[مصر الحكيمة في حديث شيق مع مغربي ..] -1- تغريدة الصباح صباح الخير يا مصر فنحن فرحين جدا و لا يسعنا إلا ان نبتسم مغتبطين ،فشعبك أبان على انه صبور رأيناه كم بح صوته ليخرج لنا سيمفونيات رائعة في التأليف و اللحن و كتابات رائعة تنقلنا من عالم لآخر بسلاسة و حكمة .و عندما أقول صباح الخير اراك بكل خير رغم الفلول و لا يفل الحديد إلا الحديد ،تصيحين بكل بحة في الصوت زادته حنانا و ألقا لقد نهض ابنائي . و ازيد انا على قولها و لا اظنهم سيعودون لسبات قد طال أمده فقد نفضوا الغبار و ساهموا في زراعة الاحساس و لا يهم الذين يضحكون شماتة او تأسيا المهم زراعة الاحساس بنهضة و عزم . صباح الخير يا مصر فالكل ذاهب لعمله و كاهله مثقل بهموم لا يعلم متى سوف تنتهي لكنه متأكد ان خروجه لن يضيع و عزمه لن يهدا فهو يحدث نفسه و يُسمع غيره بأنه لم يعد غريبا في بيته و عمله و بين بني جلدته .فاليوم يا مصر تتعرفين على نفسك من جديد تعيدين صياغة مبادئ جديدة و إطارات اخرى و قوانين و اناس جدد ممكن ان يخطئوا الطريق لكننا في الصباح نغسل الوجوه و نسقي الزروع و نبدأ من جديد .. و الصباح رباح و ضياء فشبابك أُعيد لك فخرجتِ مسرعة الى ميادينك مهللة و مزمجرة و قلت كفى لقد سُحِقَتْ آمال ابنائي و انمحت اسارير و جوههم و انقطعت ارزاق آبائهم ،قلت كفى و شمرت فما كان من العالم إلا ان وقف مذهولا متسائلا ماذا تودين ولماذا تتحركين و الى اين تتجهين .لم تبالي بأصوات الهواة و لا بأصحاب الهراوات بل مضيت في طريقك رافعة لافتة كَتَبْتِ عليها بخط احمر و اسود و ابيض اريد حريتي اريد اطلاق يدي . اصفق لك يا مصر فأرضك طرية فلقد جاء من جاء و ذهب من ذهب ،و تبقي انت شامخة بحضارتك القديمة كإحدى المعجزات و كأجمل الجميلات تستحمين كل صباح بماء نهرك العظيم و تسمرين مع اهلك حول شاطئه . لستِ متبرجة لكنك تلبسين احلى الحلي و اجمل الملابس و تتفوقين على قريناتك وتستمعين الى احلى الالحان و تبدعين ارقى الكلمات. وتهمس لي قائلة في خجل تام و بثقة الأُم بأبنائها إن هؤلاء هم أبنائي الذين قدموا جهدهم وعرقهم لخلق علاقة بين هذا النهر وبيني لقد اعطوا عطاءهم هذا، و لم يتوقف منذ ذلك الزمان الممتد إلى أقدم التاريخ وأبعده عن الحاضر الى اليوم .ودائما ما كنت حاضرة شاهدة على انتكاساتهم و هزائمهم فابكي معهم حتى ينقطع الدمع و يجف ،و غالبا ما انقلب على قفاي من شدة الضحك من نكاتهم. سررت يا سيدي من انطلاقات ابنائي في بناء حَاضِرَتِهم قديما و تكوين دولتهم ،ولم ارضى في ازمنة عن اطماع كبرائهم وجشعهم فهم لم يكونوا يسمعون الى صوت الحكمة من فم و عقل ابنائي العقلاء .و كثيرا ما احسست بالقرف و انا انظر الى ابنائي الضعفاء البسطاء و هم يعملون في بناء تِرَع وقنوات ومصارف وسكك حديد وأراض خضراء مثمرة تقدم للشعب المصرى غذاءه وكساءه، دون ان يكون لهؤلاء ادنى اعتبار لقد عاشوا وعملوا وماتوا دون أن يدركوا حتى بوجودهم و لا بأهميتهم. لكنني افتخر بهم و اعتبرهم اقرب ابنائي الى قلبي فلقد كانوا و لازالوا شديدي التحمل والصبر أمام المكاره والشدائد الفردية و الجماعية ،و ابتهج ايما ابتهاج و انا انظر في اعين ابنائي وهم ينتفضون ضد من يستعمرهم و من يحاول استغلالهم و إذايتهم و لو كان منهم .ولقد لاحظتها تطلق لنفسها العنان و هي تغازل ذاكرتها القوية الفتية فأرخت لما دار في الاديرة و المساجد منذ العصور الاولى للاسلام ،و اغرقت في التأمل و هي تسترجع الديانات الاولى فوق ترابها و الحضارات و الثقافات و الاسامي التي حفرت و المباني التي شيدت بتفاني بايدي ابنائها كما تكرر دائما و هي مفتخرة . فتارة تراها حزينة كئيبة لما آلت اليه تلك التحف الفنية و التي لم يبق منها إلا القليل ، و تارة اخرى تجدها في احسن حال منتشية بما ابدعت تلك الايادي و خلقت تلك العقول في عصور اخرى و حقول اخرى . قالت لي و نحن نتأمل تلك السفن تتمايل على موسيقى نهر النيل العظيم ،لقد أرخت يا سيدي لكل ما حدث و وكتبت كل ما جرى لكن الزمن و الابناء العاقين لأمومتي تنكروا لما كتبت و الادهى انهم دائما ما كرروا قصة قابيل و هابيل فوق ترابي فارتوى بدماء عطرة كثيرة و اخرى نجسة لكنهم ابنائي على كل حال . و سألتها هل انت مريضة الآن ايتها السيدة الجليلة الجميلة ابتسمت و بحكمتها المعهودة أجابت و قالت : اسمع ايها المتذاكي .. يتبع