إطلاق دليل الحلول والممارسات الناجحة للاستثمار بمجال الطاقة المتجددة    «المحطات النووية» تعلن رسميًا بدء تركيب مصيدة قلب المفاعل بالضبعة    قائد كتيبة صواريخ سام 2 في حرب أكتوبر: استفدنا من دروس 1967 في تحقيق النصر    تداول 954 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    إزالة 6 حالات تعدٍ في حملة لإزالة التعديات بالبحيرة    «حياة كريمة».. محافظ سوهاج يبحث تشغيل المشروعات المنتهية قبل نهاية أكتوبر    بناء سردية محلية لانتقال عادل للطاقة.. دراسات متراكمة لبناء مقترح محلى    هاريس: الولايات المتحدة ستواصل «الضغط» على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار    «حصريات المصري».. استدعاء أمير توفيق.. ورفض صفقة جوميز في الزمالك    «جه ليه ومشي في أيه».. نجم الزمالك السابق ينتقد حسام حسن بسبب النني    «أمن الجيزة» يكشف ملابسات العثور على جثمان شاب ب«نيل الحوامدية»    «حضر موت عنتر» تعلق على أزمة «صبحي كابر»    اللواء مجدى علام: 6 أكتوبر كان اليوم المناسب لشن الحرب    أشرف زكي: اختيار إيناس عبد الدايم رئيسا شرفيا لمهرجان النقابة ويشارك به 25 عرضا    محافظ الإسماعيلية يستقبل رؤساء الوفود الأجنبية والعربية والمصرية المُشاركة بمهرجان الفنون الشعبية    تراجع 17 ألف جنيه.. «عز» تخفض أسعار حديد التسليح للمرة الثالثة    الصومال والولايات المتحدة يبحثان تعزيز جهود مكافحة الإرهاب    فكري صالح يطالب بإلغاء الترتيب بين حراس منتخب مصر    التعادل يحسم مباراة أستون فيلا ضد مان يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز    3 أبراج فلكية «الحظ هيلعب معاها» بعد 13 أكتوبر 2024    الصحة تطلق حملات وقائية للفحص والكشف المبكر وعلاج أمراض البلهارسيا والطفيليات    سوريا:غارة جوية إسرائيلية استهدفت 3 سيارات تحمل مواد طبية وإغاثية    إصابة سيدة وابنتها في انهيار حائط منزل ببني سويف    بسبب ركنة.. راقصة تستعين ببلطجية لتحطيم سيارات بالمقطم    خبير استراتيجي: الحق لا يرجع بالتفاوض فقط.. يجب وجود القوة    أحد أبطال حرب أكتوبر: القوات المسلحة انتهجت أسلوبا علميا في الإعداد لحرب أكتوبر المجيدة    أكاديمية البحث العلمي تعلن إنتاج أصناف جديدة من بعض الخضراوات    جلسة تصوير للتونسى محمد علي بن حمودة أحدث صفقات غزل المحلة.. صور    برفقة زوجها.. ريم سامي في أحدث ظهور والجمهور يغازلها    محمد ثروت: حرب أكتوبر نقطة فاصلة وتحول فى حياتنا كلنا كمصريين وأمة عربية    الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال دمَّر 611 مسجدا كلّيًا بغزة واقتحم الأقصى 262 مرة خلال عام    وسط حضور جماهيري كبير.. المركز القومي لثقافة الطفل يحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر    ضمن مبادرة «بداية».. مناقشات أدبية وورش للموهوبين في الرسم بطنطا    تذكار الميلاد الخامس والثمانين للأنبا رويس الأسقف العام    الأرصاد تكشف حالة الطقس في مصر غدا الاثنين 7 أكتوبر 2024    فيلم «الطريق إلى النصر» يكشف بطولات القوات المسلحة    القاهرة الإخبارية: الطواقم الإغاثية تمكنت من انتشال أكثر من 30 شهيدا من غزة    الحوار الوطني يُحيي ذكرى أبطال حرب أكتوبر المجيدة     مصدر من الإسماعيلي: مفاوضات مع النقاز وتراوري بسبب إيقاف القيد    استشاري تغذية: الأسس الغذائية للاعبي كرة القدم مفتاح الأداء الرياضي    الوادي الجديد.. تنظيم قافلة طبية لمدة يومين في قرية بولاق بمركز الخارجة    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 105 ملايين خدمة مجانية خلال 66 يوما    "39 صفقة ب 26 وكيل".. الكشف عن تفاصيل مكاملة أمير توفيق ومحمود الخطيب بسبب أزمة تصريحات قندوسي    دعاء الذنب المتكرر.. «اللهم عاملنا بما أنت أهله»    غرق طالبين وإنقاذ ثالث بأحد الشواطئ بالبرلس فى كفر الشيخ    الداخلية تقدم تسهيلات للحالات الإنسانية بالجوازات    اتحاد الكرة يحيي ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة ويهنئ الرئيس السيسي    قائمة أفضل بداية لمدربي برشلونة في القرن ال 21.. فليك رابعًا    إدارة الموسيقات العسكرية تشارك فى إقامة حفل لأطفال مؤسسة مستشفى سرطان 57357    "مزمار الشيطان في بيت رسول الله".. رمضان عبد المعز يوضح: ماذا رد النبي يوم النصر؟    ضبط 3 عصابات و167 سلاحا وتنفيذ 84 ألف حكم خلال يوم    متصلة: خطيبي بيغير من الشحات في الشارع؟.. وأمين الفتوى يرد    تشاهدون اليوم.. مواجهات قوية للمحترفين في الدوريات الأوروبية    «الإفتاء» توضح.. هل يجوز الأكل على ورق جرائد به آيات من القرآن؟    نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    رسميًا.. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك    الحياة المأساوية للنازحين من ذوي الإعاقة والأطفال في مخيم خان يونس    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة بحث عن «المغازية» فى «سوق العصر»
نشر في الوفد يوم 07 - 02 - 2018

تحقيق: إسلام أبوخطوة - تصوير: راجى ماجد - اشراف: نادية صبحى
الأهالى: المنطقة تغيرت.. وزمن «الشوم والنبوت» انتهى
الحاج زكى سيد المغازى: أنا عايش لوحدى.. وما أعرفش حاجة عن باقى العيلة
منزل «المغازى» الكبير لتحول ل«مقلب قمامة»
كيف تحولت حالة الترابط العائلى إلى ذكرى مستحيلة التكرار فى 60 عاماً؟
لا يزال الصراع مستمراً فى «سوق العصر»، كما كان منذ 20 عاماً، ليس بين الخير والشر فحسب، كما جسده المسلسل الشهير، الذى حمل الاسم نفسه من بطولة النجم أحمد عبدالعزيز، وعرض المسلسل للصراع مع رموز الفساد فى الدولة خلال الستينات، بل أصبح بين الرغبة فى الحياة والعمل وبين الاستسلام للديون بعد الأزمات الاقتصادية الطاحنة التى اجتاحت الأسواق.
«لا يدخل الجنة قاطع رحم».. جملة مكتوبة على لافتة معلقة على مدخل شارع «سوق العصر» بمنطقة السبتية، قرب ميدان التحرير، الذى لا يبعد عن كورنيش النيل سوى أمتار قليلة.
الشارع كان يتكدس بمال صناعة الشوم والعصى والنبوت، ومبان عتيقة مقامة على الطراز القديم، يقطنها عشرات يتجمعون فى كل مناسبة وسط الشوارع على مائدة واحدة لتناول الطعام.
هذه المشاهد اندثرت مع مرور السنوات، وتبدلت لمحلات تجارة الحديد وورش الصنفرة ومساكن يقطنها أناس جدد، البعض منهم أتى من محافظات الصعيد بحثاً عن الرزق، وآخرون من مناطق أخرى بالقاهرة والجيزة.
عائلة المغازية، التى تعدد الأشهر فى «سوق العصر» كما جسدها المسلسل لم يتبق منها فى المنطقة سوى أسرة «سيد المغازى»، الذى كان يعمل فى قطاع أمن الدولة وأبنائه صلاح وزكى وإبراهيم، وتوفى سيد منذ 15 عاماً، ليترك أبناءه فى منزل بسيط مكون من 4 طوابق فى «درب الملاحين».
وعن منزل عائلة المغازية، الذى احتضن جانباً من قيادات ثورة 23 يوليو، منهم الرئيس جمال عبدالناصر، والرئيس أنور السادات وعدد من الضباط الأحرار، منهم حسين الشافعى، وعبداللطيف البغدادى، فتحول هذا المنزل إلى أرض فضاء تملأها تلال من القمامة ويحاصرها سور لا يتجاوز طوله 3 أمتار، وباب حديدى متهالك مغلق بالسلاسل.
وبحسب روايات الأهالى المقيمين فى المنطقة، فقد اندثرت عائلة المغازية، ولم يتبق فى المنطقة سوى أبناء سيد المغازى.
وحول معلوماتهم عن العائلة، تبين أنهم لا يعرفون شيئا كونهم حديثى العهد فى المنطقة، وهذا ما عانت منه «الوفد» أثناء محاولتها الوصول إلى أى من المنتمين للعائلة المتبقية فى المنطقة.
أما عن شارع السوق، فتحول من محلات لصناعة «النبوت» إلى ورش حديدية ومع العمال تظهر ملامح مشاق الحياة ومتاعبها التى غيبت عن قلوبهم مشاعر المودة لتتحول اللافتة المعلقة على مدخل السوق حول «صلة الأرحام» إلى «حبر على صاج».
على جابر، حداد، يقطن فى درب الملاحين بسوق العصر منذ 20 عاماً، قال: إن المنطقة كانت منذ 30 عاماً عبارة عن محلات صناعة العصى والنبوت وذلك فى عصر كان يتواجد فيه ما يسمى ب«الفتوة» ولهذا كان نشاط بيع وتصنيع النبابيت مزدهراً ومع مرور الزمن واختفاء عصر الفتوات أغلقت هذه المحلات لتتحول إلى ورش لصناعة الحديد.
«لما كنت صغير، أبويا كان بيحكيلى عن الجو الأسرى».. يكمل على جابر حديثه موضحاً أن السوق فى زمن الفتوات كان يعمها الجو الأسرى بين الأهالى، ففى المناسبات كانوا يجتمعون ليتناولوا الطعام على «طبلية» واحدة ولا أحد يضع فى اعتباره أى خلافات شخصية.
وتابع: يا ريت الزمن القديم يرجع تانى.. الشارع كله كان أسرة واحدة، لما كنت صغير كنت بأحس أن أبناء الجيران إخواتى، ويشير صاحب الأربعين عاماً إلى أنه فى الوقت الحالى مع تغير الوجوه داخل المنطقة التى أصبحت ملاذاً لكل العاملين فى الحدادة، لا يتبقى سوى
أفراد بأعينهم من أبناء السوق القدامى، ولهذا بات كل فرد الآن لا يهمه سوى نفسه.
وعادت «الوفد» لتكمل جولتها داخل حوارى السوق الأشبه بالمتعرجة، وتبحث جاهدة عن أقدم عائلة فى المنطقة، وهى «المغازية» لتسرد القصة الكاملة لسوق العصر.
«مفيش حد بالاسم ده هنا».. بهذه الكلمات أجاب رامى جلال، صاحب ورشة حدادة، على سؤال «الوفد» عن مكان وجود عائلة «المغازية»، ليلتقط منه الحديث سامى شريف، صاحب مقهى، وقال: آه عائلة المغازية موجودة بس متفرقة، وأشار إلى أنه لم يتبق من العائلة فى سوق العصر سوى أبناء سيد المغازى فى درب الملاحين، أما عن منزل العائلة، فموجود أمام مسجد العلايلى أول مدخل سوق العصر.
وفى درب الملاحين وأمام منزل مكون من 4 طوابق تصدعت جدرانه بفعل عامل الزمن يقطن أبناء سيد المغازى، وهم: طارق وزكى وإبراهيم، وقد أغلقوا الباب الحديدى بالسلاسل، وكأنهم يريدون العزلة عن العالم الخارجى.
والتقت «الوفد» مع «زكى»، الذى يعمل سائق نقل، وقال إنه ولد فى سوق العصر وسط حشد كبير من عائلة المغازية فى منزلهم الكائن أمام مسجد العلايلى.
وبعد وفاة المغازى الكبير، تفرقت العائلة وأصبح كل فرد يعيش فى مكان غير الآخر، فوالده سيد المغازى اتخذ من هذا المنزل مكاناً للاستقرار، وكان طابقاً واحداً وبعد أن أنجب الأب أبناءه الثلاثة، بنى 3 طوابق أخرى ليكونوا فى مكان واحد، ويحاولوا جاهدين الحفاظ على الروابط الأسرية كما كنا عليه زمان.
حالياً أعيش لوحدى.. يكمل زكى المغازى حديثه، وقال: إنه بات منعزلاً عن العائلة والذى أصبح لا يعلم عنها شيئاً مطلقاً.
وعن شارع سوق العصر، أشار إلى أنه تبدلت معالمه 180 درجة مقارنة ب60 عاماً مضت حيث كان فى المناسبات المختلفة سواء رمضان أو الأعياد تجد صلة الأرحام هى المظهر الرئيسى بين الجيران، ولكن اليوم أصبحت المنازل تغلق بالسلاسل الحديدية خوفاً من السرقة والبلطجة وغيرهما من الحوادث التى تتكرر بين الوقت والآخر.
«يا ريت يرجع زمن الفتوات بدل العيشة دى».. كلمات بدأ بها إبراهيم على، صاحب ورشة حدادة حديثة، وقال إن والده كان يروى له كم كان سوق العصر يعيش فى رخاء، مشيراً إلى أن الأهالى قديماً كانوا يدفعون إتاوة للفتوة، ولكن رغم ذلك كانوا سعداء بحياة تعد أفضل بكثير من الأوضاع الحالية، التى يشوبها ارتفاع الأسعار والأزمات الاقتصادية الطاحنة.
وتابع: رغم كون نشاط تجارة الحديد يحقق مكاسب كثيرة فى الفترة الأخيرة، فإن حركة البيع والشراء ليست على ما يرام، نظراً لعجز كثير من المواطنين عن شراء الحديد فى الوقت الحالى.
ويشير صاحب الثلاثين عاماً إلى أن سوق العصر، الذى عرض فى المسلسل لا يختلف كثيراً عن حقيقة الماضى والحالى أيضاً.. فالماضى كان الصراع بين الفساد والأهالى، والوقت الحالى ساد الحقد والحسد والكره بين الناس.
راشد جمال، صاحب مقهى داخل سوق العصر، قال: إن يوم العاملين فى سوق العصر يبدأ من السابعة صباحاً، عندما يستهل أصحاب الورش باب الرزق ويجهزون العدة لبدء العمل وحينها تكون الساعة دقت التاسعة.
وهناك ورش أخرى تبدأ عملها بعد الساعة 3 عصراً، وهى التى تعمل ساعات متأخرة من الليل.
وعن ملامح تغير سوق العصر عبر الزمن، قال صاحب المقهى: إنه مقيم بالمنطقة منذ 30 عاماً، ووجد سوق العصر مكتظاً بمحال الحديد، وبحسب رواية والده له، فإن السوق كان مخصصاً لبيع الشوم والنبوت، فى زمن الفتوات، وكانت كل أسرة تشترى ما يكفيها من العصى والشوم للدفاع عن نفسها وقت اللزوم، بخلاف هذا الزمن الذى يتسلح فيه الأهالى بالبنادق الآلية والأسلحة البيضاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.