تظهر كلمات قادة الإخوان المسلمين حفاوة بالغة بالنموذج التركي في الحكم.. بينما تبطن أفعالهم عشقا بالغاً وافتتاناً بالنموذج الإيراني.. إشارة إلي تركيا تثير التفاؤل لدي المصريين لما للنموذج التركي من نجاح ماثل في أذهان الجميع وتمتع بدرجة من الرخاء والقوة واحترام العالم وثقته.. وعين علي إيران التي يحكمها آيات الله بقوة المرجعية الدينية والفتاوي وقبضة الكلمات المقدسة. خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة أعاد قبل أيام تجديد تصريحات «عين علي النموذج التركي» في حواره إلي صحيفة لوفيجارو الفرنسية.. وتناسي هتاف الإخوان أردوغان ضد عقب تصريحه بأن «تركيا علمانية» في القاهرة. الشاطر ورفاقه «آيات مكتب الإرشاد» يخاطبون الغرب بلسان تركي بينما يتجهون لفرض حكم بعصا إيرانية في مصر. سلوك الجماعة السياسي عقب الثورة يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن حديث الإخوان عن النموذج التركي مجرد لغو وتصريحات تطمينية ورسالة موجهة للغرب ولمعارضيهم في مصر. كما أثبتت أن أعينهم علي النموذج الإيراني لحكم مصر وليس النموذج التركي. أسلوب التقية وإخفاء عكس ما يبطنون هو المنهج الذي تتبعه جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها علي يد مؤسسها الأول الشيخ حسن البنا، ولذلك جاءت جميع تصريحات قادة الإخوان بأن أعينهم علي النموذج التركي ليخفوا عكس ما يبطنون وهي أن أعينهم علي النموذج الإيراني. أربعة متشابهات تجمع بين النموذج الإيراني وبين الممارسة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين تعزز فكرة تطبيق الإخوان للنموذج الإيراني، وتنفي في الوقت نفسه تصريحات قادة الإخوان بأن أعينهم علي النموذج التركي. أول تلك المتشابهات هي ولاية الفقيه التي تحكم إيران منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 وإسقاط شاه إيران وتولي الخوميني قيادة البلاد تحت اسم المرشد الأعلي للثورة وإعطائه صلاحيات تتجاوز صلاحيات رئيس إيران نفسه، حيث أن الفقيه في إيران هو الذي يعطي القرارات للرئيس وهو الذي يرأس الجيش والشرطة القضاء وتكون جميع السلطات في يديه. وهو الذي يزكي أحد المرشحين لرئاسة الجمهورية لتولي المنصب. كما أن سلطاته تتعدي رئيس البرلمان، وهو المنصب الذي يحتله حالياً الولي الفقيه آية الله خامئني الذي دعم أحمدي نجاد لرئاسة إيران عندما كان ينافسه علي منصب الرئاسة هاشمي رفسنجاني، وهو ما وضح جلياً عندما أعلن آية الله علي خامئني ترحيبه بانتخاب نجاد أمام مجمع تشخيص مصلحة النظام ورئيس مجلس الخبراء، وهما الهيئتان المتشابهتان إلي حد كبير مع مكتب إرشاد جماعة الإخوان ومجلس شوري الجماعة، كما يشبه نظام الحكم في إيران نظام الحكم الذي تريده جماعة الإخوان، حيث يوجد مرشد جماعة الإخوان المسلمين وهو الدكتور محمد بديع وهو المرشد الذي لا يستطيع أحد مخالفة أوامره داخل الجماعة حيث تعتمد الجماعة علي مبدأ السمع والطاعة في المكره والمنشط لأوامر المرشد العام منذ عهد البنا حتي عهد بديع، وهو الأمر الذي يمثل تكراراً لنموذج الحكم في إيران حيث يحكم الدولة الولي الفقيه وهو المرجعية السياسية والدينية للحكم وذلك مع وجود رئيس للدولة وهو أحمدي نجاد، وهو الأمر المتوقع حدوثه في حالة حدوث الانتخابات الرئاسية ووجود رئيس لمصر، حيث سيمثل المرشد العام لجماعة الإخوان المرجعية السياسية والدينية للرئيس المنتخب، وهو ما صرح به من قبل محمد مهدي عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان حين قال إن «مرشد الإخوان أهم من الرئيس».. وهو ما يعزز فكرة تطبيق الإخوان للنظام الإيراني مع اختلاف العقيدة بين إيران ومصر حيث أن المرجعية الدينية في إيران هي المرجعية الشيعية بينما تمثل المرجعية الدينية للإخوان هي المرجعية السنية. أما ثاني المتشابهات بين النظام الإيراني والإخوان، هي وجود الحزب والجماعة عند جماعة الإخوان وهو نفس النموذج الإيراني، حيث أسست جماعة الإخوان المسلمين حزب الحرية والعدالة ليكون الذراع السياسية للجماعة، وهو الحزب الذي يتبع في جميع قراراته وممارسته السياسية لمكتب ارشاد الجماعة والمرشد العام، وهو نفس الأمر الموجود في النظام الإيراني حيث يرأس الدولة أحمدي نجاد في ظل وجود الحوزة العلمية في مدينة قم وهي حاضنة المرجعيات التي يرأسها المرشد الأعلي. ثالث أنماط التشابه بين الإخوان والنظام الإيراني هو الممارسة الاقتصادية المبنية عند كليهما علي التحليل والتحريم واتفاق كل منهما علي اتباع النظام الرأسمالي الإسلامي حيث يحرم الولي الفقيه في إيران الخمور وسباحة العري وغيرها من الأمور التي تشغل بال قيادات الجماعة منذ سقوط النظام ووصولها للحكم في مصر. رابع المتشابهات بين الإخوان وآيات الله، نظرتهم للمؤسسة العسكرية ودورها في حماية النظام وليس الوطن فالجماعة تسعي لأسلمة الجيش وزرع عدد كبير من أعضاء الجماعة العاملين في مناصب قيادية بالجيش، كما أن التنسيق الشديد بدا واضحا بين قيادات الجيش وقيادات الجماعة حتي من قبل صيانة الإعلان الدستوري والاتفاق علي مسار الانتقال الديمقراطي ومشاكل الدولة، فيما يشبه عملية تحول جنرالات الشاه إلي جنرالات روح الله في إيران عقب الثورة واتساع عملية إطلاق اللحي بين الضباط فيما يفصل الأتراك بين السلطة التنفيذية المنتخبة وسلطة المؤسسة العسكرية فيتوفر لها تنوع المرجعية بين علمانية للجيش وإسلامية للحكومة. نجد أن قيادات الجيش في مصر فشلت في تمرير وثيقة مدنية الدولة نزولاً علي رغبة التيار الديني وعلي رأسه الإخوان. من جانبه أكد نبيل زكي الكاتب والمفكر السياسي أن جماعة الإخوان أبعد ما تكون عن النظام التركي القائم علي العلمانية وفصل الدين عن الدولة، والذي سمح بوصول حزب سياسي له مرجعية دينية مثل حزب العدالة والتنمية لحكم البلاد مشيرا إلي أن جماعة الإخوان تتشبه بالنظام الإيراني الذي يقوم علي تنصيب الولي الفقيه الذي يملك جميع السلطات والذي يستطيع إلغاء قرارات رئيس الجمهورية ويتولي ويرأس جميع السلطات. ولفت «زكي» إلي أن محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين صرح عقب حصول حزب الحرية والعدالة علي 47٪ من مقاعد البرلمان بأن الإخوان يسيرون علي طريقة إقامة دولة الخلافة وأن الجماعة بحصولها علي الأغلبية في البرلمان حصلت علي تكليف إلهي وهو ما يعني أنهم يمثلون الله في الأرض وهو نفس الفكر الذي يتبناه النظام الشيعي في إيران حيث أن آيات الله يعتقدون أنهم معلنون من الله بإقامة العدل في الأرض. ولفت «زكي» إلي أن جمعة قندهار التي نظمها الإسلاميون في 29 يوليو الماضي، ثم توزيع كتيب بها يحمل عنوان «الدستور الإسلامي» أولي مواده تنص علي تسمية رئيس جمهورية مصر العربية بوصف «الإمام» وهو ما يعادل «المرشد الأعلي» في إيران، يؤكد ان طموح جماعة الإخوان هو أن يصبح المرشد العام للجماعة رئيس جميع الدول العربية بعد تفجير الثورات بها لتطيح بحاكمها ووصول الجماعة للحكم. أما عبدالغفار شكر القيادي بحزب التحالف الشيعي الاشتراكي فأكد أن الإخوان لن يستطيعوا تطبيق النظام التركي، حيث أن تركيا استطاعت أن تتخلص من جذورها الإسلامية منذ عام 1922 وتتبني العلمانية وتفصل الدين عن الدولة. أما النظام الإيراني فقائم علي ثورة قامت بها جماعات دينية من مراجع الشيعة وطلاب الحوزة العلمية وغيرهم، ويسيطر الولي الفقيه علي جميع سلطات الدولة في إيران وهو نفس التشابه الموجود عند جماعة الإخوان المسلمين التي لم تفصل العمل الدعوي عن العمل السياسي حتي الآن، وأوضح أن جماعة الإخوان المسلمين تصر علي عدم التحول حتي الآن لجماعة دعوية فقط رغم تأسيس حزبها السياسي ولذلك فإن النموذج الإيراني هو الأقرب عند الإخوان من النموذج التركي الذي يتنافي مع أفكار ومبادئ جماعة الإخوان المسلمين. رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات السياسية يري أن الإخوان لا يمتلكون مشروعاً سياسياً حتي الآن، حيث أنهم خليط من الأفكار الرأسمالية والإسلامية، كما أن أدبيات الإخوان ومفكريهم يعتبرون جسدا بلا عقل سياسي، وهو ما يظهر في بعض مفكريهم مثل عبدالرحمن البر عضو مكتب الإرشاد ومفتي الجماعة الذي يحمل خطابه الوعظ أكثر مما يحمل من رؤية سياسية. وأشار «رفعت» إلي أن تجربة الإخوان العريضة في المعارضة. والسجون لم تسمح لهم بتشكيل رؤية مشروع إسلامي مستقل بل إنهم لا يملكون رؤية المشروع التركي وجرأة المشروع الإيراني، فالمشروع التركي يجمع بين ازدواجية العلمانية والحكومة ذات المرجعية الإسلامية المعتدلة والرؤية الإيرانية استطاعت أن تحكم البلاد لمدة تزيد علي 40 عاماً يعكس جماعة الإخوان الذين لن يستطيعوا حكم مصر لمدة يوم واحد.