تُعيد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الأحد 22 ديسمبر الموافق 12 كيهك بالأشهر القبطية، تذكار نياحة القديس الأنبا هدرا الأسوانى أسقف مدينة أسوان، وتحرص الكنائس على إقامة القداسات الإلهية والنهضات التي تحىى خلالها تذكار و تسابيح لهذ الراحل الذي أضاف الكثير إلى التاريخ القبطي كما أضفت سيرته عدد من المبادئ وأوصت بحب الإيمان والثبات على العقيدة. وُلد القديس الراحل بنوب مصر من أبوين مسيحين مؤمنين وحرصا على تلقية التعاليم الدينية الصحيحة المبنية على تعزيز الإيمان في قلبه وعندما بلغ ال18 من عمره أراد والده أن يتمم زيجته من إحدى فتياة بلدة، ، ذهب إلى الكنيسة مبكرا، وصلي مع الجماعة وطلب من السيد المسيح إن يسمعه من أقوال الكتب المقدسة ما يتفق وما في قلبه، فسمع ما استراح إليه. وورد داخل أسطر الكتب القبطية حول سيرة هذا القديس أنه عند خروجه من الكنيسة رأى مراسم تجنيز أحد أطفال القرى ، فسار مع المشيعين حتى حدث نفسه حول دناوة الحياة واتخد منه العظة ليلجأ إلى الله وزهد الحياة ومتاعها. وذكر كتاب السنكسار القبطي حافظ التراث والقراءات اليومية ، أنه بعد انتهاء صلوات التنيز لم يعد الأنيا هدرا إلى بيته بل التحق بالدير وأقام مع الرهبان، ولما سمع أقاربه وأصدقاؤه بدأوا في التردد إلي الدير حتى يرعه عن هذا القرار والعوده إلى عيسته السابقة حيث كانت خطبته من إبنة قريته على وشك التحضير، إلا أن هذا القديس المؤمن قد اندفع من داخله محبة الإيمان والتمسط بالعقيدة المسيحية، فقد عكست سيرة هذا القديس هدرا كيفية التمسك بالعقيد والإيمان وعدم الخضوع لرغبات المحيطين والتمسك ممارسة العبادات والصلاة والتعايش في حياة الرهبنة. تتلمد الأنبا هدرا على يد القديس بيمين واستمر يسترشد بتعاليمه وقدرته الصالحة لمدة 8 سنوات ، حتى بدأ قلبه يملئة حب الفكر الرهباني والتفرد بالعبادة فطلب إن ينفرد في البرية، وانطلق حتى عثر علي مغارة فسكن فيها، وطلب من القديس بيمين إن يطلع علي سيرة القديس الأنبا أنطونيوس المعروف ب" أب الرهبان" وهو أحد رهبان الكنيسة القبطية ومؤسس الفكر الرهباني وأول من ترهبن في التاريخ حيث ساهم هذا القديس في نشر الفكر الرهباني إلى افريقيا والعالم أجمع. تعلم القديس هدرا التعاليم الخاصة بأب الرهبان ، واستمر القديس الراحل في ممارسة العبادات والصلوات في مواجهة النفس التي حاولت أن تزين في نفسه الحياة وتنزع قلبة من حب العبادة حتى يعود إلى ما كان عليه قبل الرهبنة، حتى أن في مقاومة هذا القديس ما ذكرته الكتب التاريخيه المسيحية أنه واحدًا من أبرز القديسين الذين استطاعوا مواجهة محاولات الشيطان. وفي إحدى الأمسيات وهو يمارس الطقوس الإيمانه أتى إليه رهبان من الشام وسألوه عن الكتب المقدسة، ففسر لهم معانيها، فاعجبوا بعلمه وذاع حينها علمه التف حوله أبناء القرى حتى يتلقى تعاليم ومبادئة و تفسيره لمعاني الاسفار ومزاميز الكتاب المقدس، وحين رحل أسقف مدينة أسوان ذهب بعض من شعبها إلى الدير واجتمعوا بالرهبان الذين حضروا من الشام، وهؤلاء قد اثنوا لهم علي القديس هدرا، و انتقل بصحبتهم إلى الإسكندرية حيث تعتبر هذه المدينة هى منبع الإيمان المسيحي الذي مكث بها القديس مارمرقس مؤسس الكرازة المرقسية الارثوذكسية وناشر الإيمان المسيحي في مصر وأفريقيا. وعندما وصل "هدرا القديس" رسمه الأنبا ثاؤفيلس بابا الإسكندرية أسقفا عليها، وما إن جلس علي كرسيه حتى عكف علي وعظ شعبه وتعليمه طرق الحياة، وقد صنع آيات كثيرة، واستمر يعمر في الكنائس من خلال إقامة الصلوات والدروس والعظات التعليمية ماجعل منه ذو إرث وفير من العلم والزخائر الروحية. لذا تقوم الكنيسة القبطية الارثوذكسية سنويًا في 12 كيهك بإعادة إحياهء تذكاره من خلال العظات والنهضات الروحية و الصلوات و طلب شفاعته.