يوميًا    شيرين وأنغام ونجوى كرم، تفاصيل أبرز حفلات النجوم بدبي قريبا    إعلام الاحتلال: نتنياهو وبلينكن يعقدان اجتماعا لا يزال مستمرا منذ ساعتين    ولاء الشريف في أحدث ظهور لها من تأدية مناسك العمرة    وصول عدد من الخيول المشتركة فى بطولة مصر الدولية للفروسية    جيش الاحتلال يعتدي على المزارعين الفلسطينيين    الطب الشرعي يفجر مفاجأة في اتهام موظف مدرسة إعدادي بالتح.رش بالطالبات    صلاح البجيرمي يكتب: الشعب وانتصارات أكتوبر 73    حتى عام 2027.. مفاجأة بشأن تجديد عقد محمد صلاح مع ليفربول    حبس المتهمين في واقعة تزوير أعمال سحر ل مؤمن زكريا لمدة 3 سنوات    بسبب القصف الإسرائيلي.. نادين الراسي تغادر منزلها بالبيجاما    خبير اقتصادى: وجود مصر فى مجموعة "بريكس" له مكاسب عديدة    وزير الصحة يشهد جلسة نقاشية حول التعليم كركيزة أساسية لتحقيق التنمية البشرية المستدامة    بعد تحريك أسعار البنزين.. هل أتوبيسات المدارس الخاصة تتجه للزيادة؟    الدفاعات الجوية الأوكرانية تسقط 42 مسيرة روسية خلال الليلة الماضية    النائب العام يلتقي نظيره الإسباني لبحث التعاون المشترك    طرق طبيعية للوقاية من الجلطات.. آمنة وغير مكلفة    مقابل 3 ملايين جنيه.. أسرة الشوبكي تتصالح رسميا مع أحمد فتوح    رسالة غريبة تظهر للمستخدمين عند البحث عن اسم يحيى السنوار على «فيسبوك».. ما السر؟    «سترة نجاة ذكية وإنذار مبكر بالكوارث».. طالبان بجامعة حلوان يتفوقان في مسابقة دبي    وزيرة التضامن ب«المؤتمر العالمي للسكان»: لدينا برامج وسياسات قوية لرعاية كبار السن    وزير التعليم العالي: بنك المعرفة ساهم في تقدم مصر 12 مركزًا على مؤشر «Scimago»    لقاءات تثقيفية وورش فنية متنوعة للأطفال بثقافة الإسماعيلية    ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي    لهؤلاء الطلاب بالأزهر.. إعفاء من المصروفات الدراسية وبنود الخدمات - مستند    طلقت زوجتي بعد خيانتها لي مع صديقي فهل ينفع أرجعها؟.. وعضو الأزهر للفتوى تجيب- فيديو    حبس سيدة تخلصت من طفلة بقتلها للانتقام من أسرتها في الغربية    رئيس القومي للطفولة والأمومة: 60%؜ من المصريات يتعرضن للختان    ألمانيا تسجل أول حالة إصابة بفيروس جدري القرود    الرعاية الصحية: انجاز 491 بروتوكولًا إكلينيكيًا ل الأمراض الأكثر شيوعًا    حقيقة الفيديو المتداول بشأن إمداد المدارس بتطعيمات فاسدة.. وزارة الصحة ترد    السجن المشدد 6 سنوات ل عامل يتاجر فى المخدرات بأسيوط    رئيس "نقل النواب" يستعرض مشروع قانون إنشاء ميناء جاف جديد بالعاشر من رمضان    رئيس لجنة الحكام يحسم الجدل.. هل هدف أوباما بمرمى الزمالك في السوبر كان صحيحيًا؟    منافس الأهلي - كريسبو: شباك العين تتلقى العديد من الأهداف لهذا السبب    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    برغم القانون الحلقة 28.. فشل مخطط ابنة أكرم لتسليم والدها إلى وليد    فيفي عبده تتصدر تريند جوجل بسبب فيديو دعم فلسطين ( شاهد )    رئيس الوزراء الباكستاني يوجه بإرسال مواد إغاثية فورًا إلى غزة ولبنان    مجلس النواب يوافق على تشكيل لجنة القيم بدور الانعقاد الخامس    أمين الفتوى: احذروا التدين الكمي أحد أسباب الإلحاد    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    انعقاد مجلس التعليم والطلاب بجامعة قناة السويس    إسرائيل تعلن القبض على أعضاء شبكة تجسس تعمل لصالح إيران    بعد إعلان التصالح .. ماذا ينتظر أحمد فتوح مع الزمالك؟    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    مواعيد صرف مرتبات أكتوبر، نوفمبر، وديسمبر 2024 لموظفي الجهاز الإداري للدولة    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    إبراهيم عيسى يكشف سبب مطالبة الرئيس السيسي بمراجعة برنامج صندوق النقد    ثروت سويلم: قرعة الدوري ليست موجهة.. وعامر حسين لا يُقارن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عثمان ميرغنى يكتب :" الإخوان" والدستور.. معركة خاسرة
نشر في الوفد يوم 19 - 12 - 2012

معركة مشروع الدستور المصري الجديد خاسرة بكل المعايير والمقاييس، وبغض النظر عن نتائج الاستفتاء، فالدستور دفع مصر نحو انقسام حاد، وغذى أجواء الاحتقان والاستقطاب بما يجعل الأيام المقبلة عرضة لمواجهات ومصادمات قد تكون أشد من تلك التي شهدناها في الأيام والأسابيع الماضية. وفي مثل هذه الأجواء يصعب فهم إصرار الرئيس، ومن خلفه جماعة الإخوان وحلفاؤهم من الحركات والجماعات الإسلامية الأخرى، على المضي في مشروع الدستور والاستفتاء عليه. وقد كان لافتا أنه في هذه الفترة ظهر متحدثو «الإخوان» وقادتهم أكثر مما ظهر الرئيس مرسي الذي توارى عن الأنظار حتى انطلقت شائعات في الإنترنت عن «اختطافه»، وهي شائعات شارك فيها حتى بعض عناصر «الإخوان»، مثل قول أحدهم إن البرادعي وعمرو موسى وضاحي خلفان (قائد شرطة دبي) خططوا لاختطاف مرسي وتهريبه إلى خارج مصر! كلام لا يعقل ولا يصدق، لكنه يتردد في مثل هذه الأجواء التي يختلط فيها المضحك بالمبكي.
غياب مرسي والظهور الكثيف لقادة «الإخوان» كان مدعاة لتساؤلات كثيرة، لا سيما أن متحدثي الجماعة بمن فيهم المرشد محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر كانوا يتكلمون وكأنهم الجهة صاحبة القرار، فيعلنون الإصرار على المضي قدما في الاستفتاء، ويتهمون الأطراف الأخرى بالضلوع في مؤامرة ضد الشرعية، ويقولون إنهم لن يسمحوا بالانقضاض مرة أخرى على الثورة. بل إن الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة والقيادي في حركة الإخوان قال إنه حتى لو سقط مشروع الدستور في الاستفتاء فإن ذلك لن يغير شيئا؛ لأن الجمعية التأسيسية المقبلة التي ستتولى إعداده ستكون نفس الجمعية الحالية، وهو كلام يؤكد إصرار «الإخوان» على فرض رأيهم في موضوع الدستور وعدم رغبتهم في الاستماع لصوت الشارع المعارض، أو في حوار جدي مع الأطراف الأخرى؛ من أجل أن يكون الدستور تعبيرا عن التوافق بين مختلف مكونات المجتمع حتى يحقق للبلد الاستقرار ويضع أسسا للحكم تكون هي الضامن للحقوق والحريات والمنظم لعمل دولة المؤسسات بغض النظر عن تغير الحكومات والأشخاص.
لقد أسقط «الإخوان» الأقنعة والحجج التي كانوا يتسترون خلفها بالقول إنهم لا يتدخلون في عمل الرئيس ولا في قراراته؛ ففي كل مرة أصدر فيها مرسي إعلانا دستوريا أو اتخذ قرارا كبيرا مثيرا للجدل، كان «الإخوان» يتصرفون وكأنهم على علم مسبق بالأمر، فيدلون بالتصريحات ويحشدون أنصارهم للتظاهر حتى قبل أن يعلن الرئيس خطواته. وفي موضوع الدستور تولى «الإخوان» دفة الأمور بالكامل متجاوزين الرئيس وحزب الحرية والعدالة، فكان قادة الجماعة يصرحون ويتحدثون وكأن الدستور وثيقتهم ومعركتهم الخاصة، وينظمون المظاهرات محددين شعاراتها وأماكن تجمعاتها، ويعقدون المؤتمرات الصحافية للدفاع عن مشروع الدستور ومهاجمة معارضيه والترويج لأحاديث المؤامرة ومحاولات الانقلاب على الشرعية التي استخدموها كمبرر لإرسال أنصارهم لمواجهة المعتصمين والمحتجين ضد الدستور وقرارات مرسي الأخيرة، مما أدى لوقوع عدد من القتلى وكثير من الجرحى.
في ظل هذا الظهور المكثف لقادة «الإخوان» وغياب مرسي عن المشهد تقريبا، ظهر أيضا الشيخ يوسف القرضاوي ليدعو المصريين للتصويت ب«نعم» على مشروع الدستور حتى لا تضيع عليهم 20 مليار دولار وعدت قطر باستثمارها في مصر، وهو الأمر الذي جعل الكثيرين يتساءلون في مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت عن العلاقة بين الأموال القطرية والاستفتاء على الدستور المصري وحكم «الإخوان»، وينتقدون الشيخ القرضاوي الذي أطلقوا عليه اسم «الشيخ القطراوي» لاستخدامه الأموال القطرية في محاولة التأثير على استفتاء الدستور. من بين المنتقدين كان هناك من تساءل: ماذا لو أن هناك دولة أخرى وعدت باستثمار 30 مليار دولار مثلا وهي معارضة لمشروع الدستور، فهل كان الشيخ القرضاوي سيدعو المصريين للتصويت ب«لا» في الاستفتاء حتى لا يخسروا هذا المبلغ؟
لقد خسر «الإخوان» الكثير من طريقة تصرفهم في مشروع الدستور، مثلما أن الرئيس مرسي أجج المشاعر في الشارع بإعلانه الدستوري الذي تجاوز به صلاحياته المحددة في إعلان مارس 2011 الذي أجازه الشعب في استفتاء فاقت نسبة المشاركة فيه الاستفتاء الحالي؛ ففي ذلك الاستفتاء بلغت نسبة المشاركة 77 في المائة من الناخبين المسجلين، في حين أن نسبة المشاركة في المرحلة الأولى من الاستفتاء الحالي على مشروع الدستور لم تتعد 31 في المائة وفقا لما نشرته وسائل إعلام مصرية وأيدته جمعيات حقوقية. وحتى ضمن هذه النسبة المتدنية من المشاركين فإن نحو 56 في المائة أيدوا الدستور، بينما عارضه نحو 43 في المائة، وفقا لما أعلنه حزب الحرية والعدالة. وإذا أخذنا بهذه الأرقام فإن ذلك يعني أن مشروع الدستور لم يصوت لصالحه إلا ربع المجمع الانتخابي في مصر، بينما قاطعته أو عارضته النسبة الباقية، فأي شرعية هذه لدستور يفترض أن يمثل توافق أهل البلد ويحصل على تأييد الغالبية الساحقة إن لم يحظ بالإجماع؟
لقد وثقت المنظمات الحقوقية وقوى المعارضة والكثير من الناشطين لخروقات كثيرة خلال المرحلة الأولى من عملية الاستفتاء، ونشرت الكثير من الصور وأشرطة الفيديو على الإنترنت لتوثيق هذه الخروقات مثل وجود عدد من المشرفين على اللجان تبين أنهم ليسوا قضاة وأن بعضهم انتحل هذه الصفة وهرب عندما واجهه الناس، أو المحاولات التي حدثت لعرقلة التصويت، خصوصا في المراكز التي تزداد فيها نسبة المعارضين والأقباط، وتوزيع أموال على ناخبين لكي يقولوا «نعم»، ومنع آخرين من التصويت. كما أظهرت بعض الأشرطة بطاقات معدة وجاهزة بتوقيعاتها وأختامها للتصويت ب«موافق». هذه التجاوزات وغيرها أغضبت القضاة الذين شاركوا في المرحلة الأولى وجعلتهم يقررون الانسحاب من الإشراف على المرحلة الثانية، مما سيرفع من حجم الشكوك إزاء الاستفتاء.
في مثل هذه الأجواء لا يمكن الاحتفاء بنتائج الاستفتاء أو القول إنه سينقل البلد نحو الاستقرار المنشود وحكم دولة المؤسسات. فالواقع أن مشروع الدستور دفع البلد نحو المزيد من الاحتقان، وهيأ المشهد لمواجهات جديدة، ربما تنتهي إلى نتائج لم يحسبها حتى «الإخوان» الذين رفعوا السقف في المعركة بتوجيههم السهام نحو القضاء والإعلام، وهما ساحة المواجهة المقبلة كما يبدو.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.