رأت صحيفة "إندبندنت" البريطانية أن روسيا تعيش حاليا أزمة حقيقية بعد المظاهرات العارمة التى شهدتها البلاد فى الأيام الماضية اعتراضا على نتائج الانتخابات. وقالت الصحيفة إن اهتمام الشباب من الطبقة الوسطى بالسياسة، أمر جديد على الساحة الروسية ويؤشر إلى مرحلة سياسية جديدة فى روسيا، وهو ما أصبح يمثل مشكلة كبيرة للكرملين. وأضافت أن " فلاديمير بوتين" رئيس الوزراء الروسى الحالى، نجح فى إجراء مناورة سياسية عام 2008، عندما تخلى عن رئاسة البلاد وسلم الراية ل "ديمترى مدفيديف" وظل هو الذى يدير الأمور بشكل مستتر، بينما جلس "ميدفيديف" على مقعد الرئاسة كواجهة فقط. ومرة أخرى ، يسعى "بوتين" للعودة لمقعد الرئاسة فى الانتخابات المقررة فى مارس المقبل . إلا أن الظروف هذه المرة تختلف اختلافا كبيرا عما كانت عليه فى عام 2008 . فقد خرج الشباب الروسى الى الشوارع فى مظاهرات حاشدة اعتراضا على نتائج الانتخابات البرلمانية التى أجريت منذ أيام، وفاز فيه حزب "بوتين" روسيا الموحدة بنسبة 50% من الأصوات. واتهمت المعارضة الروسية حكومة "بوتين" بتزوير الانتخابات وارتكاب مخالفات فى العملية الانتخابية. وتدهورت الأوضاع فى البلاد بسبب الاحتجاجات واتهم "بوتين" الغرب بإشعال الوضع فى روسيا. وقالت الصحيفة، إنه منذ أن أعلن "بوتين" فى سبتمبر الماضى عن نيته العودة الى مقعد الرئاسة، تغير المزاج الروسى، وظهر ذلك فى أكثر من مناسبة ، كان آخرها الانتخابات. فقد أكد العديد من الناخبين الروس أنهم أجبروا على التصويت لصالح حزب "روسيا الموحدة". ولأول مرة يلجأ الشباب الروسى إلى مواقع "الفيسبوك" و"تويتر"، للدعوة إلى المظاهرات كما حدث فى بلدان الربيع العربى. وأشارت الصحيفة الى أن الحكومة الروسية، أصابها الذهول من عدد المتظاهرين وانتشار المظاهرات فى أنحاء البلاد، فلم تكن الحكومة تتوقع أن يندفع الشباب بهذه الصورة إلى الشوارع . فقد خرج أكثر من 30 ألف متظاهر يوم السبت الماضى الى الشوارع بينما كانت الحكومة تعد نفسها لمواجهة 200 متظاهر فقط وهو ما فاجأ قوات الأمن التى انتشرت فى شوارع موسكو بكثافة . واكدت الصحيفة ان "بوتين" يمكن أن يكسب انتخابات الرئاسة القادمة بكل سهولة ، ولكن ذلك لا يعنى سوى مزيد من الغضب والاحتجاجات والخيارات الصعبة أمام الحكومة. وتساءلت الصحيفة عما إذا كان الكرملين سيسمح بمزيد من الانفتاح فى العملية السياسية وتوجيه النقد إلى "بوتين" ومعاونيه ؟! أم إنه سيلجأ الى مزيد من القمع والعنف تجاه المعارضين والنشطاء. من المؤكد ان كلا الخيارين صعب، لكن الشىء المؤكد أيضا، هو أن روسيا تتجه نحو مرحلة سياسية جديدة.