فعلاً الجمعية التأسيسية للدستور التى تم تشكيلها مؤخراً خسرت التوافق الوطنى وما فعله حزب الحرية والعدالة لا يختلف كثيراً عما كان يفعله الحزب الوطنى فى النظام السابق البائد، لقد انطوت الجمعية التأسيسية على أعضاء حزبى الأغلبية «الحرية والعدالة والنور السلفى.. وخلت الجمعية من جميع طوائف الشعب المنوط بها وضع دستور البلاد.. البداية كانت غير مبشرة عندما احتكر حزب جماعة الإخوان كافة لجان البرلمان، وتجاوز الجميع ساعتها هذه المخالفة الصريحة والواضحة، لكن أن يتم ذلك فى الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع دستور للبلاد فهذا ما لا يرضاه عاقل أو يرتضيه أى وطنى بالبلاد.. لقد خلت الجمعية التأسيسية من تمثيل القوى السياسية والعمالية والليبرالية والكنسية ورغم ذلك تزعم «الجماعة» أنها ارتضت بالتوافق، فى حين أن التأمل للأسماء المائة سيجد أن أكثر من 90٪ منها من الإخوان أو من يدور فى عباءتهم وفلكهم.. فمن أين إذن جاء هذا التوافق، الذى يحدث أن «الجماعة» وحزبها السياسى تقول مالا تفعل، وتفعل مالا يرضاه كافة المصريين،وبالتالى فإن تشكيل الجمعية التأسيسية على هذا النحو، يتسبب فى وجود دستور تفصيل يرضي الإخوان وأتباعهم ولا يرضى به الشعب الذى قام بالثورة المباركة وطالب بدستور جديد للبلاد يحفظ هيبة الدولة وحقوق المواطن.. والذى فعلته «الجماعة» لا يختلف كثيراً عما كان يفعله الحزب الوطنى، عندما كان يضرب بإرادة الشعب عرض الحائط وينفرد بوضع كل شىء طبقاً لهواه!!.. فما أشبه الليلة بالبارحة!! الغضب العارم الذى ساد بين القوى السياسية فى البلاد، والثورة العارمة لدي جموع الشعب المصرى دليل قاطع على بطلان تشكيل الجمعية التأسيسية.. الاستقالات التى تقدم بها القلة التى تم اختيارها بالجمعية، دليل قاطع أيضاً على ضرورة وقف هذه المهزلة في لجنة المائة التى انفردت بها جماعة الإخوان، والأكرم لهذه الجماعة أن تعلن على الفور وقف هذه المهزلة التى ارتكبتها عن عمد مع سبق الإصرار والترصد.. فمن غير المقبول أو اللائق أن يتم وضع الدستور بلجنة مشكوك فيها أصلاً، وإلا فلا داعى إذن لتغيير أو تعديل الدستور من الأساس.. من غير المنطقى أن ينفرد البرلمان الذى يسيطر عليه الإخوان بوضع دستور البلاد، لأن ما يحدث هو فعلاً جريمة فى حق الوطن لا تغتفر لهذا البرلمان الغريب والعجيب، كما أنه إهدار متعمد لمطالب الثورة.. كما أن الأسماء التى تم اختيارها ليست بذات كفاءة حتى تقوم بوضع دستور البلاد. ليس من حق جماعة الإخوان أو أى فصيل سياسى أن يفرض وصايته على الوطن أو الثورة العظيمة التى قام بها الشعب المصرى، لأن تشكيل الجمعية التأسيسة بهذا الشكل يعد مخالفة صريحة جداً لكل المبادئ الدستورية، أو كما قال نادى القضاة إن الأمر يشبه تماماً المؤامرة ضد الوطن وضد الشعب المصرى.. لقد تم اقصاء جميع شرائح المجتمع المصرى من المشاركة فى وضع الدستور، مما يعنى أن هذا الدستور محكوم عليه مسبقاً بالإعدام قبل صدوره. الثورة العارمة التى سادت بين جموع الشعب المصرى، تقتضى فوراً إلغاء هذه الجمعية التأسيسية قبل أن تبدأ خطوات كتابة الدستور.. لأنه من غير المقبول أن يسلم الشعب لهذه الجمعية التأسيسية بأن تكون وصية على الشعب، وهو رافض لها فى الأصل.. أما المزاعم التىأطلقها سعد الكتاتنى رئيس البرلمان بأنه اختار التوافق، فهذا مردود عليه فى الأصل بأنه لا يجوز أصلاً لمجلس الشعب أن يكون ممثلاً فى الجمعة التأسيسية.. فالبرلمان متغير هذه الدورة لحزب الحرية والثانية لحزب الوفد مثلاً وهكذا.. أما الدستور فهو دائم ولا يجب إقصاء الشعب عن وضع الدستور.. الشعب كل الشعب بجميع طوائفه ومهنه وقواه السياسية والفكرية.. أما ما يحدث فهو المهزلة بعينها ولا وصف له بغير ذلك.