نختتم هنا دراستنا حول سبل مواجهة أزمة مياه النيل التى بدأناها الجمعة قبل الماضى، وقد اختتمنا الجزء الثانى،بالإشارة إلى العديد من الحقائق لما يجرى على الأرض ونستكمل هنا بعرض بعض التوجهات لتطبيق سياسة ترشيد إجبارية بشأن استخدام المياه ومنها: أولاً: التغيير الإجبارى لطرق الرى واستبدال وسيلة الرى بالغمر إلى الرى بالتنقيط أو بالرش مع تطهير الترع والمراوى من الحشائش وورد النيل الذى يلتهم نسبة كبيرة من المياه الواردة من نهر النيل. ثانيًا: التوقف فورًا عن زراعة المحاصيل النهمة للمياه كالأرز وقصب السكر والتوجه لزراعتها بالأراضى الممنوحة لمصر بجمهورية السودان أو التعاون مع دولة جنوب السودان لاستغلال بعض مساحات الأراضى لديها لزراعة هذه المحاصيل وعبر اتفاقيات ثنائية، للمزارعة والتعاون الزراعى بصفة عامة وفى اطار اتفاقيات لتبادل المصالح المشتركة. ثالثًا: الاتجاه لزراعة القمح بالدول الافريقية المتشاطئة على حوض النيل سواء الأبيض أو الأزرق وخاصة الكونغو زائير التى تملك أكبر شلالات مياه فى العالم، وهى شلالات نيانجا. رابعًا: إعادة تأهيل مياه الصرف الصناعى والصحى والزراعى لإعادة استعمالها وعلى النحو الذى يضيق بالفارق الى القدر المناسب. خامسًا: ترشيد استخدام المياه الجوفية والرقابة عليها والبحث عن مصادر جديدة لها مع وضع خطط مستقبلية لتنميتها. سادسًا: بحث إنشاء مفاعل ذرى لتحلية مياه البحر. وأخيرًا فإنه فى الوقت الذى تعطلت فيه الأيادى عن الإنتاج وتم ترك الحبل على الغارب للحناجر فى بناء الأحلام الوردية من عيش وحرية وعدالة اجتماعية فقد أصبحت الآن أحلاماً يظللها السراب، فهل يتبدل كفاح الحناجر إلى كفاح الأيادى ممزوجا بالعبقرية فى التفكير وبما ينقذ مصر من مستقبل مظلم نتيجة الجوع والعطش القادم؟ والحل كل الحل فى نظرى الآن وليس غدًا هو تبنى مصر الدعوة لإنشاء مجلس تعاون لدول حوض النيل وينشأ بمقتضى هذا النظام الجديد تحقيق وتنسيق وتكامل وترابط بين الدول الأعضاء لحوض النيل كما سبق فى جميع الميادين وتعميق وتوثيق الروابط وأوجه التعاون فى جميع المجالات ودفع عجلة التقدم العلمى والتقنى فى مجالات الزراعة والثروات المائية والثروات الحيوانية وإقامة مشاريع مشتركة وتشجيع وتعاون القطاع الخاص وبما يعود بالخير على شعوب دول حوض النيل سواء بالمنابع أو بالمصب. وإذا كانت السياسة هى فن الممكن فإن حل المشاكل المائية والغذائية والبطالة واستغلال الثروات الأفريقية وكل ما يعود بالنفع على شعوب وادى النيل هو الممكن ونكون بذلك قد وضعنا البوصلة فى الاتجاه الصحيح وبعد ان أضاع القائمون على إدارة البلاد فى العهد السابق أكثر من ستين عاما فى الاحلام القومية وفى الاتجاه الخاطئ لأننا افريقيون فى المقام الأول . ألم تكن مصر ابناً لبيصر بن حام بن نوح وبما يؤكد اننا مصريون افريقيون لحما ودما وناطقون بالعربية وندين بالإسلام أما عدا ذلك فهى أكاذيب كشفتها الحقائق. أيها المتظاهرون حافظوا على حياتكم وحياة ابنائكم وأسركم وذويكم وأبناء الشعب المصرى ككل دون مسميات أخرى كالشعب الأخوانى أو الشعب القبطى فكلنا مصريون سنعانى حتما من العطش والجوع إن لم نعقل الأمور ونضعها فى نصابها الصحيح. وأختم مقالى بقوله تعالى (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) الآية 103, 104 من سورة الكهف --- مستشار قانونى منسق لجنة السودان وحوض النيل بحزب الوفد