تساءلت مجلة "تايم" الأمريكية عما اذا كان الرئيس "محمد مرسى" قد بدأ شيئًا ما لن يستطيع إنهاءه ؟! . وقالت المجلة إنه منذ تولى الرئيس "مرسى" المسئولية رئيسا للبلاد، اعتادت مصر على الاحتجاجات اليومية المؤيدة والمعارضة للرئيس، والتى بلغت ذروتها ليلة السبت الماضى عندما انفسمت البلاد الى فريقين بين مؤيد ومعارض للاعلان الدستورى الذى اصدره "مرسى" يوم الخميس وأعطى لنفسه به صلاحيات وسلطات غير مسبوقة، إلا أن الجانب المأساوي لهذه الاضطرابات الحالية، كان الجنازتان اللتان خرجتا يوم الاثنين الماضى واللتان عبرتا عن حقيقة الانقسام فى مصر . ففي ميدان التحرير، احتفل المشيعون بوفاة " جابر صلاح "، أحد المتظاهرين البالغ من العمر 16 عاما المنتمى لحركة "6 ابريل" والذي توفي الاحد متأثرا بجراح أصيب في وقت سابق في الاشتباكات مع الشرطة، وعلى مسافة تستغرق حوالي 90 دقيقة عن هذا المشهد، وبالتحديد فى مدينة دمنهور بالبحيرة أحد معاقل جماعة الاخوان المسلمين، كان هناك الآلاف الذين يشيعون جنازة الشاب "اسلام محمود" البالغ من العمر 15 عاما، احد كوادر شباب الاخوان المسلمين الذى لقى حتفه بعد التعرض للضرب في رأسه بحجر خلال اشتباكات هناك. وكلا الشهيدين على حد سواء من الشباب المراهق صغير السن، ولكنهما على طرفي نقيض في الأيديولوجية المصرية المقسمة، وهو ما يلقي جوا من الرهبة على بلد لا زال يعاني من آثار ما بعد قرارات "مرسى". ومع دعوة كلا الجانبين المؤيد والمعارض إلى تظاهرات حاشدة يوم أمس الثلاثاء، اعدت البلاد نفسها للأسوأ، وقامت عدة مدارس خاصة بالتنبيه على الطلاب بالبقاء في المنازل، وأعلنت السفارة الأمريكية، القريبة من التحرير، أنها ستعلق خدمات القنصلية لهذا اليوم، بينما أصر وزير التعليم "ابراهيم غنيم" يوم الاثنين على ان المدارس العامة ستظل مفتوحة، إلا أن نسبة الغياب الشامل كانت كبيرة، حيث فضل الآباء والأمهات القلقين الحفاظ على أطفالهم في منازلهم، رغم تأجيل مظاهرة المؤيدين الى أجل غير مسمى حقنا للدماء. الشرارة موجودة ورغم ان إمكانية اندلاع عنف واسع وكبير في القاهرة، هو في الواقع غير محتمل إلى حد ما، فى ظل حرص كلا الطرفين على التعبير عن مواقفهما بعيدا عن بعضهما البعض، وقيام الشرطة بتشييد الجدران الاسمنتية حول مداخل متعددة لميدان التحرير، وتخفيض عدد المناطق المشتعلة، إلا أن فتيل اللهب لازال مشتعلا خارج العاصمة ويمكن أن ينفجر فى أى وقت، فقد تواصلت الاشتباكات العنيفة بين متظاهرين مؤيدين ومعارضين لمرسى في مدن متعددة على مدى الأيام القليلة الماضية، وكثيرا ما قامت الحشود الغاضبة بمهاجمة المقرات المحلية للإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة التابع للجماعة. محاولات الحل وفي الوقت نفسه، لا يزال "مرسى" يحاول إدارة ومعالجة آثار ما بعد مرسومه الدستورى، حيث إن اثنين من كبار المستشارين للرئيس استقالا بسبب قراراته حتى الآن، ويوم الاثنين، التقى "مرسى" مع مجموعة من كبار القضاة( المجلس الاعلى للقضاء ) فى محاولة لحل النزاع. بعد أن ثار القضاة في مصر بشكل جماعي في أعقاب المرسوم، قائلين إن " مرسى" تجاوز سلطته وهددوا بإضراب على مستوى الجمهورية، رغم ان الاضراب كان محدودا فى المحاكم حتى الان. وقالت المجلة إن وزير العدل "أحمد مكي"، الذي يقوم بدور دبلوماسي مكوكي بين مرسى والقضاء، لا يزال متفائلا بشأن التوصل لحل وسط وشيك، ولكن المتحدث باسم الرئاسة "ياسر علي" أعلن صراحة يوم الاثنين أنه لن يتم تعديل المرسوم الدستوري، وتراجعت البورصة المصرية على الفور تقريبا عند بدء التداول صباح الاحد وعلقت العمل لفترة وجيزة واغلقت على انخفاض ما يقرب من 10٪ من حيث القيمة، إلا انه عاودت الانتعاش المتواضع يوم الاثنين. نذر التصاعد وقالت المجلة إن الأزمة فى طريقها الى التصاعد، فجماعة الاخوان المسلمين وحليفها الرئيسى حزب النور السلفى يتمسكان بموقفهما المؤيد للاعلان الدستورى، ويطالبان الرئيس بعدم التراجع، فى الوقت نفسه، وعلى الجانب الآخر هناك ائتلاف يتنامى من اللاعبين السياسيين تحت مظلة "جبهة الإنقاذ الوطني"، بقيادة "محمد البرادعي"، أحد مؤسسي الجبهة، يرفض حتى الآن اللقاء مع "مرسى"، إلا بعد إلغاء مرسومه. ونقلت المجلة ما قاله "البرادعى" مؤخرا ، بأن هناك قدرا كبيرا من الغضب والفوضى والارتباك، والعنف ينتشر إلى أماكن كثيرة وسلطة الدولة بدأت تتآكل ببطء، وأضاف:"نأمل أن نتمكن من القيام بإدارة الانتقال السلس من دون اغراق البلاد في دوامة من العنف، ولكن لا أرى هذا يحدث دون إلغاء "مرسى" كل هذا ... ليس هناك حل وسط .. لا حوار قبل أن يلغي هذا الإعلان ... ليس هناك مجال للحوار حتى ذلك الحين". ضغوط خارجية وتتزايد الضغوط من خارج مصر أيضا، يوم الاحد، جث السيناتور الامريكى "جون ماكين"، الرئيس "باراك أوباما" أن يكون مستعدا لاستخدام مليارات الدولارات من المعونة الامريكية السنوية لمصر كنقطة نفوذ للضغط على "مرسى"، وأجاب "ماكين" عن سؤال لشبكة " فوكس نيوز صنداي" الاخبارية حول قيام نظام إسلامي في مصر، قائلا: "أعتقد أن الامور تسير على هذا النحو، ومن الممكن أيضا أن يعود الجيش للاستيلاء على السلطة إذا سارت الأمور في الاتجاه الخطأ، ومن الممكن أيضا أن نرى سيناريو الفوضى المستمرة. "