مر على أزمة نقص السكر وارتفاع أسعاره نحو شهرين، عانى فيهما ولازال الشعب المصري من عدم توافر السلعة الأساسية تموينيًا وفي السوق الحر، في وقت وقفت فيه الحكومة عاجزة كثيرًا عن حل الأزمة، أو البدء حتى في وضع وطرح حلول مبدئية لها. "رفع السعر" وحمل، أمس الثلاثاء، قرارًا حكوميًا جديدًا على طريق الاصلاح والحل، خرج من قبل وزير التموين والتجارة الداخلية، اللواء محمد مصيلحي، برفع سعر السكر على البطاقة التموينية ونقاط الخبز إلى 7 جنيهات بدلًا من 5 جنيهات ليكون موحدًا مع سعر التوريد للقطاع الخاص. وينص القرار على أن تستمر الشركة القابضة للصناعات الغذائية في ضخ السكر للشركات الغذائية والدوائية والسلاسل التجارية والمحافظات بسعر 7 جنيهات للسكر الحر وكذلك سكر البطاقات ونقاط الخبز ب 7 جنيهات. "أسباب الرفع" وبرر وزير التموين، قرار رفع سعر السكر التمويني، قائلًا: "اضطررنا لرفع السعر حتى نستطيع تغطية كافة أوجه الاستهلاك في السوق، خاصة مع امتناع القطاع الخاص عن الاستيراد، ومنعًا لوقوع أي أزمات في الشارع المصري". وأشار إلى أن الوزارة تواصل جهودها لتموين مخزون استراتيجي من السكر وجميع السلع الأساسية لمدة 6 أشهر تنفيذًا لتعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسي، مؤكدًا أن السكر مازال مدعوما من الدولة لأن تكلفته الفعلية أعلى من 7 جنيهات. وهو ما أكده أحمد كمال، معاون وزير التموين والتجارة الداخلية، بإن القرار جاء بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للسكر، مؤكدًا أن وجود أي سعرين لسلعة يخلق فرصة لبيعها بالسوق السوداء، ويزيد من حدة التلاعب بالأسعار، وزيادته ستضع حدًا لذلك. وأضاف في مداخلة هاتفية له ببرنامج "الحياة اليوم": "هذا القرار سيؤدي إلى ضخ أكبر كمية ممكنة من السكر بمنافذ البيع الحر، حيث تم خلال الفترة الماضية رصد شكاوى كثيرة من عدم بيع السكر إلا لأصحاب البطاقات التموينية". "هل تحل الأزمة" للقرار جانبان إحداهما سلبي والآخر إيجابي، وفقًا لخبراء الاقتصاد الذين أكدوا أن القرار يعمل على ضبط سعر السلعة في السوق ويضرب السوق السوداء، وفي الوقت نفسه يزيد أعباء المواطن بسبب تقليل الدعم عن سعر السكر. "ضبط السوق" يقول الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، أن القرار بالفعل يضبط السوق ويحدد مقدار للسلعة متعارف عليه لا يمكن تجاوزه، أو استغلال رخص سعر السكر التمويني عن الحر، ولكنه في نفس الوقت لا ينهي الأزمة التي تكمن في نقص كميات السكر بشكل عام في الأسواق، ونفاد المخزون الاستراتيجي للحكومة. ويوضح في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد" أن الحكومة رغم إيجابية القرار إلا أنها تناست أنه يقلل نسبة الدعم الموجهة للمواطن في تلك السلعة، وهو ما يمكن ألا يتحمله في النهاية لكونه يجد أن حل ارتفاع الأسعار للسلع الحرة في اللجوء للسلع التموينية. ويشير إلى أن القرار سيعمل على ترشيد استهلاك السكر أيضًا، بعد غلاء سعر التمويني ومساوته بالحر، ما يدفع المواطن إلى تقليل حاجته منه، ويؤدي إلى نقص الطلب عليه في السوق العامة. "أعباء اقتصادية" ويرى الدكتور وائل النحاس، خبير الاقتصاد وأسواق المال، أن القرار في مجمله يعد ضربة قوية للسوق السوداء والمحتكرين، ويغلق الباب أمام مستغلين انخفاض سعر السكر التمويني في شراء كميات كبيرة منه وبيعها في السوق بأسعار أغلى والمتجارة فيه. ويضيف: "ولكن في الوقت ذاته فإن المواطن لن يتحمل زيادة 2 جنيه في سعر السكر التمويني، فضلًا عن أن البطاقة التموينية تفعلّها وزارة التموين لتخفيض بعض أسعار السلع بنسب محددة على المواطن البسيط، وفي حال زيادتها تصبح البطاقة بدون أي مميزات وتساوت أسعار السلع بها مع السوق الحر". ويؤكد في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن الحكومة ساهمت في تأجيج الأزمة لعدم ضبطها السوق الحرة من البداية، وعدم وجود رقابة تموينية مشددة على المحال التجارية والسوق الحرة.