أ ش أ وصفت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية اليوم (الجمعة) الدعم الذي تبديه روسيا إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد ب"العار والمخزي"، وأنه ليس أمرا مستهجنا فحسب؛ بل إنه سيقضي على مصالح روسيا في منطقة الشرق الأوسط. وأوضحت الصحيفة -في سياق مقال افتتاحي أوردته على موقعها على شبكة الإنترنت- أن سوريا قد تكون موطنا للقاعدة البحرية الوحيدة في منطقة البحر المتوسط، غير أنه في حال سقط نظام الأسد -وسيحدث ذلك في نهاية المطاف- قد تخسر موسكو كل شىء، مؤكدة أن تجاهلها لما يحدث في سوريا قد كبدها خسارة مصداقيتها ليس أمام الغرب فحسب؛ بل أيضا أمام الجامعة العربية. ولفتت الصحيفة إلى أن موسكو لا تزال تعرقل أية جهود تبذل بهدف الضغط على نظام الأسد -والذي وصفته ب"القاتل"- بعد فشل خطة كوفي أنان -المبعوث المشترك للجامعة العربية والأمم المتحدة في إنهاء الصراع الدائر في البلاد، مشيرة إلى أنه في ظلّ النظريات التي يختلقها فلاديمير بوتين -الرئيس الروسي- حول مؤامرة غربية تحاك ضد سوريا، محبذا الاصطفاف إلى جانب طاغية ملطخ بدماء أبناء شعبه، يحقق الأسد في كل مرة انتصارا وتزهق المزيد من الأرواح. وأردفت الصحيفة: "على موسكو أن تعي جيدا أن المسار الذي تنتهجه سيكبدها خسائر ثقيلة، وأن قرار أممي بشأن الأزمة الدائرة في البلاد لا يعني بالضرورة تدخلا عسكريا؛ فهناك ثمة خطوات يمكن أن تتخذ قبل الإقدام على التدخل عسكريا؛ من بينها إحالة الرئيس الأسد أمام المحكمة الجنائية الدولية"؛ حسبما طرحت الصحيفة. وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن القوى الغربية لم ترغب بمعاداة روسيا كونها مفتاحا رئيسيا للمحادثات طهران مع الغرب بشأن برنامجها النووي؛ فإنها شدّدت على أهمية بذل المزيد من الجهود للضغط على موسكو، ملوحة بإمكانية جعل محادثات بوتين المزمعة في كل من باريس وبرلين لتعزيز العلاقات التجارية بين بلاده والدولتين الأوروبيتين مرهونة بعدول بلاده عن موقفها المعارض؛ لاستصدار قرار من مجلس الأمن بشأن سوريا. كذلك ففي إمكان الولاياتالمتحدة وحلفائها القيام ببحث تفويض الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ لإجراء تحقيقات حول انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب في سوريا من عدمها، منوهة أن ذلك يرتبط بإحالة الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية التي قد تتطلب دعما روسيا؛ إلا أن المعلومات التي قد توفرها تلك التحقيقات ستزيد الموقف الروسي المعارض لهذا الشأن صعوبة؛ على حد قول الصحيفة. ولفتت الصحيفة النظر إلى ضرورة أن يكون هذا الضغط مصحوبا بمبادرة تطمين؛ بحيث تعطي موسكو ضمانات بأن الغرب سيستخدم كل نفوذه مع الحكومة السورية الجديدة؛ كي تحافظ على المصالح الروسية في البلاد، وأن أي قرار أممي لن يتطور إلى تدخل عسكري. وحذّرت الصحيفة في ختام تعليقها من أنه في حال لم تطرح تلك التعهدات والضمانات؛ لن يعمد الروس إلى تغير مواقفهم وسيقف العالم ليرى سوريا تنزلق إلى حرب أهلية.