تحقيق - حمدى أحمد - اشراف: نادية صبحى بعد تخفيض مساحة زراعته: نصف مليون طن فجوة متوقعة بين الإنتاج والاستهلاك.. والحكومة تبدأ المواجهة بالاستيراد رئيس لجنة التصدير بغرفة صناعة الحبوب: سعر الطن قفز ألف جنيه رغم أن المخزون يكفى حتى مطلع 2019 رئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات: التخزين وجشع التجار وراء ارتفاع الأسعار قبل خمسة أشهر تقريباً، أعلنت وزارة الرى والموارد المائية، تخفيض المساحات المزروعة بمحصول الأرز هذا العام إلى حوالى مليون فدان، مقارنة ب 1.8 مليون فدان العام الماضى، لمواجهة خطر نقص المياه. وعقب هذا القرار، وافق مجلس النواب فى نهاية أبريل على تعديل قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966، ليعطى الحق لوزيرى الزراعة فى تحديد المحاصيل التى يتم زراعتها وأماكنها، فضلاً عن حظر زراعة محاصيل معينة فى مناطق محددة وخاصة كثيفة استهلاك المياه وبالتحديد الأرز. التعديلات لم تكتف بحظر زراعة بعض المحاصيل فقط، ولكنها أضافت عقوبة الحبس على المخالفين لمدة 6 أشهر وغرامة تصل إلى 20 ألف جنيه، وجاء قرار تخفيض المساحات مع إضافة عقوبة الحبس، ونشاط الأجهزة المحلية والأمنية فى إزالة بعض مخالفات الأرز فى المحافظات، كل ذلك أدى إلى انخفاض المساحات المزروعة بالأرز هذا العام بشكل ما لتصل إلى نحو مليون فدان، مقارنة ب1.8 مليون فدان كانت تزرع فى الأعوام السابقة. يشار إلى أن المساحة التى كانت تحددها الحكومة لزراعة الأرز فى السنوات السابقة 1.1 مليون فدان، فضلا عن مخالفات الفلاحين التى تصل إلى 700 ألف فدان، أى أن المساحة الكلية للمحصول كانت تصل ل 1.8 مليون فدان. ووصل إنتاج هذه المساحة إلى نحو 4 ملايين طن أرز أبيض، بينما يقدر استهلاك المصريين بنحو 3 ملايين طن، وهو ما يعنى أننا كان لدينا فائض يقترب من مليون طن، كان يتم تصديره، قبل حظر التصدير. إلا أن هذا العام وعقب تخفيض المساحات المزروعة، فإن الإنتاج المتوقع يتراوح ما بين 2 و 2.5 مليون طن أرز أبيض، وهكذا ستظهر فجوة بين الإنتاج والاستهلاك تتراوح ما بين 500 ألف ومليون طن. ولسد الفجوة، قررت الحكومة منذ أيام، استيراد الكميات اللازمة من الأرز، لزيادة المعروض وضبط السوق، بحسب بيان لمجلس الوزراء. وقال البيان، إن الأصناف المستوردة ستكون بنفس الجودة المماثلة للأرز المصرى. ووفقاً للتقرير الصادر أخيراً عن غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، بلغ السعر العالمى للأرز غير المقشور 268 دولاراً للطن خلال فبراير الماضى، وارتفع إلى 270 دولاراً للطن خلال مارس، و273 دولاراً للطن خلال مايو. ووفقًا لآخر تعديل لأسعار الأنواع المختلفة للأرز، ارتفع سعر طن الأرز « كسر 5%» خلال مارس إلى 430 دولاراً، وارتفع سعر الأرز «كسر 25%» إلى 418 دولاراً للطن، فيما سجل سعر الأرز «كسر 100%» انخفاضا، مسجلا 403 دولارات للطن. لكن هناك تخوفات كبيرة من تأثير الاستيراد على أسعار الأرز فى السوق المحلى، حيث أكد خبراء أن الهدف من الاستيراد محاولة تثبيت وتوازن الأسعار بشكل كبير، بحيث لا يكون هناك زيادات فى الأسعار نتيجة استغلال البعض للموقف الحالى بعد تخفيض المساحات المزروعة، متوقعين أن يتراوح سعر الكيلو فى الأسواق بعد الاستيراد ما بين 11 و15 جنيهاً، وأن الكميات المتوقع استيرادها تتراوح ما بين 700 ألف ومليون طن. وفى حالة استيراد مليون طن بمتوسط سعر 400 دولار للطن الواحد، فإن تكلفة الاستيراد ستبلغ 400 مليون دولار، أى نحو 7 مليارات جنيه. وقال رجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات، إن قرار استيراد الأرز جاء لسد العجز المتوقع فى إنتاج مصر من هذا المحصول العام الحالى، عقب تخفيض مساحات المزروعة. وأضاف شحاتة، أنه بجانب سد العجز فإن القرار جاء لمحاولة تثبيت وتوازن الأسعار بشكل كبير، بحيث لا يكون هناك زيادات فى الأسعار نتيجة استغلال البعض للموقف الحالى بعد تخفيض المساحات المزروعة. وحول الكميات المتوقع استيرادها من الخارج لسد العجز المحلى، أشار رئيس شعبة الأرز، إلى أنه من المتوقع استيراد نحو 500 ألف طن أرز أبيض بتكلفة تصل إلى 200 مليون دولار تقريبا، موضحا أن المساحات المزروعة فى الموسم الحالى تقترب من مليون فدان، بسبب مخالفات بعض الفلاحين لقرار الحكومة، ما يعنى أن الإنتاج سيصل إلى أكثر من 2 مليون طن أرز أبيض، فى الوقت الذى نستهلك فيه نحو 3 ملايين طن. وتابع «لكن لو وصلت المساحة المزروعة إلى مليون و250 ألف فدان، فإن الحكومة لن تحتاج إلى الاستيراد من الخارج، وسيكفى الإنتاج السوق المحلى». وعن تأثير قرار الاستيراد على الأسعار فى السوق، كشف شحاتة أن سعر الأرز حاليا يتراوح ما بين 7 و9 جنيهات، وهناك أنواع أخرى تصل إلى 14 و15 جنيهاً. ولفت رئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات إلى أن ارتفاع سعر الأرز مؤخرا فى الأسواق جاء نتيجة زيادة الإقبال والضغط على هذه السلعة، بسبب شنط وموائد رمضان، فضلا عن تخزين المواطنين لكميات من الأرز فى البيوت تكفيهم لمدة 6 أشهر عقب إعلان وزارة الرى تخفيض مساحات، بسبب الخوف من ارتفاع سعره. ارتفاع الأسعار فيما قال مجدى الوليلى، رئيس لجنة التصدير بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، إنه سيتم دخول 100 ألف طن أرز مستورد خلال الشهرين المقبلين بسعر يتراوح ما بين 8 و9 جنيهات للكيلو. وأضاف الوليلى أن السماح بالاستيراد سيساهم فى تهدئة السوق، من خلال وجود سقف للأسعار عند سعر الأرز المستورد الذى لا يختلف كثيراً عن نظيره المحلى فى المذاق والتجهيز، مشيراً إلى أن دخوله قبل بداية موسم حصاد الأرز المحلى يساهم فى تحجيم عمليات التخزين وسيطفئ نار الأسعار. ومن المعروف أن موسم زراعة الأرز فى مصر يبدأ فى شهر مايو وينتهى فى أغسطس. وأوضح رئيس لجنة التصدير بغرفة صناعة الحبوب، أن حجم المساحة المزروعة من الأرز حاليا يصل لنحو مليون فدان، رغم قرار الحكومة بأن تكون 724 ألف فدان، ومن المتوقع أن ينتج ما يتراوح ما بين 3.5 و 4.5 مليون طن شعير بما يعادل 2.5 مليون طن أرز أبيض، مشيرا إلى أن العجز ما بين الإنتاج والاستهلاك لن يتعدى 700 ألف طن ومع دخول ال100 ألف طن قبل الموسم سيقلص العجز لنحو 600 ألف طن يتم توزيعهم بواقع 50 ألف طن شهرياً. ولفت إلى أن السعر العالمى يتراوح حاليا ما بين 400 و450 دولار للطن، كما أن دول شرق آسيا تعد الأقرب للسوق المصرى من حيث نوعية الأرز ومذاقه ما يجعلها السوق الأساسى فى توريد الأرز لمصر خاصة فى ظل استحواذها على نسبة كبيرة من السوق العالمى للأرز. وحول سعر الأرز فى السوق مؤخرا، أشار إلى أنه شهد ارتفاعا بقيمة 1000 جنيه فى سعر الطن للشعير ليصل سعره 8 آلاف جنيه مقارنة ب7 آلاف جنيه، وإلى جانب قرار خفض المساحات المزروعة فإن ذلك يهدد بكارثة تعطيش السوق. ولفت إلى أن هناك نحو 1.5 مليون طن حجم المخزون من الأرز من فوائض العامين الماضيين ويكفى لتغطية احتياجات السوق حتى نهاية العام، وبالتالى المشكلة الحقيقية ستواجه السوق العام المقبل، إلا أن استيراد الأرز الشعير سينقذ المضارب من التوقف النهائى والتى تعمل بنحو 30% من طاقتها الإنتاجية، فضلاً عن توقف 1700 مضرب خلال ال 10 سنوات الأخيرة. وكان اتحاد الغرف التجارية، أعلن أن استيراد الأرز الشعير بضوابط ينقذ استثمارات تقدر بنحو 15 مليار جنيه، و4 آلاف مضرب حكومى وخاص و350 ألف عامل بالقطاع. البحث العلمى الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، قال إن المساحة التى كانت تزرعها مصر من الأرز تتعدى ال1.5 مليون فدان، تنتج 6 ملايين طن أرز شعير، وبعد ضربه فى المضارب يصبح الإنتاج 4 ملايين طن أرز أبيض، نستهلك منه 3 ملايين طن تقريباً. وأضاف صيام، أنه بتخفيض المساحات المزروعة، فإن الإنتاج المتوقع سيصل إلى 2 مليون طن أرز أبيض، وبالتالى فإن الكميات المستوردة ستصل إلى مليون طن تقريبا، مؤكدا أن سعر كيلو الأرز سيرتفع فى السوق لأن المستوردين غالبا سيكونوا من القطاع الخاص الذى يبحث دائما عن الربح العالى، وسيتراوح السعر ما بين 11 و 15 جنيهاً. أما الأرز المحلى المصرى فسيرتفع سعره عن الأرز المستورد، لأنه من أفضل أنواع الأرز على مستوى العالم، وسيفضله المشترى عن المستورد وبالتالى سعره سيزيد على المستورد بنحو 2 إلى 3 جنيهات.. بحسب أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة. وعن الحلول الممكنة لمواجهة هذه المشكلة، أكد صيام أنه لا بديل عن الاهتمام بالبحوث الزراعية وزيادة الميزانية الخاصة بها، من أجل استنباط سلالات وبذور جديدة عالية الإنتاجية وقليلة الاستهلاك للمياه، فى ظل الأزمة التى تعانى منها مصر من شح المياه. وتابع: خلال البحث العلمى يمكننا زيادة إنتاجية الفدان من 4 إلى 6 أطنان، رغم أننا نعتبر من أعلى الدول فى إنتاجية فدان الأرز.