«الغرف التجارية»: ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي يمنع وجود سوق سوداء للعملة    وزيرة التنمية المحلية تناقش ملف التصالح على مخالفات البناء مع «إسكان النواب»    وزير الإسكان: المشروعات القومية وراء تزايد أنشطة القطاع العقاري السنوات السابقة    أسوشتيد برس نقلا عن قيادي في حماس: الحركة موقفها موحد ولا يوجد انقسام في صفوفها    وزير الخارجية: حدودنا مفتوحة لإدخال المساعدات إلى السودان بالتعاون مع المنظمات الإغاثية    اليسار الفرنسي يعد للاعتراف بفلسطين خلال أسبوعين.. فما موقف ائتلاف اليسار من القضية الفلسطينية؟    محافظ شمال سيناء يتفقد المخازن اللوجستية للهلال الأحمر في العريش    في النصف النهائي.. ريال مدريد الأكثر استحواذًا على لاعبي المنتخبات ب «يورو 2024»    هاجم إبراهيم فايق.. رئيس نادي مودرن سبورت: الجيش عامل أحمد رفعت بإنسانية ولم يسجنه    الكومي: سيارات نقل الموتى بديل أقل تكلفة للإسعاف في دوري الدرجة الثانية!    «التعليم» تكذب «مُعلم الفلاشة»: امتحان الكيمياء بالثانوية وضع في شهر مايو    الفرح تحول لمأتم.. البحث عن سيارة عروسين سقطت بهما في نهر النيل    رابط نتيجة تنسيق رياض الأطفال بالرقم القومي 2024 محافظة الإسكندرية    انتشال جثة شاب من مياه ترعة قرية الدير بالقليوبية    فيلم أهل الكهف يواصل تذيل قائمة الإيرادات في دور العرض    «ليلة صاحبة السعادة» في العلمين.. برومو حفل نادر عباسي بطريقة مبتكرة (فيديو)    «التحالف الوطني» ينظم قافلة طبية للكشف على أمراض العيون في الشرقية    الكشف على 1385 حالة في قافلة طبية مجانية ضمن «حياة كريمة» ببني سويف    صرف العلاج مجانا في العيادات الخارجية للمنشآت الصحية التابعة للإدارات المحلية    بالفيديو.. شكاوي مجلس النواب: الرؤية العامة لبرنامج الحكومة في مصلحة المواطن    القبض على عاطلين سرقا مشغولات ذهبية من داخل مسكن بالسلام    إقبال كبير على رحلات السفاري والاستمتاع بالبحر الأحمر في الغردقة    تعرف على برنامج المعلوماتية الطبية بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة حلوان    روما يحسم أولي صفقاته الصيفية    لمواليد برج الدلو.. ماذا يخبئ شهر يوليو لمفكر الأبراج الهوائية 2024 ؟ (التفاصيل)    رئيس جامعة حلوان يزور وزير الرياضة لتقديم التهنئة بتجديد الثقة    الرئيس الصيني يدعو إلى «خلق الظروف» لإجراء «حوار مباشر» بين روسيا وأوكرانيا    من هم الفئات المسموح لها التقدم لمدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا بعين شمس؟    مواجهة جديدة بين الأرجنتين وكندا في كوبا أمريكا 2024    وزير الرياضة يكشف آخر مستجدات التحقيق في أزمة أحمد رفعت    أول قرار لوزير الأوقاف الجديد.. تغيير موضوع خطبة الجمعة المقبلة    الحكومة تفتح أبواب جديدة للعلاقة مع الحوار الوطني بوزارة الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي    تنسيق الجامعات 2024، كل ما تريد معرفته عن كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة حلوان    شيخ الأزهر لسفراء الدول العربية والإسلامية بتايلاند: مسؤوليتكم كبيرة في فضح انتهاكات الاحتلال بغزة    كامل الوزير: حان الوقت لإزالة كافة التحديات والمعوقات التي تواجه توطين صناعة السيارات    عقب قصف مدرسة للنازحين.. الكويت تطالب بمحاسبة الاحتلال على جرائمه في غزة    الأرصاد الجوية تكشف تفاصيل حالة الطقس من اليوم حتى السبت المقبل .. اعرف التفاصيل    ضوابط توزيع درجات الرأفة على طلاب الثانوية الأزهرية 2024    الجارديان: إسرائيل متهمة بمحاولة تقويض اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة    حزب الأمة القومى السودانى: مؤتمر القاهرة فتح باب الحوار بين السودانيين    تعليم الوادي الجديد: بدء تدريبات "طوَّر وغيَّر" للطلاب    شؤون الأسرى: ارتفاع حصيلة الاعتقالات بالضفة الغربية ل9580 شخصا منذ 7 أكتوبر    طارق الشناوي يكشف تطورات صادمة عن أزمة شيرين عبدالوهاب: تتعرض لعنف وسادية    القوى العاملة بمجلس النواب: المصريون ينتظرون الكثير من الحكومة الجديدة    28.6 مليون جنيه.. إجمالي إيرادات فيلم جوازة توكسيك في 5 أيام عرض (تفاصيل)    "القومي للحضارة" يحتفي بمرور 100 عام على أولى حفلات أم كلثوم    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات اليوم الإثنين    محافظ أسيوط: إنشاء إدارة تقليل الفاقد لتعظيم الاستفادة من فاقد الحملات الميكانيكية    «تصديري الصناعات الغذائية»: ارتفاع الصادرات إلى 2.7 مليار دولار في 5 شهور    "توافر".. تفاصيل خدمة رسمية لتوفير الأدوية الناقصة (رابط وبيانات)    طبيب يفجر مفاجأة حول علاقة الباذنجان بالجنان.. ما القصة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8-7-2024 في المنيا    احتفالات الأطفال بالعام الهجري الجديد.. «طلع البدرُ علينا»    الأزهر العالمي للفتوى يوضح 4 فضائل لشهر المحرم.. «صيامه يلي رمضان»    خبير تحكيمي يوضح مدى صحة ركلتي جزاء الزمالك أمام الإسماعيلي في الدوري    دعاء في جوف الليل: اللهم يا صاحب كل غريب اجعل لنا من أمورنا فرجًا ومخرجًا    هل العمل في شركات السجائر حرام؟ مبروك عطية يجيب (فيديو)    الزمالك: حصلنا على الرخصة الأفريقية.. وكان هناك تعاون كبير من المغربى خالد بوطيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. مراد حيدر أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: نحتاج إلى قانون لضبط الفتوى
نشر في الوفد يوم 20 - 03 - 2019


مبادئ الإسلام لا تتصادم مع الفطرة الإنسانية
الشريعة الإسلامية وسطية.. لا تجنح للتشدد أو التساهل
أعضاء الجماعات المتطرفة يعتبرون أنفسهم أوصياء على الدين
مهمة المؤسسات الدينية خطيرة.. والمجامع الفقهية تفتقر إلى الدعم المادى
الدكتور مراد محمود حيدر أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة وأستاذ الدراسات العليا بجامعة الأزهر والمعهد العالى للدراسات الاسلامية أحد أبرز الفقهاء المتخصصين، عالم موسوعى، وداعية مستنير، وباحث متخصص، أشرف وناقش نحو أكثر من «40» رسالة علمية من رسائل الدكتوراه والماجستير بالأزهر الشريف، له أحاديث تليفزيونية مسجلة فى برامج عديدة واذاعة القرآن الكريم والبرنامج العام، يكتب العديد من المقالات الدينية بالصحف والمجلات المصرية والعربية، إلى جانب أنه أحد أعضاء لجنة الفتوى بالأزهر.
شارك فى العديد من المؤتمرات والندوات العلمية العربية والدولية، ومن نتاجه العلمى، «حق العلو والسفل بين الفقه الاسلامى والقانون المدنى.. دراسة مقارنة» و«مناهج الفتوى وضوابطها فى القضايا المعاصرة.. الأقليات المسلمة نموذجاً، وهى دراسة تطبيقية فقهية مقارنة، الى جانب «تأثير العرف فى الفتوى.. دراسة تطبيقية فقهية مقارنة على فقه الأسرة، كما كتب دراسة مقارنة عن التطبيقات المعاصرة لحق الانتفاع وأحكامها فى الفقه الاسلامى و«التعصب الفكرى وأثره على استقرار المجتمع.. الأسباب والعلاج من منظور الفقه الاسلامى، والغيث فى فتاوى «الفيس».. مجموعة فتاوى منشورة على وسيلة التواصل الاجتماعى «الفيس بوك» ويعد حالياً لأكبر مشروع فقهى وهو «موسوعة» التشريع الاسلامى المقارن».
«تعيش الأمة الإسلامية حالة من التشتت والضياع والفرقة، الأمر الذى يثير فى نفوس المسلمين اليأس والتشاؤم.. كيف ترى ذلك؟
الاصل فى التشريع الاسلامى ان تكون الأمة الاسلامية يداً واحدة. و لذلك فإن القرآن الكريم حدد المفهوم الذى ينبغى أن تكون عليه الأمة الاسلامية فقال:« واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً». فالأمة متى كانت يداً واحدة أو على قلب رجل واحد تحققت لها عوامل النجاح، واذا ما ابتعدت عن دستورها او التشريع الذى وضعه الله عز وجل لها تعيش حالة من التفرق والتشرذم، فمعلوم ان الأمة لابد ان تكون لها أهداف، وأن تسعى الى تحقيق الأهداف العامة بعيداً عن الأهداف الخاصة، ولكن اذا انشغل كل ذى رأى برأيه فإن هذا يؤدى بالأمة الى اختلاف المنهج والرؤية، ومن ثم يصبح التفرق والتشرذم من سمات هذه الأمة، وهذا هو ما نعيشه اليوم فى ظل عدم الاتفاق على المصلحة الواحدة التى حددها القرآن الكريم والتشريع الاسلامى وهناك مبادئ كثيرة حددها الاسلام لتحقيق وحدة الأمة، فعلى سبيل المثال فى الشعيرة الكبرى «فريضة الحج» تجد الناس يلبسون ثياباً واحدة، ويتفقون على شعائر واحدة وهذه هى وحدة المنهج التى يعيشها المسلمون كلهم يداً واحدة، وكذلك شعيرة الصلاة وشعيرة الصيام، وهذه كلها مبادئ تعبر عن وحدة التشريع الاسلامى فاذا طبقنا هذه العبادات على الواقع العملى فى المعاملات بيننا ستحقق وحدة الأمة، لاننا حينئذ سنسير على شعار واحد، وسنجتمع على كلمة واحدة وحينئذ ستجد الأمة طريقها الى الاتفاق، فيجب ان نعود الى وحدة المنهج والهدف الذى نسير عليه، فالإسلام لا ينادى بمبادئ تتصادم مع الفطرة الانسانية انه يأمرنا باخلاص العمل وهذا ما تسير عليه الدول المتقدمة ويأمرنا بعدم الكذب والغش ويحارب الفساد فكيف المجتمعات غير المسلمة تعود الى مناهج الاسلام، ونرى من يدعى ان الاسلام غير صالح للتطبيق اليوم، ولابد ان تتذكر أن الهجمات الشرسة التى أدت الى تفرق المجتمعات وتشرذمها للطعن فى ثوابت الاسلام أو المبادئ الاسلامية.
رغم ان التطرف ظاهرة عالمية الا ان التركيز على المسلمين فقط، فما ردكم على هذه الأكاذيب؟
لابد ان تكون لكل دعوة ما تستند اليه فما هى الاسانيد التى يستند اليها من يطرحون مثل هذه الشبهات؟ ،ويقولون ان الاسلام هو دين التطرف، فما مظاهر التطرف فى الدين، فالسيدة عائشة رضى الله عنها تروى عن الرسول فتقول: «ما خُير رسول الله صلى الله عليه وسم بين أمرين الا اختار أيسرهما أو أسطهما ما لم يكن إثماً فإن كان إثماً كان أبعد الناس عنه» اذن الوسطية هى منهج الاسلام فلا هو يجنح الى التشدد ولا يجنح الى التساهل، كما ان هناك بعض الديانات الأخرى قد تسمح لمن يعتنق هذا الدين بأن يرتكب كل الفواحش والمنكرات، فالانسان بطبيعته يلجأ الى الدين الذى لا يحمله بتكاليف لكن الاسلام ارتقى بالنفس الانسانية لكى يهذبها، فما هى مظاهر التطرف فى هذا الدين فهل هذا الدين يبدأ بالهجوم او الاعتداء على الآخرين كا هو شائع بين بعض الجماعات؟ ان منهج الاسلام يقوم على رد الاعتداء «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم» فالاسلام لم يأمرنا بأن نبدأ الهجوم على دولة مسالمة، كما انه فى معاملاتنا مع الآخرين ايضاً يقول «فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم» فالاسلام يأمرنا بالمعاملة الطيبة وألا نبدأ بالعدوان على أحد، ولهذا فان مفهوم الجهاد فى الاسلام والذى يركزون عليه دفاع وليس هجوماً والاسلام يأمرنا بالجهاد عندما تحتل أرض من أراضى الدول الاسلامية أو يعتدى على عرض فيها أو تنتهك احدى الحرمات فهل من المنطق السليم ان يوصم الاسلام بالارهاب والعنف وهو الذى يتوافق مع احدث القوانين والاعراف والمعاهدات الدولية وأهمها معاهدات الأمم المتحدة، فهل أتت هذه المعاهدات بغير ذلك؟ لقد حرمت الاعتداء على الآخرين والعدوان عليهم فأين التطرف فى هذا الدين؟ لا يوجد ملمح واحد ينم عن ذلك.
وهنا لابد أن نفرق بين أمرين رئيسيين: الأول التشريع الاسلامى نفسه كمنهج لا يوجد به تطرف أما من يمثلون الاسلام فهم المشكلة فبعض المسلمين يفهمون مبادئ الاسلام فهماً قاصراً أو خاطئاً ثم بعد ذلك يترجمون هذه العبارات فى صورة أفعال سواء كانت فى حروب ضد الدولة كما يسمى الآن بتنظيم «داعش» أو «الجماعات المتطرفة» أو ما الى ذلك فهم يترجمون مبادئ الاسلام ويفسرون العبارات الواردة فى النصوص على غير مرماها أو على غير حقيقتها، وهذه ليست مشكلة التشريع الاسلامى بشكل عام فالاسلام عندما
يضع برنامجاً للتعامل مع الآخرين وبرنامجاً ليسير عليه أتباعه ويخالفونه فهل يعد هذا عيباً فى الاسلام وبعض الجماعات المتطرفة الآن يعتبرون أنفسهم أوصياء على الدين وكلها أفكار مغلوطة من قبل هذه الجماعات، ونخلص من هذا كله أن الخطأ ليس فى الاسلام والتشريع كمنهج وبرنامج ولكن الخطأ فيمن يمثلون هذا المنهج، فهناك بعض المسلمين لديهم تعصب فكرى وتقليد أعمى لا يسيرون فيها على منهج وروح التشريع الاسلامى، فلابد من العودة الى أولى العلم والراسخين فيه ولدينا فى مصر الكثير من هؤلاء فى الأزهر الشريف الذى يقوم منهجه على الوسطية والاعتدال من غير إفراط ولا تفريط.
يتهم البعض المؤسسات الدينية بعدم مواجهة التطرف والغلو، فما ردكم على هذا الطرح وهل تستطيع وحدها القضاء على الارهاب ومواجهة التطرف؟
مهمة المؤسسات الدينية الآن من أخطر المهام فى العصر الحديث ولعل على رأس هذه المؤسسات الدينية الأزهر الشريف لانه من المعروف ان مصر هى الأزهر باعتباره المؤسسة الدينية التى تمثل الاسلام فهماً صحيحاً ووسطياً وعندما يتهم البعض هذه المؤسسات بالقصور، نرد بأنها تبذل كل ما تستطيع فالأزهر له موقع على شبكة الانترنت وهناك مرصد فقهى يرصد القضايا الحديثة ويتعرض لها، والآن توجد لجنة الفتوى التابعة للأزهر وهناك دار الافتاء المصرية وكل هذه الهيئات الدينية بما فيها وزارة الأوقاف من لجان الشئون الدينية المجلس الأعلى للشئون الاسلامية، كل هذه الهيئات تسعى للقيام بواجبها تجاه هذه القضايا، لكن قد يكون هناك قصور مادى ما يعرقل الجهود، والآن يسعى الأزهر لاطلاق قناة فضائية باسمه ونحن نحتاج هذه القناة منذ سنوات حتى تصل الى كل الناس، فإن كان هناك قصور فى المؤسسات الدينية فهو قصور يعود الى قلة الدعم المادى لهذه المؤسسات، ونحن نحتاج الى مواقع كثيرة على الشبكة الالكترونية للرد على الشبهات التى تثار حول الاسلام وباللغات الأجنبية، ويقوم عليها علماء مختصون يترجمون الابحاث والدراسات لبيان مفهوم التطرف وآثاره.
قضية تجديد الخطاب الدينى.. كيف تراها؟
نريد أولاً ان نحدد ما هو المقصود بتجديد الخطاب الدينى فالخطاب الدينى هو تبليغ شرع الله عز وجل الى العامة وهذا أبسط معنى للخطاب. توجيه الحديث من الملقى الى المتلقى، فما المقصود بتجديد الخطاب وهو ايصال احكام الشارع وأوامره ونواهيه الى الناس بشكل يستطيعون فهمه على نحو جديد يتناسب مع معطيات العصر الذي يعيشون فيه ومن ذلك يدخل فى مفهوم تجديد الخطاب الدينى بعض الأحكام التى تقبل التغيير، فلدينا قاعدة فى الفقه الاسلامى تقول: «لا يمكن تغيير الأحكام بتغيير الأزمان» أى أن هناك أحكاماً نصت عليها الشريعة الاسلامية فى نصوص ثابتة لا يمكن تغييرها الى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ومن ذلك آيات المواريث وآيات الحدود، وهى لا تقبل التغيير وهذه ثوابت قامت عليها النصوص ونزل بها القرآن الكريم ولا تقبل التغيير على أى نحو من الأنحاء، كما أن هناك احكاماً عملية قائمة على الظن أو الاجتهاد فتجديد الخطاب الدينى مصطلح واسع جداً، فهو لا يعنى تغيير الثابت من النصوص، لكن أن نوصله فى شكل عصرى يتناسب مع المجتمع الذى نعيش فيه، لكن أن نقول ان تجديد الخطاب الدينى هو الغاء الثوابت الموجودة فهذا مرفوض ولا يحتمله التشريع بشكل أساسى، فالاحكام التى وردت الينا تلقيناها من الكتاب والسنة، وهناك بعض الأحكام الظنية التى تبنى على القياس والإجماع، فدلالة نصوص الكتاب العزيز على الأحكام نوعان: الأول قطعى الثبوت لكنه ظنى الدلالة على المعنى أما النوع الثانى فهو النص قطعى الثبوت وقطعى الدلالة لانه من القرآن الكريم الثابت نسبته الى الله عز وجل وقطعى الدلالة على الحكم لانه لا يحتمل التأويل ولا مجال فيه للاجتهاد، ومثال ذلك نصوص المواريث التى دلت على المقادير الحسابية، ومن ذلك قوله تعالى: «يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس» فهو يدل على مقادير حسابية لا يجوز تعديها أو تبديلها أو تعديلها أو الاجتهاد فيها أما السنة فليست قطعية الثبوت بالكامل فما هو قطعى الثبوت منها هو المتواتر الذى رواه جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكتاب والاحاديث المتواترة قليلة، فالسنة ليست كلها قطعية الثبوت، اما القرآن فكله قطعى الثبوت، أما الدلالة على الأحكام وهنا الاشكالية فالقرآن كله قطعى الثبوت لكن دلالة الأحكام فيه من الممكن ان تكون دلالة قطعية وإما دلالة ظنية، لو أن النص احتمل معنى آخر ، فعلى سبيل المثال حينما يقول القرآن «الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة» كلمة مائة ليس فيها شك فهنا دلالة النص قطعية الثبوت وقطعية الحكم وآيات المواريث كذلك قطعية الثبوت والدلالة فلا يجوز الاجتهاد فيها، وهناك آيات قطعية الثبوت وظنية الدلالة مثل قوله تعالى: «ثلاثة قروء» فاللفظ هنا عام يحتمل الاجتهاد، اما السنة فالأحاديث القطعية فيها دلالتها على الأحكام دلالة قطعية ونخلص من ذلك الى ان تجديد الخطاب الدينى فى الثوابت مرفوض اما ما يتناسب مع معطيات العصر بعيداً عن تغيير الأحكام الثابتة فهو مقبول.
بما أنك أستاذ للفقه المقارن هل ترى أن المجامع
الفقهية فى العالم الاسلامى تؤدى دورها المنوط بها؟
التساؤل هو هل لبت المجامع الفقهية الآن حاجة الناس الذين هم فى أمس الأوقات للاجابة عنها، فهل المجامع الفقهية تصدت للقضايا الفقهية الموجودة على الساحة ووضعت فيها احكاماً وتلاحق تطورات العصر يوماً بعد يوم، بالطبع لا، فهى لم تؤد الدور المنوط بها الآن فى رأينا، لكن من ناحية وجودها فهى متوافرة فلدينا مجمع البحوث الاسلامية يتصدى لكل قضايا العصر وموقع الأزهر الآن وادارته تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر وضع الآن لجاناً منها لجان المرصد الفقهى ولجان الفتاوى والبحوث لمواجهة التطرف، لكن نحن نحتاج الى مزيد من بذل الجهود ونحتاج الى قناة أزهرية يتحدث بها المتخصصون من رجال الازهر تحت رعاية الإمام الأكبر وكذلك تفعيل قرارات مجمع البحوث الاسلامية بما يتواءم مع روح العصر وكافة اللجان والمراصد الفقهية التى تعمل لخدمة الناس فهناك بعض القصور يحتاج الى الدعم الفنى بطائفة من المتخصصين القائمين على هذا العمل واما بالدعم المالى فالابحاث تحتاج الى أموال طائلة ليتم نشرها وكذلك الكتب الفقهية، ونحتاج الى تراث فنى ضخم يوضع للناس ويقرأ، ونحتاج من علماء الفقه ان يحدث بينهم تلاقح فكرى وتتصل العلوم والابحاث بينهم من خلال قنوات حديثة وأن يكون قرارهم جماعياً.
فى رأيكم متى تتخلص الدولة من الإرهاب؟
الإرهاب لا زمان له، لأن الإرهاب منذ بداية الخليقة موجود، فقد بدأ مع بدء التاريخ مع قتل أحد ابنى آدم لأخيه، لكن كيف نتخلص من هذا الارهاب، فلدينا عدة عناصر نريد طرحها حتى يستفيد القائمون منها على هذا الأمر، الأول ايضاح مفاهيم التشريع الاسلامى بشكل يعرفه كل الناس، من حيث الاصطلاحات التى اختلف حولها الجماعات الاسلامية، كمفهوم الجهاد وهل مصر دار اسلام أم دار حرب، فالجماعات الاسلامية تقول ان مصر دار كفر وليست دار اسلام لأنه يطبق فيها القانون الجنائى وليس الشريعة فنحن نريد ان نتصدى لهذه المفاهيم المغلوطة، ومواجهة أخطائنا بجرأة واصلاحها بجرأة، الأمر الثانى زيادة التثقيف الفكرى وزيادة مساحة البرامج الدينية على القنوات الفضائية خاصة على القنوات الرسمية للدولة، فلابد من معالجة انحسار البرامج الدينية، بالاضافة الى ذلك زيادة المطبوعات التى تصدر عن هيئة الشئون المعنوية للقوات المسلحة لمحاربة التطرف والارهاب ولتتولى الدولة بكافة مؤسساتها التصدى لهذه الجماعات المتطرفة، فنحن لا نتعصب لفكر ولا جماعة ولا لرأى، ولكننا مع الرأى الوسطى أياً ما كان بالاضافة الى ذلك نريد عودة التنشئة الاسلامية الصحيحة مرة أخرى فى مراحل التعليم الأولى، حتى نعد جيلاً على التربية الدينية الوسطية الصحيحة.
هل ترى أننا بحاجة الى قانون لضبط الفتوى عبر وسائل الاعلام؟
فى الحقيقة نحن نحتاج الى قانون الآن لضبط الفتوى حتى لا يختلط فيها الحابل بالنابل ونحتاج الى كوادر من الأساتذة المهيئين لذلك تكون لديهم شهادات من الجهات العلمية المؤهلة لذلك حتى نستطيع أن نقضى على فوضى الفتاوى، فما هى المؤهلات العلمية لذلك الذى يطعن فى صحيح البخاري على سبيل المثال.
الغرب يتهم الدين الاسلامى بأنه لم يقدم للانسانية شيئاً نافعاً فما تعليقكم؟
سأكتفى بجانب واحد لنفى ذلك، فاذا قلنا إن الدين الاسلامى لم يقدم للانسانية شيئاً نافعاً فسأكتفى بجانب الرحمة فالله عز وجل يقول لنبيه فى كتابه «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» المفسرون قالوا رحمة للعالمين أى انها ليست للمسلمين فقط، لأن رحمة النبى تكون للمسلمين بدخولهم الجنة معه اذا أطاعوه، أما رحمته لغير المسمين فمن طبق أحكام الاسلام حتى لو لم يكن مسلماً تفوق وتقدم فهناك دول غير اسلامية طبقت مناهج الاسلام فتفوقت وكما يقول الفقهاء: «من يطبق أحكام الاسلام يعطى نتاجه» حتى لو لم يكن مسلماً، فمعاهدات النبى صلى الله عليه وسلم مع اليهود على سبيل المثال تدرس فى جامعات أوروبا الى الآن حتى إن المفكرين الغربيين كتبوا عن هذه المعاهدات فقالوا ان محمداً صلى الله عليه وسلم كان عادلاً عندما وضع المعاهدة بينه وبين اليهود لأن اهم نصوص هذه المعاهدة أن لليهود ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، وهذا ما يتفق مع مبدأ المواطنة التى ينادى بها العالم الآن فى النظم الحديثة، وحقوق الانسان التى نادوا بها فى التشريعات الحديثة قد نادى بها الرسول الكريم منذ اكثر من «1440 سنة»، فهل بعد ذلك لم يقدم الاسلام للانسانية شيئاً نافعاً كما يدعون.
مؤخراً.. ظهرت أصوات تنادى بمراجعة الموروث الفقهى وتعديل كتابته بدافع انه كتب فى زمن الحروب فما ردكم على هذا الطرح؟
هذا يعتبر تناولاً جزئياً للقضية، أولاً ما هو الموروث الفقهى وهل هو ما ورد فى القرآن والسنة أم هو ما ورد فى كتب الفقهاء، وأريد أن أبين هنا حقيقة وهى أن الأئمة لم يكتبوا شيئًا بأيديهم فالامام أبوحنيفة ولا مالك، ولا الشافعى لم يكتب الا كتابه «الرسالة» ،فالموروث الفقهى ان كان بمعنى الكتب الفقهية، فكل انسان يؤخذ من قوله ويرد الى النبى صلى الله عليه وسلم، وحجة انها كتبت فى زمن الحروب فهل كانت الدولة وقتها تعيش الحروب فقط، فالاسلام منهج اساسه السلام فالكتب الفقهية كلها لم تشتمل الا على باب واحد عن الجهاد والبقية عن كل المعاملات الانسانية، فكيف يقولون ذلك فهى فرية كاذبة، فالموروث الفقهى هو ما قام به الفقهاء من جهد فى تأصيل احكام الاسلام وليس هناك مانع أن يبقى هذا الموروث ثم ايصاله بطريقة سهلة للناس لكن أن يدعى البعض بانه كتب فى زمن الحروب فهذا غير صحيح.
كيف تصدى الاسلام للشائعات؟
أول شائعة فى الاسلام كانت «حادثة الافك» الشهيرة، فالقرآن الكريم بين ذلك فقال: «ان اليذن يحبون أن تشيع الفاحشة» فالعقوبة دنيوية وآخروية لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة، لأن الشائعات يترتب عليها اساءة الظن بانسان حسن الطوية سلوكه حسن، فهذا اضرار بالمسلم والاضرار المعنوى أشد من الاضرار المادى، فالاسلام حارب الشائعات عن طريق التثبت من التهمة، ثانياً: عدم التعجيل في العقوبة، ثالثاً العقاب على الشائعات عقاب أليم فى الدنيا والآخرة كما أن الشائعات تضر بالأمن القومى للوطن ومصالحه، فالإسلام يعاقب عليه أشد العقوبة.
ما الآليات التى تراها ضرورية لاصلاح حال الدعوة والدعاة فى الوقت الراهن؟
أولاً: تأهيل الدعاة تأهيلاً جيداً واعطاؤهم برامج فى الفتوى ولغة الدعوة وكيف يخاطب بلغة تتفق مع واقع المسلمين ومع العصر الذى يعيشون فيه، والتركيز على برامج دعوية تدرس لطلاب كليات الدعوة وأصول الدين والشريعة وكافة من يعملون فى حقل الدعوة، الأمر الثالث أن توضع مقاييس لمن يقومون بالعمل فى مجال الدعوة سواء من الأزهر أو الأوقاف أو من يتحملون عبء الدعوة.
أخيراً.. هل أنت متفائل بمستقبل الاسلام وما مشروعك الفكرى الذى تسعى اليه؟
نعم.. الاسلام سيتقدم وان شاء الله مشروع الإسلام فى تقدم مستمر والمستقبل لاحكامه ومبادئه وتعاليمه السمحة فلا يمكن ان يكون هناك منهج كمنهج الاسلام شهد له القاصى والدانى بأنه من المبادئ أو النظم التى سمحت لغير المسلمين بأن يكونوا شركاء للمسلمين فى الأرض والوطن والمال والدفاع عن العرض، الخ، لكننا نحتاج الى قنوات تعرض الاسلام من قبل الأزهر والدولة لعرضه بشكل صحيح حتى يعرف الناس قيمة الاسلام، أما مشروعى الفكرى فأنا بصدد اصدار موسوعة التشريع الاسلامى المقارن وهو مشروع فقهى ضخم سيصدر فى 20 مجلداً أو أكثر، وهو مقارنة بين التشريع الاسلامى والتشريعات الأخرى كالفرنسى والروسى أو التشريعات القانونية على مستوى العالم حتى نظهر سماحة التشريع الاسلامى فى كافة المجالات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.