ألقى الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، خطبة الجمعة اليوم بمسجد الرحمة بمنطقة الجبيل بمدينة الطور بمحافظة جنوبسيناء، تحت عنوان "الدخول في معية الله (عز وجل) أسبابه وآثاره". وذلك بحضور اللواء أركان حرب خالد فودة محافظ جنوبسيناء، واللواء محمد خليصة مساعد وزير الداخلية ومدير أمن جنوبسيناء، واللواء نادر حنفي سكرتير عام المحافظة، والمحاسب فوزي همام سكرتير عام مساعد المحافظة والسيد الأستاذ أحمد عبد العظيم رئيس مدينة الطور، والشيخ إسماعيل الراوي وكيل وزارة الأوقاف بالمحافظة، ولفيف من شيوخ القبائل بمحافظة جنوبسيناء. وفي خطبته أكد جمعة، أن معية الله تكون مع الأنبياء والمرسلين والمؤمنين الصابرين ، ولقد أشار القرآن الكريم في مواطن عدة لهذه المعية العظيمة التي نالها صفوة الله من خلقه قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ"، وقال سبحانه: "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"، مبينًا معاليه أنه إذا كان الله معك فلا عليك بعد ذلك بمن عليك ومن معك، قال تعالى: "أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ". وتابع: وعندما تكلم الحق سبحانه عن معيته مع نبيين كريمين من أنبيائه – سيدنا موسى، وسيدنا هارون (عليهما السلام)- قال سبحانه : "اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى"، وهي المعية التي تحدث عنها موسى (عليه السلام) حين ظن قومه أن فرعون وجنوده قد يدركونهم ، وأنه لا نجاة لهم من سطوته ، فالبحر أمامهم ، وفرعون وجنوده خلفهم، فقالوا : "إِنَّا لَمُدْرَكُونَ" ، فأجاب سيدنا موسى (عليه السلام) بيقين الواثق في معية ربه وتأييده ونصره "قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ". وأضاف، ولما ضاقت الدنيا بالسيدة مريم (عليها السلام) وتمنت الموت وقالت: "يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا" أدركتها معية الله عز وجل وعنايته، قال تعالى: "فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا". كما أشار إلى معية الله مع سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) حيث قال سبحانه : " وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ" ، ويقول سبحانه: " وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا" ، فأي شيء أعظم من أن تكون بعين الله (جل وعلا) يحرسك ويكلؤك ويرعاك ، ويقول سبحانه : "وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" فماذا عليك بعد أن تكون مع من يقول للشيئ كن فيكون. وأكد أن هذه سنة الله مع عباده المؤمنين إلى أن تقوم الساعة ، فهو سبحانه لن يخذل عباده المؤمنين أبدًا فهو القائل: " وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ" ، ويقول سبحانه: " فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ" ، وكان حديث المؤمنين يوم الأحزاب في ثبات ويقين : " وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا". مستشهدًا معاليه بالعديد من الشواهد الشعرية منها : يا صاحب الهم إن الهم منفرج …أبشر بخير فإن الفارج الله اليأس يقطع أحيانا بصاحبه… لا تيأسن فإن الكافي الله الله يحدث بعد العسر ميسرة …لا تجزعن فإن الصانع الله فإذا بليت فثق بالله وارض به …إن الذي يكشف البلوي هو الله والله مالك غير الله من أحد …فحسبك الله في كلٍ لك الله كما بين أن التقوى تجلب معية الله سبحانه حيث يقول تعالي: " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" ، ويقول سبحانه : " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً" ويقول تعالى: " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً". واستشهد بقول الشاعر: وإذا العناية لاحظتك عيونها … نم فالمخاوف كلهن أمان وأوضح أن الإنسان يحظى بالدخول في معية الله (عز وجل) بذكر الله تعالى، حيث يقول سبحانه : "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم) في الحديث القدسي عن رب العزة (جل وعلا): "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي ، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ…) . كما بين أن من أراد أن يتصل بالله فعليه بكثرة السجود فعن رَبِيعَة بْن كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ رضي الله عنه قَالَ : " كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ ، فَقَالَ لِي : سَلْ ، فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ ، قَالَ : أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ، قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ ، قَالَ : فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ).