العيد عند الأطفال.. ضحك ولعب وحب ومرح.. وعند الرجال صلاة وزيارات ولقاءات عائلية.. ولكنه عند المرأة حاجة ثالثة خاااالص. فلأن حواء هي وزيرة مالية الأسرة فإن العيد عندها أشبه بحرب، وقرار الحرب يحتاج لتوازنات وحسابات وجمع وطرح وضرب وقسمة وتباديل وتوافيق. ومع اشتعال أسعار اللحوم ازدادت سخونة الحرب التي ستخوضها ربات البيوت مع لحمة العيد والمفاجأة اننا اكتشفنا ان »الستات« جاهزات للحمة العيد بأكثر من استراتيجية وسيناريو. عادة ما تخترق الشارع الضيق في ذهابها وإيابها ومطلقا لم تفكر في المرور من الشارع الرئيسي، والسبب الرغبة في اختصار المسافة أو تجنب بعض العيون الا أن »أحلام عبده« اعتادت الشارع الضيق منذ فترة تحاشيا المرور أمام كتل اللحم التي يضمها بشموخ محل الجزارة القابع في أول الشارع العمومي.. منظر اللحوم أصبح يصيبها بالانزعاج ويذكرها بضيق ذات اليد. لن تجازف مهما بدا الأمر عصيباً إذا لم تشتر لحماً هذا العيد، فالمقارنة عابثة بين اللافتات المغروسة وسط قطع اللحم والتي تدل علي ان سعر الكيلو تجاوز 60 جنيها وبين معاش زوجها الذي لا يتعدي 162 جنيها. بنظرة أسي شابها التعود قالت أحلام: »نعتمد بصفة أساسية علي لحم الأضاحي الذي يوزعه الأغنياء علينا، ففكرة شراء كيلو لحم تعني المجازفة بنصف معاش زوجها«. ثلاثة أو أربعة »أكياس«، نصيبها مع أبنائها الثلاثة من لحم الأضحية، بالطبع لا يأكلونها »سوي مرة واحدة في العيد« كما تؤكد ولكن تقسمها أحلام، ليأكلوا منها كل أسبوع أو أسبوعين »حتي لا ننسي طعم اللحمة والعيال تنبسط«. في انتظار لحم الأضاحي تركت »أحلام« تصارع واقعها والتقيت بسيدة أخري.. بددت مترددة، تلعثمت كلماتها عندما سألتها عما إذا كانت ستشتري لحومًا أم لا هذا العيد، صحيح ان لديها طفلاً واحدًا فقط الا ان كوثر عبدالسلام لن تستطيع شراء »اللحمة« في ظل هذا الغلاء »الجنوني« كما وصفت. بعد صمت أعلنتها صراحة نحن لا نشتري لحماً بل ننتظر لنأكل لحم الأضاحي، ربنا بيبعت للغلابة اللي علي باب الله.. ليست »كوثر« فقط التي تنتظر الأضاحي ولكن هناك العديد من سيدات حارتها يتطابقن معها في نفس المسلك »هو في حد لاقي »استراتيجية« كلنا بقينا فقراء والأغنياء شوية صغيرين هما اللي واكلين البلد«. »بكميات قليلة جدا، هكذا لخصت صباح موسي الاستراتيجية الثرائية التي ستنتهجها هذا العيد، ثم أردفت: »لا يمكن ان يقبل أولادي مرور العيد بدون شراء لحوم مهما كان سعرها«. تؤكد صباح أنها ستكتفي بشراء كيلو للحم الأحمر لتناوله أول أيام العيد أما باقي الأيام »فالدجاج والأسماك كفيلان بها«. المجازفة التي لابد منها شراء اثنين كيلو لحمة اعتبرته سعاد محمد مجازفة كبيرة لكنها ستقدم عليها »لازم نأكل لحمة امال هو اسمه عيد أضحي ليه؟«. ستتخلي سعاد عن ملابس العيد لأطفالها من أجل شراء اللحم، ففرحة أطفالها باللحم أصبحت أكبر من أي شيء آخر. اللحوم المجمدة هو الحل »أمينة محمد«.. لا تجد في شراء اللحم المجمد »المستورد« ما يضيرها، فهي »تطهوه بطريقة جيدة وتجعل طعمه مثل البلدي بالضبط. كما تؤكد انخفاض سعر المجمد مقارنة بالبلدي هو ما يجبر أمينة علي شرائه خاصة في العيد الذي يحتاج إلي كميات كبيرة من اللحوم حتي تشعر هي وأسرتها بفرحة العيد.