رأت صحيفة " واشنطن بوست" الأميركية أن التحدى القادم أمام المتظاهرين فى مصر، هو صياغة دستور جيد يضمن الحريات والحقوق، باعتباره الخطوة الفعلية الأولى على طريق الديمقراطية، ليس في مصر فحسب بل في كلّ دول الربيع العربي التي تحتاج إلى مواثيق تحترم الحريات وحقوق الإنسان. وقال الكاتب المعروف "ديفيد اجناتيوس" فى مقال بالصحيفة تحت عنوان "التحدى القادم أمام المتظاهرين فى الشرق الأوسط" إن المواطن العربي سئم من نصائح الغرب التي لم تنتج سوى الكوارث. وبدأ الكاتب مقاله بالقول إن التليفون المحمول هذا الجهاز الصغير، كان كلمة السر في بداية الثورات العربية وهو الذى جمع الملايين فى الميادين، وأن الكاميرات الموجودة بتلك الآلة الصغيرة هى التى وثقت العنف الذى مارسته الأنظمة الديكتاتورية فى هذه البلدان، وهى التى تسببت فى وضعهم فى السجون أمام المساءلة القانونية كما هو الحال بالنسبة للرئيس المصرى السابق "حسنى مبارك". وتساءل "اجناتيوس" لكن ماذا سيفعل التليفون المحمول أمام ديكتاتورية الأغلبية فى البرلمانات، أو أمام أحزاب دينية ديكتاتورية على حد وصف الكاتب، ومن سيضمن حقوق الأفراد المتظاهرين فى الشوارع. وأضاف:"بالطبع إن التحدى المهم أمام الشعوب العربية انطلاقا من سوريا إلى تونس هو الدستور الذى يضمن الحقوق والحريات، فعندما نتحدث عن الديمقراطية والحريات ومواجهة الأنظمة البوليسية، لابد أن تكون هناك ضمانات للأفراد فى الدساتير". وأكد الكاتب أن كل دول العالم التى شهدت ثورات شعبية ضد الأنظمة الإستبدادية، وضعت الدستور على رأس أولوياتها، ففى أمريكا على سبيل المثال، كان هناك حرص منذ قيام الثورة أن يتم وضع دستور يضمن فى مواده ومبادئه الأولى عشر مبادئ لضمان الحريات الأساسية ومنها حرية(الحديث) الرأى والعقيدة والتجمع وإنشاء الجمعيات وسيادة القانون، ويطلق عليها الأمريكيون وثيقة الحقوق. وفى عام 1689 وضع البريطانيون لأنفسهم دستورا يضمن الحريات والحقوق. ولكن الكاتب الأمريكى كان واضحا وصريحا عندما قال إن العالم العربى عليه أن يتعلم الدرس، بعد فشل نموذج الديمقراطة الأنجلو- ساكسونى فى العراق، فلابد أن ينبع الدستور من قناعات داخلية ولا يجب أن يكون هناك أى تدخل حتى بالنصح من الغرب، كما أن الأهم ليس فى صياغة دساتير ومواد جيدة تضمن الحقوق، ولكن المهم فى ضمان التطبيق الفعلى لهذه المواد. والدليل أن الحكام الطغاة العرب، كان لديهم دساتير بها العديد من النصوص الممتازة التى تضمن الحقوق والحريات، ولكنهم كانوا يضربون بها عرض الحائط، ويمارسون القمع. ونقل الكاتب عن الدكتور "محمد البرادعي" المرشح المحتمل للرئاسة قوله "إنّ الشعب المصري بحاجة إلى صياغة مجموعة قوانين ضامنة للحقوق الشخصية، لا يمكن المسّ بها مهما كانت الظروف". وقال الكاتب إن شخص مثل "البرادعى" قادر على المشاركة فى ذلك حيث إنه شارك قى صياغة دستور جنوب أفريقيا والبرازيل. وختم الكاتب مقاله، إنه بدون نصوص دستورية حاكمة، لن تتحقق الديمقراطية التى يتطلع إليها المصريون.