يبدو أننا على أبواب معركة حقيقية بسبب المادة الثانية من الدستور، فمنذ اليوم الأول لانعقاد اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور، ونحن نقرأ بعض المناقشات فى الصحف حول اقتراحات مقدمة من بعض الأعضاء السلفيين أو من جماعة الإخوان المسلمين، بتغيير الفقرة الثالثة بالمادة الثانية من الدستور، والتي تنص على: مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع»، حيث طالبوا بحذف كلمة مبادئ وذلك لكى يتمكنوا حسب تفسيnهم من تطبيق الشريعة، وقد تابعنا فى الفترة الماضية العديد من الأخبار كان آخرها يؤكد قيام الجماعة السلفية بالضغط على مشيخة الأزهر للتخلي عن الوثيقة التى سبق وأصدرها، وقيامه بمساندة أصحاب الخطاب الإسلامي فى تغيير المادة الثانية والعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية، حتى إن بعض الصحف ذكر أن السلفيين طالبوا بإضافة جملة: مع استناد المشرع إلى المذاهب الإسلامية الأربعة في وضع القوانين». وبسبب كثرة هذه الأخبار وشيوعها اندهشت من موقف أعضاء التأسيسية من غير جماعة الإسلاميين، لماذا التزموا الصمت؟، ولماذا لا نسمع صوتهم في هذه المعركة؟، هل يوافقون على إدخال تغييرات بالمادة الثانية؟، هل يوافقون على تغيير هوية البلاد؟، أين اختفى أعضاء أحزاب الوفد والتجمع والناصري والمصريين الأحرار وغيرهم من الشخصيات العامة من غير الإسلاميين؟، هل يتملقون الأغلبية الإسلامية؟. اتصلت بالصديق فؤاد بدراوى سكرتير عام حزب الوفد وعضو اللجنة التأسيسية، وسألته عما يدور حول تعديل المادة الثانية، وفوجئت بأنه يؤكد عدم صحة جميع ما ينشر أو يذاع فى وسائل الإعلام حول مناقشة أعضاء اللجنة للمادة الثانية، وقال لى: أنا أقرأ مثلك تماما ولا أعرف من أين جاءوا بهذا الأخبار، وأشار إلى أن اللجنة لم تناقش حتى أمس نص أي مادة من مواد الدستور، وقال: «أنت تعرف موقفنا جيدا من هذه المادة». قد تكون اللجنة بالفعل لم تناقش بعد مواد الدستور، وقد يكون أغلب ما ينشر فى وسائل الإعلام منسوبا للجنة غير صحيح، لكن ما نسمعه فى الفضائيات حول المادة الثانية يؤكد أنه ليس كل ما ينشر غير صحيح، وأن هناك محاولات تجرى بالفعل فى الكواليس لتعديل هذه المادة، وأن هذه المحاولات تتمثل فى مناقشات ولقاءات تعقد بين السلفيين وجماعة الإخوان، أو بين السلفيين وبعض قيادات مشيخة الأزهر، وقد استمعت لبعض قيادات ومشايخ الجماعة السلفية وهم أعضاء فى اللجنة التأسيسية، أكدوا اصرارهم على تغيير هوية البلاد، كما رفضوا اختيار نائب للرئيس من المصريين الأقباط، من هؤلاء ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية، ولا أخفى عليكم أننى كنت ضد ضم بعض مشايخ السلفيين لعضوية اللجنة التأسيسية، واعترضت على ضم عبدالمنعم الشحات ونجحت فى آخر اجتماع لتحديد الأسماء المرشحة فى استبعاد الشحات، وقد ساندني فى استبعاده عصام سلطان وقيادات جماعة الإخوان الذين حضروا الاجتماع، ووافق ممثلو حزب النور على استبعاده، وقد فشلت للأسف فى استبعاد ياسر برهامى، مع أنه فى رأيى أخطر من الشحات من الناحية العقلية، حيث أفتى الأخير بتكفير الليبرالية والاشتراكية والناصرية والعلمانية والوجودية والديمقراطية وكل ما هو غير إسلامي. من هنا أطالب رئيس حزب الوفد وجميع أعضاء اللجنة التأسيسية من غير السلفيين وجماعة الإخوان، بأن يحافظوا على هوية الدستور، وأن يرفضوا أية محاولات للعب فى المادة الثانية، كما أطالبهم بالتمسك بمواد الحريات المنصوص عليها فى الدستور المعطل، وأن يتمسكوا بنقلها كما هى إلى الدستور الجديد، وأنصح من هنا بأن ينسحبوا من اللجنة فى حالة إصرار الإسلاميين على تغيير هذه المواد، وأطالب الدكتور السيد البدوى شحاتة رئيس حزب الوفد، بأن يرفض الاشتراك فى تشكيل الحكومة القادمة وأن ينسحب الحزب من التأسيسية ويعود إلى صفوف المعارضة، إذا تأكدت محاولات الإسلاميين في تغيير هوية الدستور، أو سيطرتهم على الحقائب الوزارية المهمة وترك الفتات لباقي الأحزاب، حزب الوفد أكبر من هذه الجماعات المتأسلمة، وأسمى من أن يكون مظلة للإسلاميين.