يبدو أن ياسر برهامى شيخ مشايخ الجماعة السلفية مازال مصرا على الخطأ، ومازال متمسكا بالمعلومات المخلوطة وليست المغلوطة التي يسمعها عن تاريخ مصر، ويبدو أنه من الشخصيات التي لا تتعلم بسهولة، منذ شهرين كان يروج لأحد مرشحي حزب النور في انتخابات مجلس الشعب، وأكد على مرأى ومسمع العشرات من السلفيين، أن حزب الوفد قام بوضع الشريعة في المادة الرابعة من دستور 1923 الذي أعده، بدلا من تقديمها فى المادة الثانية أو الأولى من الدستور، أو كما قال: «إن حزب الوفد عندما وضع دستور 23، وضع الشريعة في المادة الرابعة، فلا يمكن أن نقبل مثل هذا الحزب فهو حزب لم يضع المرجعية للشريعة الإسلامية». وقد رددت عليه يومها وقلت: إن الشيخ ياسر برهامى بتصريحه هذا لا يعد جاهلا بالتاريخ فقط، بل إنه يختلق أيضا وقائع كاذبة وليست لها علاقة بالتاريخ ولا حتى بالدستور، أولا وببساطة شديدة لأن دستور 1923، وضعته لجنة برئاسة حسين رشدي باشا، وكانت من ثلاثين عضوا، اختير منهم ثمانية عشر عضوا لوضع مواده، هذه اللجنة شكلت في وزارة عبدالخالق ثروت باشا، وحزب الوفد لم يشارك في هذه اللجنة وكذلك أعضاء الحزب الوطني، وسعد باشا زغلول خلال إعداد اللجنة للدستور وحتى صدوره ، كان في المنفى، وبعد توقيع الملك فؤاد الدستور وإعلانه تم الإفراج عن سعد باشا، ونقل من جبل طارق إلى فرنسا للعلاج، والثابت تاريخيا أن سعد زغلول وصف اللجنة المعدة للدستور بلجنة الأشقياء، والثابت كذلك أن الوفديين وأعضاء الحزب الوطني اعترضوا على تشكيل اللجنة، ورأوا أن وضع الدستور من اختصاص جمعية وطنية تأسيسية، وقد صدر الدستور في وزارة يحيى باشا إبراهيم. ثانيا: إن المادة الرابعة من دستور سنة 23 تتحدث عن حرية المواطنين ولم تتناول من بعيد أو قريب الشريعة الإسلامية كما ادعى الشيخ ياسر برهامى فى كلمته العصماء، حيث نصت المادة الرابعة على التالي: «الحرية الشخصية مكفولة»، ونظن أن شيخ مشايخ السلفية لو كان قد قرأ الدستور لاكتشف أن مواده لم تذكر في صياغتها كلمة شريعة، وأن جميع مواد الدستور التي بلغت 170 مادة خلت تماما من هذه الكلمة، وأن اللجنة التي وضعت الدستور خصصت المادة(149) للحديث عن دين الدولة وعن لغتها، وأن هذه المادة كانت الأولى في الباب السادس من الدستور الذي خصص للأحكام العامة، وقد نصت المادة في صياغتها على التالي: «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية». من هنا يتضح أن الشيخ برهامى لم يقرأ دستور 23، وربما قرأه على عجل، وربما قد استقى المعلومات المغلوطة التي صرح بها من أحد الذين قرءوا الدستور بعدم تركيز، وربما استقاها عن أحد السلفيين الذين نقلوها عن آخرين وتشوشت المعلومة وسقط منها ما سقط خلال انتقالها من أذن إلى أخرى، أو من رجل إلى أخري حتى وصلت الشيخ برهامى، وتصريح الشيخ بالمعلومة على حالتها التى وصلتنا، يدفعنا إلى القلق حول ما يفتى به الشيخ فى المسائل الشرعية، لأن الشيخ كان يجب أن يتحقق من المعلومة قبل أن يعلنها على الجماهير، وكان عليه أيضا أن يعود إلى الفترة التاريخية التي أعد وصدر فيها الدستور، لأن الواضح مما صرح به الشيخ يؤكد أنه لم يقرأ عن ثورة 1919، وربما لا يعرف شيئا عن تاريخ بلاده الذي يحاول في جلسة تشويهه وتشويه رموزه وزعمائه، ونأمل أن يتحرى الشيخ برهامى الدقة في المرات القادمة قبل أن يتحدث في التاريخ أو عن الدستور. منذ أيام معدودة كرر ياسر برهامى نفس الخطأ، وردد نفس المعلومة(المخلوطة) التي سبق وسمعها عن دستور 23، قال لإخوانه في السلف الصالح: «إن الوفد(حزب الوفد) هو الذي وضع دستور 23، الذي ليس فيه ذكر للشريعة نهائياً». بالله عليكم ما الحل معه؟، ما الذي يجب أن نقوله لكي يفهم أن هذه المعلومة مخلوطة وليست مغلوطة؟، هل نعيده للمرحلة الإعدادية مرة أخرى لكي يتعلم تاريخ مصر؟، وكيف يثق السلفيون في فتاواه وهو لا يتحرى الدقة فيما يقوله؟، كيف يستفتونه ومعلوماته يعتمد فيها على السمع؟.