محمد بوعزيزي، شاب تونسي حاصل علي مؤهل عال فشل في الحصول علي فرصة عمل مناسبة، فقام ببيع الخضراوات علي عربة صغيرة لكنه لم يسلم من الشرطة التونسية، التي اعتادت مطاردته ومصادرة بضائعه وكأنها تستكثر عليه عربة الخضراوات التي بتكسب منها قوت يومه، قبل ان ينتهي الأمر بمصادرة عربته بما عليها من بضاعة، فأضرم البوعزيزي النار في نفسه يأساً وكفراً بحكام وطنه ومسئوليه دون أن يدرك انه بألسنة اللهب التي أحرقته أشعل ثورة هي الأهم والأكبر في تاريخ بلده. أمثال بوعزيزي في مصر كثيرون، »5« ملايين بائع متجول علي الأقل بحسب الاحصائيات الرسمية وهؤلاء يفترشون بضائعهم البسيطة في مختلف الميادين والشوارع الرئيسية والأسواق بمحافظات مصر. »الوفد الأسبوعي« التقي ال»بوعزيزيين« المصريين، وتحدث معهم حول عملهم وبضائعهم ومضايقات الشرطة، وأشياء أخري تقرأها في السطور القادمة. رامي السيد شاب حاصل علي ليسانس حقوق في الثلاثين من عمره، ويعمل بائعاً متجولاً في ميدان العتبة منذ خمس سنوات بعد أن فشل في الحصول علي وظيفة مناسبة بمؤهله فلجأ الي افتراش ميدان العتبة ببضائع بسيطة تعينه علي الوفاء بمتطلبات الحياة الأساسية. رامي يؤكد أن المشكلات التي يتعرض لها الباعة الجائلون تجعلهم قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة، خاصة وأن مطاردات الشرطة والبلدية لهم مستمرة، دون أي مراعاة لظروفهم خاصة وأن هذه الأيام تشهد ركوداً كبيراً في حركة البيع والشراء. ويتساءل رامي: ماذا نفعل لنكسب قوتنا بالحلال.. هل نسرق ليتركنا رجال الشرطة والبلدية في حالنا؟! يلتقط الكلام سيد رمضان، من أسيوط، حاصل علي دبلوم صنايع مؤكداً علي مطاردة الشرطة ويضيف ان البائع صاحب الخط السيئ وهو الذي تقع بضاعته في يد »البلدية« لينطبق عليه المثل الشهير »موت وخراب ديار« بحسب تأكيده، لأن البضاعة المصادرة في هذه الحالات لا تعود، مما يتسبب في خسارة كبيرة للبائع خاصة وأنه مطالب بسداد أقساط البضاعة التي تصبح عبئاً عليه بعد استيلاء »البلدية« عليها. أنا سامي عبدالناصر الحاصل علي بكالوريوس تجارة والذي يعمل مع أشقائه الأربعة علي »فرشة واحدة« تعتبر هي مصدر دخلهم الوحيد فيؤكد انه مازال يبحث عن وظيفة مناسبة. رمضان فهمي نسي ليسانس الحقوق الذي حصل عليه قبل سنوات ولم يعد يهتم بكارنيه النقابة الذي استخرجه بلا فائدة، وعمل بائعاً، للشنط الحريمي وكما لم يفرق سوء الادارة والتجاهل الحكومي بينه وبين غيره من أبناء الطبقة الوسطي ممن لا ظهر لهم، لم تفرق البلدية أيضاً بينه وبين غيره من الباعة »السريحة« بل انها تعامله ك»مجرم« علي حد تعبيره، علي الرغم من انه لم يأخذ أموال البنوك ويهرب للخارج. أما ياسر سعدة ثانوية عامة فلم يستطع ان يستكمل تعليمه بسبب مسئوليته عن البيت ومتطلباته التي لا تنتهي علي حسب تعبيره وأقصي طموحات ياسر أن يحصل علي »كشك« من المحافظة لتقنين وضعه بدلاً من مسلسل المعاناة اليومي مع كل من يملك سلطة ولو بسيطة ليجد نفسه محارباً في رزقه القليل من كل الجهات ويؤكد ياسر ان الشرطة تعاملهم كمواطنين درجة ثانية مما يجعلهم قابلين للانفجار في أي وقت علي طريقة ال »بوعزيزي« التونسي. ويؤكد سيد عبدالله، حاصل علي بكالوريوس تجارة أنه يتعرض للابتزاز يومياً، حيث يتم تحصيل »أرضية« يومية منه نظير وضع بضاعته علي الأرض تتراوح ما بين »30« و»50« جنيهاً حسب الموقع بخلاف »إتاوات« أمناء الشرطة، فكل أمين شرطة يريد عشرة جنيهات مقابل تركنا وعدم مضايقتنا بحسب تأكيده«. يحذر محمود علي، بائع شاي في ميدان العتبة من الملايين من أمثال »بوعزيزي« من باعة الشوارع الذين أكد انهم علي وشك الانفجار أو »الاشتعال« علي الطريقة التونسية، وفلسفته في ذلك المثل الشعبي الذي يقول »الجاي علي قوتي ناوي علي موتي«. أما أحمد سالم، دبلوم صنايع من بني سويف ويعمل بائعاً بشارع الأزهر: فيطالب المسئولين بالنظر اليهم بعين الاعتبار حتي لا تحدث ثورة بسبب البطالة التي أصبحت لسان حال الشباب المصري.