التداعيات الخطيرة لفضيحة رفع الحظر عن سفر المتهمين الأمريكيين فى قضية التمويل الأجنبى غير المشروع هزت ثقة المصريين فى أنفسهم وفى الثورة وفى القضاء وفى النظام السياسى الحاكم من مجلس عسكرى وحكومة، بعد اكتشافهم أن الفساد الذى عانوا منه طوال الثلاثين عاماً الماضية وقاموا بثورة 25 يناير للقضاء عليه تحور وأصبح أكثر توحشاً وعبث بشرف القضاء من باب السياسة وكشف أن المتاجرين بالمناصب والمتلهفين على تحقيق منافع دونية على حساب كرامة البلد مازالوا يتغلغلون فى مؤسسات الدولة ويتصدرون الكادر فى كل مناسبة «للرقص على جثة الوطن»، ولم يكن أمام مجلس الشعب لتضييق مساحة وصمة العار أدنى من استدعاء الدكتور كمال الجنزورى رئيس حكومة تركيع مصر ووزيرى العدل والتخطيط المستشار عادل عبدالحميد وفايزة أبوالنجا يوم الأحد القادم لمساءلتهم وتحديد المتسبب فى هذه الفضيحة والوقوف على حيثيات قرار السماح للمتهمين الأمريكيين بالسفر فى سابقة لم تحدث فى القضاء المصرى من قبل، كما انتفض نادى القضاة وطلب من مجلس القضاء الأعلى اجراء تحقيق عاجل فى هذه القضية وإعلان نتائجه على الرأى العام للحفاظ على الثوب الشفاف للقضاء المصرى. واحترام حق الشعب فى المعرفة والمشاركة فى القرار. لا يجب أن تمر هذه الجريمة بدون محاسبة للمتسببين فيها مهما كان شأنهم وسلطانهم.. هناك مسئولون حاولوا التوسط للإفراج عن المتهمين الأمريكيين والوصول إليهم والكشف عنهم ليس صعباً، واستبعادهم من مناصبهم وإحالتهم إلى المحاكمة لتخفيف آلام «القفا» المزدوج الذى نلناه من الجانب الأمريكى والجانب المصرى المتواطئ معهم، ان الولاياتالمتحدةالأمريكية لم ترسل المارينز للقيام بعملية عسكرية لتحرير رعاياها المحبوسين على ذمة قضية التمويل الأجنبى فى مصر، لكنها أفرجت عنهم بالتراضى والاتفاق، هناك بيننا من تواطأ مع المؤسسة الأمريكية لتهريب رعاياها المحبوسين رغم أنف القضاء المصرى ورغم أنف الدائرة التى كانت تنظر القضية وهى دائرة المستشار محمود شكرى، ومطلوب ان تستدعى هؤلاء المتواطئين وسؤالهم عن المقابل الذى حصلوا عليه من وراء ارتكاب هذا التصرف المهين، هل هو تصرف شخصى تم بالتواطؤ مع الجانب الأمريكى بمقابل؟ وهل وراءه ضغوط سياسية من المجلس العسكرى لتحسين صورته أمام أمريكا وتقوية مركزه، واستغلال هذا الموقف فى الانتخابات الرئاسية القادمة هل له علاقة بالفترة الانتقالية؟ هل الجنزورى وأبوالنجا وراء وصلة التركيع؟ هل كنا نريد التخلص من التبعية الأمريكية وما قدرناش نكمل وارتكبنا هذه الحماقة التى مرمطتنا فى الوحل؟ هل.. وهل.. وهل؟ قال الدكتور سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب، لا يمكن انهاء هذه القضية بقرار سياسى، ولن نسمح لكائن من كان أن يمس سيادة البلاد ومؤسساتها، ونحن مع الدكتور سعد الكتاتنى نرفض تدخل السياسة فى شئون القضاء ونصر على استقلال القضاء ونقاء ثوبه وننتظر منه أن يطهر نفسه ممن يراهم ليسوا محل ثقة فى أن يجلسوا على المنصة لتقرير مصائر العباد وتوصيل العدالة الناجزة إليهم، إذا كان القضاء فى حاجة إلى إعادة هيكلة فلابد من القيام بها، ولابد أيضاً من اصدار قانون السلطة القضائية الجديد الذى يدعم استقلال القضاء وهيبته. إن المذكرة التى سيقدمها المستشار محمود شكرى رئيس المحكمة التى كانت تنظر قضية التمويل الأجنبى إلى المستشار حسام الغريانى رئيس مجلس القضاء الأعلى بأسباب تنحيه مع زملائه عن نظر القضية سوف تكشف مفاجآت خطيرة تؤدى الى كشف العابثين والمتواطئين كما ستكشف عن محاولات التدخل فى قرار المحكمة لرفع الحظر عن سفر المتهمين، وعندما فشلت هذه المحاولات تم اللجوء إلى وسيلة أخرى لتحقيق طلب السيد الأمريكى عن طريق العبث فى تكييف القضية من جناية إلى جنحة. وأقول للقاضيين النزيهين أشرف العشماوى وسامح أبوزيد ان جهودكما فى تحقيق هذه القضية وتنبيهكما الى الخطر الذى يهدد مصر من وراء تدفق هذه الأموال القذرة من الخارج لن تضيع هباء، فجهودكما طوق يزين رقبة كل مصرى غيور على وطنه، وأقول للمتواطئين الذين أعماهم متاع الدنيا إن العدالة معصوبة العينين، والقضاء المصرى لن يكون سلعة تباع وتشترى، اختاروا مكانكم بعيداً عن منازل الشرفاء وستدفعون ثمن الخيانة!.